ما هي قرحة بورولي؟

سنابشوت من موقع منظمة المجتمع العلمي العربي: قرحة بورولي في أستراليا
صور من موقع منظمة المجتمع العلمي العربي

أ. د. عبد الرؤوف المناعمة

قرحة بورولي (Buruli Ulcer) هي عدوى مزمنة، تسببها بكتيريا المُتَفَطِّرَة المُقَرِّحَة (Mycobacterium Ulcerans)، وتقوم السموم التي تنتجها البكتيريا بتدمير خلايا الجلد، والحويصلات الدموية الصغيرة والدهون تحت الجلد، مما يؤدي إلى التقرح وفقدان الجلد. وتوصف بأنها آكلة للحم نظراً للتقرحات الكبيرة التي تحدثها العدوى.

وتعتبر المُتَفَطِّرَة المُقَرِّحَة ثالث أكثر أنواع المتفطرة شيوعاً بعد السل والجذام. ومع الأعداد المتزايدة لحالات العدوى الجديدة، من المتوقع أن تتفوق قرحة بورولي عدديا على الجذام قريباً.

وتم تأكيد العلاقة السببية بين البكتيريا والمرض لأول مرة عام 1948. ويبدأ المرض عادة ككتلة تحت الجلد، تليها قرحة سطحية في موقع تَكّون الكتلة. ثم تقوم البكتيريا المتفطرة المتقرحة بإنتاج  Mycolactone، وهو السم الذي يسبب موت الخلايا. وتتراوح أشكال المرض بين عقد صغيرة متموضعة، إلى تقرحات منتشرة على نطاق واسع، أو مرض غير تقرحي مثل التهاب العظم.

وتحدث التقرحات في كثير من الأحيان في الأطراف، فتصل النسبة في الأطراف العلوية إلى 35%، بينما في الأطراف السفلية تصل إلى 55%، أما في الأجزاء الأخرى من الجسم تصل إلى 10%.

وتكون معدلات الوفيات المرتبطة بقرحة بورولي منخفضة، ولكن لا يزال المرض يشكل عبئاً اجتماعياً واقتصادياً. وانتشار التقرحات وموت الأنسجة قد يحدث في بعض الحالات على نطاق واسع ليصل إلى 15% من سطح جلد المريض، ويمكن أن يمتد عميقاً، ويتسبب في مضاعفات أكبر.

ويصيب المرض جميع الفئات العمرية، ولكنه يؤثر في المقام الأول على الأطفال من عمر 5 إلى 15 عاما، باستثناء أستراليا، حيث تكون قرحة بورولي أكثر انتشاراً بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً.

تم رصد هذا المرض في أكثر من 33 دولة حول العالم، ذات بيئات مناخية مختلفة، بما فيها غويانا الفرنسية، وبيرو، والمكسيك، وبابوا غينيا الجديدة، واليابان، وجنوب الصين. معظم الحالات قد سُجلت في بلدان غرب ووسط أفريقيا، مثل الكاميرون، وجمهورية الكونغو الديموقراطية، وغانا، وساحل العاج. كما لوحظ في مناطق ذات مناخ معتدل مثل جنوب شرق أستراليا.

وفي عام 2015، أبلغت 13 دولة عن 2037 حالة جديدة. ومنذ سبتمبر/أيلول 2017، تم تسجيل 159 حالة جديدة في فيكتوريا (أستراليا)، وما يزيد الأمر تعقيداً، هو عدم فهم آلية انتقال العدوى وانتشار المرض.

وهناك افتراضات بأن يكون البعوض وحيوان الأبسوم نواقل للمرض، ونظريات أخرى افترضت وجود البكتيريا في التربة ودخولها لجسم العائل عبر الجروح. وإلى أن يأتي اليوم الذي نصبح فيه قادرين على معرفة آلية وأسباب انتشاره، سيبقى خطر هذا المرض هاجساً يطارد جميع الدول، حتى تلك التي لم تسجل أية حالات إصابة على الإطلاق.

هناك افتراضات بأن يكون البعوض وحيوان الأبسوم نواقل للمرض

الأعراض
تظهر في البداية عقد صغيرة غير مؤلمة تحت الجلد ويكون قطرها حوالي 1-2 سم، ثم يبدأ تدمير الأنسجة المحيطة بتلك العقد دون وجود أعراض لـ الحمى أو تضخم العقد الليمفاوية، ثم تتحلل العقد لتشكل تقرحات غير مؤلمة، ثم تمتد التقرحات لتصل إلى أنسجة أكثر عمقاً، فتدمر العضلات والأوعية الدموية والأعصاب والعظام.

ويتطلب علاج قرحة بورولي المكوث مدة طويلة في المستشفيات، ويتم اللجوء في بعض الأحيان للجراحة بغرض التخلص من الأنسجة الميتة، ثم تتم عملية ترقيع الجلد لتسريع عملية الشفاء، وتقليل مدة المكوث في المرافق الصحية. ويكون هذا التدبير متزامناً مع استخدام مجموعات مختلفة من المضادات الحيوية التي يتم إعطاؤها للمريض لمدة قد تصل إلى ثمانية أسابيع.

الوقاية
بسبب عدم معرفة طرق انتقال المرض بشكل مؤكد، من الصعب تحديد التدابير الوقائية اللازمة، خاصة مع عدم وجود لقاح ضد المرض.

ولكن من المنطقي أن يقوم الأشخاص بحماية أنفسهم من المصادر المحتملة للعدوى مثل التربة ولدغات الحشرات.

ولا بد من توعية السكان في المناطق التي ينتشر فيها المرض بمراجعة الطبيب حال الاشتباه بالإصابة، وذلك قد يساعد في منع حدوث المضاعفات.
_______________________

* الجامعة الإسلامية، غزة

المصدر : منظمة المجتمع العلمي العربي