قصة الملاريا

تحذير من انتشار ملاريا مقاومة للعقاقير
الملاريا تنتقل من خلال إناث بعوضة الأنوفوليس (دويتشه فيلله)

أ. الدكتور عبد الرؤوف علي المناعمة

الملاريا مرض خطير، وقد يكون مميتا كذلك، يتسبب به طفيل مجهري يعرف بالبلازموديوم (Plasmodium) وينتقل من خلال إناث بعوضة الأنوفوليس (Anopheles) خلال حصولها على وجبة دم من الضحية.

وذكر مرض الملاريا لأول مرة منذ أكثر من أربعة آلاف سنة، فقد وصفت أعراضه في الكتابات الطبية الصينية القديمة، وكان هذا المرض معترفا به على نطاق واسع في اليونان بحلول القرن الرابع قبل الميلاد، فقد أشار أبقراط إلى أعراضه الرئيسية في كتاباته الطبية، ووصف أعراض حمى الملاريا، ونسبت إلى لدغات بعض الحشرات.

وعزا عدد من الكتاب الرومانيين مرض الملاريا إلى المستنقعات، وأدى اكتشاف ارتباط الملاريا بالمياه الراكدة إلى قيام الرومان بوضع برامج للصرف الصحي كانت من بين أولى طرق الوقاية الموثقة ضد المرض.

وتم العثور على أول دليل على طفيليات الملاريا في البعوض المحفوظ، والذي يعود إلى عصر الباليوسين (Paleocene period) أي حوالي ثلاثين مليون سنة، وهكذا يمكننا أن نتصور أن الملاريا كانت موجودة في جميع مراحل التطور البشري.

أما البيانات الموثوقة المتوفرة عن عدد الوفيات فهي من عام 1900 وحتى الوقت الحاضر، فوفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية لعام 1999، فإن العالم خلال النصف الأول من القرن العشرين استمر بتسجيل حوالي مليوني حالة وفاة بسبب الملاريا سنويا، وكانت هذه الوفيات في الأغلب أطفالا في الشرق الأوسط وعبر شبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا إلى جزر غرب المحيط الهادئ، بما في ذلك إندونيسيا والفلبين.

واليوم يعيش أكثر من 40٪ من سكان العالم في 106 بلدان وأقاليم يزداد فيها خطر الإصابة بالملاريا، وفي عام 2013 قدر عدد الحالات بحوالي 198 مليون حالة إصابة بها، وحوالي 584 ألف حالة وفاة.

وأدت زيادة تدابير الوقاية والمكافحة إلى خفض معدلات الوفيات الناجمة عن الملاريا بنسبة 47% على الصعيد العالمي منذ عام 2000 وبنسبة 54% في الإقليم الأفريقي لمنظمة الصحة العالمية.

وبين عامي 2010 و2015 انخفضت معدلات الحالات الجديدة للإصابة بالملاريا بنسبة 21% على الصعيد العالمي وفي الإقليم الأفريقي، وانخفضت معدلات الوفيات الناجمة عن الملاريا بنسبة 29% على الصعيد العالمي و31% في الإقليم الأفريقي.

في عام 2015 كان هناك 214 مليون حالة جديدة للإصابة بالملاريا في جميع أنحاء العالم، وكانت النسبة الكبرى في الإقليم الأفريقي لمنظمة الصحة العالمية (90%)، يليها إقليم جنوب شرق آسيا (7%) وإقليم شرق المتوسط (2%).

أما عن عدد الوفيات بسبب الملاريا في نفس العام فقد بلغ 429 ألف حالة وفاة في جميع أنحاء العالم كان معظمها في الإقليم الأفريقي (92%)، تليها منطقة جنوب شرق آسيا (6%) وإقليم شرق المتوسط (2%).

undefined 

كبد
وينتقل الطفيل المسبب للملاريا إلى البعوضة عند لدغها شخصا مصابا، وعند لدغها شخصا آخر فإنها تنقل الطفيل له فيسافر الطفيل حتى يصل كبد الشخص المصاب، وبعد أن ينضج فإنه يترك الكبد ويصيب خلايا الدم الحمراء.

وفي هذا الوقت تبدأ الأعراض الخاصة بالملاريا والتي تشمل الحمى، القشعريرة، الصداع، الإسهال، الغثيان، القيء، الضعف العام وآلاما في الجسم، أما الأعراض المصاحبة للملاريا الحادة فتشمل فقر الدم الشديد (بسبب تدمير عدد كبير من خلايا الدم الحمراء)، الفشل الكلوي، فقدان الوعي، الهذيان، أو التشويش الذهني، انهيار القلب والأوعية الدموية، والوذمة الرئوية (Pulmonary edema).

ولأن الطفيل الذي يسبب الملاريا يؤثر على خلايا الدم الحمراء فإنه يمكن للناس أيضا التقاط الملاريا من خلال التعرض للدم المصاب، بما في ذلك من الأم إلى الطفل الذي لم يولد بعد من خلال نقل الدم أو عن طريق مشاركة الإبر المستخدمة في حقن المخدرات.

وفي حين أن المرض غير شائع في المناخات المعتدلة فإن الملاريا لا تزال سائدة في البلدان المدارية وشبه المدارية، ولهذا فإن العيش في تلك المناطق أو السفر إليها يعد عامل خطر للإصابة بالملاريا، ومع ذلك فإن هناك مخاوف من انتشار هذا المرض وأمراض أخرى في مناطق جغرافية جديدة، بسبب الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية التي من شأنها توفير بيئات ملائمة لتكاثر البعوض الناقل لطفيل الملاريا.

المصدر : منظمة المجتمع العلمي العربي