حياة أطباء نينوى تحت تهديد تنظيم الدولة
"حياتنا مهددة ونعمل بظروف قاهرة"، بهذه الكلمات بدأ طبيب جراح يعمل في إحدى مستشفيات محافظة نينوى -رفض الكشف عن اسمه خوفا من ملاحقة تنظيم الدولة له- حديثه عبر وسيط، مشيرا إلى أن الوضع الصحي في المدينة سيئ للغاية، مما يضطرهم للعمل بظروف استثنائية غالبا تحت التهديد.
وأكد أن العمل في الدوائر الصحية بات وفقا لنظام التمويل الذاتي، بعدما تعرضت مصادر التنظيم إلى كارثة حقيقية سببت نقصا حادا في موارده، وفقا للطبيب.
وكان تنظيم الدولة قد أمهل الكوادر الطبية والموظفين في الموصل ممن غادروها حتى منتصف شهر يونيو/حزيران الماضي للعودة إليها، مهددا المخالفين بمصادرة جميع أموالهم ومعاملتهم كـ"مرتدين".
وقال الطبيب إن القطاع الصحي يشهد أزمة حقيقية سواء لكوادره الطبية التي باتت تعمل بأجور رمزية أو للنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات، ولفت إلى أن غالبية الأطباء ممنوعون من السفر وتحت رقابة دائمة، مضيفا أن المؤسسات الصحية تخلو تماما من اللقاحات الموسمية وأدوية الأمراض المزمنة، مما أدى إلى تفاقم الأمراض لدى بعض الأطفال وكبار السن.
نقص بالأدوية
وأضاف أن كافة المستشفيات تعاني شحا في الأدوية، الأمر الذي يضطر المريض للجوء إلى الصيدليات الأهلية التي باتت تبيع الأدوية بأسعار خيالية، لافتا إلى أن المدينة أضحت تعتمد على أدوية من مصادر سورية وتركية رديئة تباع في المستشفيات بمبالغ لا يمكن تأمينها لتردي الوضع الاقتصادي.
وفي ما يتعلق بأجور الكشف والعمليات، قال إن غالبية العمليات والخدمات الطبية تجرى لقاء مبالغ فرضتها المستشفيات التي يديرها بعض قادة التنظيم، محذرا من تدهور الوضع الصحي بما يؤثر على حياة الكثيرين الذين لا يستطيعون مراجعة المستشفيات والعيادات الخاصة بسبب غلاء الأسعار.
وبحسب مصادر في المدينة، فإن إدارة مستشفيات الموصل حددت رواتب الأطباء بما بين تسعين ألفا و150 ألف دينار عراقي شهريا (الدولار يساوي 1188 دينارا عراقيا)، بعد أن كان يتقاضى الطبيب أكثر من ثلاثة ملايين دينار عراقي، فيما يتقاضى الممرض أو الممرضة مرتباً مقداره 75 ألف دينار عراقي.
كما حددت أجور العمليات الجراحية، فأجور الولادة الطبيعة من خمسين ألفا إلى مئة ألف دينار عراقي، بينما العملية القيصرية من مئة ألف إلى 150 ألف دينار عراقي، وأجور الأشعة السينية أصبحت ما بين عشرة آلاف إلى 25 ألف دينار عراقي.
من جانبه، أكد مدير صحة نينوى خالد البياتي -والتي أصبح مقرها دهوك حاليا (شمال بغداد)- عدم توفر أية معلومات بشأن الوضع الصحي في المدينة، مضيفا أن الوضع صعب للغاية خاصة أن المستشفيات تدار من قبل عناصر التنظيم وليس من قبل موظفيها.
وأضاف البياتي "نعتمد على ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام لمعرفة ما يجري في المحافظة".
وسطاء
واعتبر المتحدث باسم وزارة الصحة أحمد الرديني، غالبية أجزاء محافظة نينوى محتلة، ومن الصعب على بغداد تأمين حصتها من الأدوية واللقاحات، مؤكدا أنه تم صرف كامل التخصيصات المالية والأدوية واللقاحات إلى المناطق المحررة وللعوائل النازحة.
وأشار الرديني إلى أن العديد من المنظمات الإنسانية ومنظمة الصحة العالمية، تقدم المساعدات لكن عن طريق بعض الوسطاء.
وتعذر الوصول لمصادر في تنظيم الدولة للتعليق على شهادة الطبيب، في ما يرى مؤيدو التنظيم أن الوضع الصحي في العراق كله متردٍ وليس فقط في مناطق سيطرة التنظيم، وهو أمر كان أحد مسببات حركات الاحتجاج التي شهدتها مدن عراقية، وأن إلقاء اللوم على التنظيم يغفل الحرب التي يتعرض لها من قبل الحكومة العراقية والتحالف الدولي.