العزلة قاتلة.. حتى لو كانت أقل من مائة عام

Sad man sitting on floor at home
الأشخاص الذين يعيشون وحدهم يرتفع لديهم خطر الموت بنسبة 32% (غيتي)

كثيرون منا قرأوا رائعة غابريل ماركيز "مائة عام من العزلة" والتي تدور أحداثها حول خوسيه أركاديو بونديا مؤسس مدينة "ماكوندو" وسلالته، ضمن فترة زمنية امتدت على مدار مائة عام. واليوم فإن دراسة أجراها باحثون بجامعة بريغهام يونغ بالولايات المتحدة ستخلص إلى نتائج مشابهة لما انتهت إليه رواية ماركيز.

فالوحدة قاتلة، وهذا وفقا لدراسة الباحثين التي نشرت بمجلة "بروسيكتيفس إن سايكوليجيكال ساينس" وهي تشابه ما عاناه أبطال رواية "مائة عام من العزلة" والذي قادهم في النهاية إلى مصيرهم المحتوم.

إذ توصل الباحثون إلى أن الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة ترتفع لديهم مخاطر الموت بنسبة 26%، ومن يشعرون بأنهم معزولون اجتماعيا -أي يفتقدون لوجود شبكة من العلاقات الاجتماعية- يرتفع لديهم خطر الموت بنسبة 29%. أما الذين كانوا يعيشون لوحدهم فارتفع لديهم هذا الخطر بنسبة 32%.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد وجد الفريق البحثي أنه حتى الأشخاص الذين قالوا إنهم سعداء بالرغم من أنهم وحيدون ارتفعت لديهم مخاطر الموت، وبشكل مشابه للأشخاص الذين كانت لديهم صلات اجتماعية لكنهم في نفس الوقت كانوا يشعرون بالوحدة.

undefined

عزلة شعورية
والأخير نوع مختلف من الوحدة التي قد تكون "عزلة شعورية" إذ يكون لدى الشخص علاقات مع الناس لكنه يشعر أنه منفصل عنهم ويعيش معزولا عنهم، وهو أمر مؤذ أيضا.

ودعا كاتب الدراسة جوليان هولت-لانستاد إلى أخذ هذه المعطيات بشكل جدي، لأنه أمر يجب أن يصبح قضية تؤثر في الصحة العامة للمجتمع.

وتساعد طبيعة الحياة الحديثة الناس على العزلة، مثل استعمال الحاسوب والهاتف الذكي للشراء والتوصيل، ووسائل الترفيه المنزلية، بالإضافة لساعات العمل الطويلة التي تجعل الناس مشغولين عن بعضهم، وتغير طبيعة العلاقات الاجتماعية.

ويشير الباحثون إلى أن العلاقات الاجتماعية لها آثار جيدة على الصحة، إذ تساعدنا في التعامل مع الضغوط والتوتر، وتحسن وظيفة جهاز المناعة، وتعطي "معنى" لحياة الناس.

وعودة لرواية ماركيز -التي نشرت عام 1967-  فبالرغم من تشعب أحداثها وتشابك شخصياتها، فإن من الواضح أن أبطالها جميعا يعيشون في عزلة حتى وإن كثرت علاقاتهم الاجتماعية، وهو أمر قد يفسر عنوان الرواية. وهذه العزلة قادت ذرية مؤسس مدينة ماكوندو إلى نهايتهم، فقد ضرب إعصار مدمر المدينة ليقضي على من تبقى من سلالة خوسيه ويمسحها من على وجه الأرض.

المصدر : تايم