الحصار والخلافات تهدد بانهيار القطاع الصحي بغزة

لقاء مفتوح نظمته الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان لمناقشة واقع الحق في الصحة لمواطني قطاع غزة/ من اليمين محمود ظاهر ممثل منظمة الصحة العالمية، يليه نائب مدير عام الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان، يليه مدحت محيسن وكيل وزارة الصحة المساعد في قطاع غزة، بهجت الحلو مدير اللقاء المفتوح، يليه في اقصى اليسار عائد ياغي منسق قطاع الصحة في شبكة المنظمات الأهلية.
خلال اللقاء المفتوح الأربعاء حذر أطباء ومختصون بالمجالين الإنساني والحقوقي في غزة من انهيار القطاع الصحي بالكامل (الجزيرة)

أحمد فياض-غزة

لم تنجح محاولات أم الطفل يوسف الأغا في المحافظة على هدوئها وهي تتحدث عن ملابسات وفاة رضيعها جراء إعاقة تحويله للعلاج في أحد المشافي الإسرائيلية، فغلبتها الدموع وشوشت موجات البكاء صوتها المختنق حزنا على فقدانها يوسف قبل نحو شهر ونصف الشهر.

وبدت الأم المحزونة -في كلمتها خلال اللقاء المفتوح الذي نظمته الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان لمناقشة واقع الحق في الصحة لمواطني قطاع غزة- مستغربة من عدم استجابة السلطة الفلسطينية في رام الله على طلب تحويل طفلها بعد ساعات من وفاته، وبعد مضي 17 يوما على طلب التحويل العاجل جدا والمعنون تحت بند (إنقاذ حياة) من مستشفى الرنتيسي للأطفال بغزة.

وتمثل حالة الرضيع يوسف جانبا من جوانب أخرى كثيرة تسببت في تردي الواقع الصحي لسكان قطاع غزة، وتنذر بعواقب وخيمة ستمس هذا القطاع الحيوي الهام بفعل سلسلة إجراءات إدارية وسياسية اتخذتها أو تنوي السلطة الفلسطينية اتخاذها بحق غزة.

وخلال اللقاء المفتوح الأربعاء، حذر أطباء ومختصون في المجالين الإنساني والحقوقي في قطاع غزة من انهيار القطاع الصحي بالكامل، نتيجة اعاقة تحويل المرضى إلى الخارج ونقص الأدوية والكهرباء وتهديد السلطة الفلسطينية بإحالة مئات الموظفين في وزارة الصحة بغزة إلى التقاعد المبكر.

وأكد ممثل منظمة الصحة العالمية بغزة محمود ضاهر -في كلمة له خلال اللقاء- أن التصاريح الممنوحة لمرضى الأمراض المستعصية والمزمنة والخطيرة تراجعت نسبتها خلال الشهر المنصرم إلى أكثر من 60%.

‪تحذيرات من مخاطر منع مرضى غزة من العلاج بالخارج‬ تحذيرات من مخاطر منع مرضى غزة من العلاج بالخارج (الجزيرة)
‪تحذيرات من مخاطر منع مرضى غزة من العلاج بالخارج‬ تحذيرات من مخاطر منع مرضى غزة من العلاج بالخارج (الجزيرة)

انقطاع التيار
وبشأن انعكاس انقطاع التيار الكهربائي على القطاع الصحي، قال ضاهر إن المشافي في قطاع غزة بحاجة لتدخل المجتمع الدولي لتوفير الوقود اللازم لتشغيل مولداتها الكهربائية، لافتا إلى أن المتوفر من الوقود لا يكفي سوى لشهر أو شهر ونصف الشهر قادمين.

من جانبه، أعرب منسق قطاع الصحة في شبكة المنظمات الأهلية الطبيب عائد ياغي عن أسفه حيال عجز المسؤولين الفلسطينيين في غزة ورام الله عن تجنيب القطاع الصحي الخلافات والتجاذبات السياسية، مشيرا إلى أن الخلافات السياسية الداخلية ومعها الحصار الإسرائيلي قادت إلى تدهور الأوضاع الصحية في قطاع غزة.

وذكر ياغي -في حديث إلى الجزيرة نت– أنه في حال تطبيق القرار المرتقب لرئيس السلطة محمود عباس بشأن إحالة المئات من العاملين في القطاع الصحي إلى التقاعد المبكر، فإن ذلك سيصيب القطاع الصحي بالشلل، وسيحول دون تقديم الكثير من الخدمات الضرورية للمرضى.

من ناحيته، أوضح جميل سرحان نائب المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان أن قطاع غزة يتعرض لتمييز عنصري تمارسه السلطة الفلسطينية بحقه، عبر عقوبات جماعية تفرضها على المواطنين في القطاع.

‪سرحان: قطاع غزة يخضع منذ 2007 إلى إجراءات يستخدم القانون من أجل تمريرها‬ سرحان: قطاع غزة يخضع منذ 2007 إلى إجراءات يستخدم القانون من أجل تمريرها (الجزيرة)
‪سرحان: قطاع غزة يخضع منذ 2007 إلى إجراءات يستخدم القانون من أجل تمريرها‬ سرحان: قطاع غزة يخضع منذ 2007 إلى إجراءات يستخدم القانون من أجل تمريرها (الجزيرة)

عقوبات جماعية
وأضاف سرحان أن قطاع غزة يخضع منذ عام 2007 إلى إجراءات يستخدم القانون من أجل تمريرها، مشيرا إلى أن السلطة الفلسطينية استخدمت القانون في تكييف مخالفاتها، وهو ما جعلها تستخدمه في سبيل فرض عقوبات جماعية سكان قطاع غزة.

وطالب سرحان كل الفلسطينيين بمختلف فصائلهم وقواهم ومؤسساتهم المدنية لاتخاذ الخطوات اللازمة من أجل الضغط على المسؤولين بالضفة للتراجع عن إجراءاتهم بحق القطاع الصحي في غزة.

واستنادا إلى إحصاءات وتوثيقات مركز الميزان لحقوق الإنسان التي أعلن عنها الأربعاء في تقرير له بهذا الخصوص، فإن الأوضاع الصحية في قطاع غزة تشهد تدهورا خطيرا وغير مسبوق بسبب النقص الحاد في 184 صنفا دوائيا، و270 مستهلكا ومستلزما طبيا متداولا.

ويشير التقرير إلى أن التهديدات بإحالة 3879 كادرا بشريا عاملا في وزارة الصحة بغزة إلى التقاعد المبكر، من بينهم 942 طبيبا مختصا و876 ممرضا سيقود يؤدي إلى انهيار المنظومة الصحية بالكامل.

المصدر : الجزيرة