أستاذ الحساب.. أبو الوفا البوزجاني

أحمد الجنابي

تتناول الحلقة الـ38 من سلسلة بالهجري حدثا وقع في مثل شهر رجب الحالي حسب التقويم الهجري، وهو وفاة عالم الحساب والفلك المسلم أبي الوفا البوزجاني عام 388 للهجرة (998 للميلاد).

هو أبو الوفا محمد بن محمد بن يحيى بن إسماعيل بن العباس البوزجاني، ولد في مدينة بوزجان في خراسان ببلاد فارس عام 328 للهجرة (940 للميلاد)، وتتلمذ في بداية حياته على يد المعروف بأبي عمرو المغازلي وخاله محمد بن عنبسة، وتعلم منهما ما يرتبط بالعدديات والحساب.

انتقل إلى بغداد وهو في التاسعة عشرة من عمره ليصقل موهبته العلمية في حاضرة العلم في ذلك الزمان. بدأ مسيرته العلمية بشروحات ماهرة لمؤلفات علماء حساب كبار مثل الإغريقي إقليدس والعالم المسلم الخوارزمي. وقد لفتت تلك الشروحات الأنظار إلى عبقريته ونبوغه.

‪أثنى سارتون في كتابه تاريخ العلوم على علم البوزجاني وإسهاماته‬ (الجزيرة)
‪أثنى سارتون في كتابه تاريخ العلوم على علم البوزجاني وإسهاماته‬ (الجزيرة)

تمتع باحترام الطبقة الحاكمة في بغداد، وكان الوزير ابن سعدان من الرواد المنتظمين لمجالسه التي ضمت أيضا عددا من وجوه العلم مثل أبي حيان التوحيدي.

من إنجازاته العلمية الخالدة ابتكاره للنسب المثلثية حيث كان أول من استخدمها لحل المسائل الحسابية. وضع الجداول الحسابية للماس، وأضاف إلى ما جاء به الخوارزمي وتعد إضافاته أساسا لعلاقة علم الجبر بالهندسة.

وقف له علماء العالم احتراما وإجلالا لإسهاماته المتميزة في الرياضيات والفلك. وصفه المؤرخ البلجيكي جورج سارتون في كتابه "تاريخ العلوم" بأنه أعظم علماء الحساب في الإسلام.

أما المستشرق الفرنسي المعروف البارون كارادي فو فرأى أن "الخدمات التي قدمها أبو الوفا لعلم المثلثات لا يمكن أن يجادل فيها، فبفضله أصبح هذا العلم أكثر بساطة ووضوحا".

كتب مؤلفات قيمة منها كتاب الزيج والكامل الذي تناول فيه مسائل فلكية. أما أشهر مؤلفاته فهو "كتاب المجسطي" الذي تناول فيها كتاب المجسطي الأصلي للعالم اليوناني بطليموس، قدم فيه شروحات لم يسبق لها مثيل في الرياضيات والفلك، ولا تزال المخطوطات الأصلية لهذا العمل محفوظة في المكتبة الوطنية في العاصمة الفرنسية باريس.

المصدر : الجزيرة