أكل الأعشاب في مضايا.. كالمستجير من الرمضاء بالنار

أسامة أبو الرب

مع استمرار الحصار المفروض على مدينة مضايا من قبل النظام السوري وحزب الله اللبناني، بدأت ترد شهادات عن أكل بعض سكانها للأعشاب نتيجة المجاعة التي يعيشونها والتي حرمتهم أي نوع من الغذاء، ولكن هل يمكن لأعشاب الأرض أن تقي سكان مضايا من الموت جوعا؟

قد يعتقد البعض للوهلة الأولى أن الأعشاب خيار ملائم في حالات المجاعة، وأن تناولها نيئة أو مطبوخة لجعلها أكثر طراوة قد يشكل وسيلة للنجاة من الموت، إلا أن المعطيات العلمية المتعلقة بجسم الإنسان وتركيبة الأعشاب تجعل ذلك الاعتقاد خاطئا.

علميا، ينتمي الإنسان إلى مجموعة الكائنات القارتة (Omnivore) وهي التي تأكل النباتات والحيوانات، أما الماشية -مثل الخيول والأبقار- فتنتمي إلى الكائنات العاشبة (Herbivore)، أما الكائنات اللاحمة (Carnivore) فهي التي تأكل اللحوم أو الحشرات فقط.

ومع أن الإنسان قادر على أكل النباتات، فإن الأعشاب تشكل له مشكلة كبيرة تتمثل في الجوانب التالية:

  • تحتوي الأعشاب على السليوز، وهو من الألياف، وبينما تستطيع بعض الحيوانات والحشرات هضمه في أمعائها والاستفادة منه مثل الكوالا وحشرة الأرضة (termites)، فإن هذا لا ينطبق على الإنسان، إذ لا تحتوي أمعاؤه على الكائنات الدقيقة القادرة على تحطيمه وامتصاصه.
  • تمتلك الماشية -مثل الأبقار- معدة تتكون من عدة حجرات، وتمارس عملية الاجترار، حيث تتناول الأعشاب وتخزنها في المعدة، ثم تعيدها إلى الفم وتمضغها مرة أخرى وتبتلعها، مما يعطيها القدرة على هضم هذه الأعشاب، وهو أمر لا ينطبق على الإنسان.
  • تحتوي الأعشاب على نسبة معتبرة من مادة السيليكا*، وهي مادة مخرشة يعتقد أن وجودها في الأعشاب وسيلة دفاعية ضد ملتهميها من الحيوانات، وذلك لجعل مضغها أصعب، وهذه المادة لها تأثير سلبي أيضا على الأسنان وتؤدي إلى تآكلها.

بناء على ما سبق فإن تناول الأعشاب غالبا ما يقود إلى المضاعفات التالية:

  • تخريش الأسنان.
  • تلبك المعدة.
  • تحفيز التقيؤ.
  • حدوث إسهال.
  • التقيؤ والإسهال يعملان على فقدان الجسم السوائل، مما يزيد من مخاطر الجفاف.
  • طالما أن أمعاء الشخص غير قادرة على هضم العشب فإن الجسم لا يستفيد منه كمصدر للطاقة.

وهذا يعني أن محاصري مضايا الذين أكلوا الأعشاب هم كالمستجيرين من الرمضاء بالنار، وأنها لن تنقذهم من الموت الذي يأتيهم في شكل "رصاصات من الجوع"، قتلت -وفقا لمنظمة "أطباء بلا حدود"- منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي 23 شخصا، و"ما زال الحبل على الجرار".
_______________
* Silica in grasses as a defense against insect herbivores: contrasting effects on folivores and a phloem feeder. Massey FP1, Ennos AR, Hartley SE. J Anim Ecol. 2006 Mar;75(2):595-603.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية