تحذير من إدمان المخدرات بأميركا وانتقادات للأطباء
تشير تقارير مراكز التحكم بالأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة إلى أن ظاهرة إدمان
المخدرات تعد "أسوأ أزمة في التاريخ" في حين تنتقد على وجه الخصوص موقف الأطباء منها، نظرا لأنها رصدت خلال عام 2012 تحرير نحو 258 مليون وصفة "روشتة" علاجية تحتوي على أدوية بها عقاقير مخدرة كمسكنات ومهدئات، وهذا يعني أن هذه الأدوية باتت بالفعل في متناول جميع السكان البالغين من الشعب الأميركي.
ويوضح تقرير أن التحاليل أثبتت وجود آثار هيروين في دماء أكثر من 50% من ضحايا المخدرات، مما يثير مخاوف بشأن عودة الهيروين للسيطرة على قطاع تعاطي المخدرات في نيويورك، خاصة بعدما تضاعفت في السنوات الثلاث الأخيرة أعداد الوفيات بين مدمني هذا المخدر.
ويقول أندرو كولدوني مدير القطاع الطبي بوكالة "فونيكس هاوس" لمكافحة الإدمان إنه نظرا لصعوبة حصول الشباب على جرعتهم بطريقة شرعية يضطرون للجوء إلى السوق السوداء، حيث يمكنهم شراء ما يحتاجون مقابل أسعار تبدأ من خمسة دولارات فقط.
كولدوني حذر من وصف بعض الأطباء أدوية تحتوي على المورفين أو الأفيون ومشتقاته لمريض على فترات طويلة، مشيرا إلى أن هذا يُعد أحد أسباب الإدمان |
بُعد مختلف
ويبدو أن ظاهرة الإدمان هذه المرة تأخذ بعدا مختلفا عن تلك التي عاشتها الولايات المتحدة مع الكوكايين بالسبعينيات والثمانينيات، والتي كانت مأساة حقيقية تصدرت عناوين الصحف وتقارير وسائل الإعلام المختلفة بشكل يومي.
في هذا الصدد، يوضح كولدوني أنه في تلك الفترة كان غالبية الضحايا من الأميركيين من ذوي الأصول الأفريقية "الأفروأميركيين" وفقراء من أصول متواضعة للغاية بالمدن الكبرى. إلا أنه في الوقت الراهن تشهد الظاهرة انخراط قطاعات جديدة من المتعاطين تضم عدة شرائح.
وتنتمي الشريحة الأولى إلى أبناء الطبقة المتوسطة، وتتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما، وسقطوا في فخ الإدمان بسبب الإفراط في تناول العقاقير الطبية ذات التأثير المخدر من مسكنات ومهدئات وغيرها. أما الشريحة الثانية فتنتمي لأبناء الطبقة المتوسطة المرتفعة، وتتراوح أعمارهم بين أربعين وسبعين عاما. وتوضح التقارير أن غالبيتهم من البيض ذوي الأصول الريفية.
ويحذر كولدوني من وصف بعض الأطباء أدوية تحتوي على المورفين أو الأفيون ومشتقاته لمريض على فترات طويلة، مشيرا إلى أن هذا يُعد أحد أسباب الإدمان بين أوساط الشريحة الثانية من المتعاطين.
إجراءات رقابية
وإزاء هذا الوضع، بدأت العديد من الولايات في تطبيق إجراءات رقابية أكثر صرامة وعن قرب، على أمل تقليص عدد الوصفات العلاجية، ولنشر مزيد من التوعية حول مخاطر ظاهرة الإدمان بأبعادها الجديدة بالولايات المتحدة.
كما تم إطلاق العديد من البرامج للتحذير من تعاطي أدوية مسكنة أو مهدئة فترات طويلة، حتى لو كانت تحت إشراف الطبيب. ويبدو أن هذه الجهود الحثيثة بدأت بالفعل تؤتي ثمارها.
ووفقا لمراكز التحكم بالأمراض والوقاية منها بولاية فلوريدا، فقد تراجعت بشكل ملحوظ أعداد الوفيات نتيجة الإفراط في تناول عقار (Oxycodon) المُسكّن بنسبة تصل إلى النصف مقارنة بتقارير عامي 2010 و2012.
كما تحاول نيويورك مواجهة المعركة بشكل حاسم، إذ شرعت منذ مايو/أيار الماضي في تزويد أفراد الشرطة بكميات من عقار (nalaxona) الذي يستخدم في إفاقة متعاطي عقاقير مسكنة أو مهدئة مشتقة من الأفيون، في حالة وجود ضحية على وشك أن يفقد حياته نتيجة لجرعة زائدة. ويرى كولدوني أن هذا الإجراء من شأنه إنقاذ أرواح الكثيرين، كما أنه يشكل خطوة أولى مهمة في الاتجاه الصحيح.