أدوية الاكتئاب تعرض الأطفال للإصابة به

قدرة الطفلة الأنثى في السيطرة على عواطفها والاعتماد على نفسها أكثر من الذكر

وليد الشوبكي
درس باحثون أميركيون أثر أحد مضادات الاكتئاب الشائعة على فئران التجارب، وخلصوا إلى أن حقن الفئران بجرعات من ذلك العقار في مراحل عمرية مبكرة قد أحدث اضطرابات سلوكية وانفعالية لها في مراحل لاحقة. وتلفت الدراسة النظر للأخطار التي يمكن أن تتعرض لها أجنة الأمهات الحوامل اللاتي يتعاطين ذلك العقار على صحة أطفالهن مستقبلا.

ففي الدراسة التي أشرف عليها الدكتور جاي غنغريتش من جامعة كولومبيا في نيويورك، حقن الباحثون فئران تجارب بعد 4 أيام من ولادتها بعقار "بروزاك" (فلووكستين) المضاد للاكتئاب، واستمر ذلك إلى أن صارت أعمارها 21 يوما. وبعد 9 أسابيع، وعندما وصلت االفئران لمرحلة البلوغ والنضج، تم تعريضها لاختبارات سلوكية لقياس قابلية تلك القوارض للتوتر والاكتئاب، مقارنة بنظيراتها التي لم تحقن بعقار "بروزاك".

وجد الباحثون أن الفئران التي حقنت ببروزاك كانت أكثر تخوفا من الأشياء المحيطة بها، وكذلك كانت أبطأ حركة لتفادي أي صدمات. كما أن حماس هذه الفئران لتخطي اختبار "المتاهة" كان ضعيفا.

وذكرغنغريتش –في دراسته التي نشرت الأسبوع الماضي بمجلة "سيانس"– أن تطبيق تلك النتائج بصورة استقرائية على البشر سيعني أن تعرض الأجنة أو الأطفال لجرعات من "بروزاك" قد تؤدي إلى أعراض اكتئاب وتوتر ومشاكل انفعال في مراحل لاحقة من أعمارهم.

وقد أشار غنغريتش إلى أن نتائج دراسته لا تقلل من أهمية عقار "بروزاك" في علاج حالات الاكتئاب المرضية، والتي قد تصيب السيدات الحوامل بأفكار انتحارية أو سلبية تجاه أطفالهن. كما أنها لا تعني بالضرورة أن كل سيدة حامل تعاني من الاكتئاب وتتعاطى "بروزاك" ستنجب أطفالا يصابون بالاكتئاب عندما يكبرون. لذا، يؤكد الباحث على أهمية الدراسات التي تُجرى حاليا لاستكشاف أي علاقة بين "بروزاك" وإصابة البشر بالاكتئاب.

يذكر أن "بروزاك" ينتمي إلى عائلة من العقاقير تسمى "مثبطات تدوير السيروتونين الانتقائية" (SSRIs). وتعتمد طريقة عملها على رفع مستويات المستقبلات العصبية لمركب السيروتونين الموجود في الدماغ، مما يجعلها تؤدي بكفاءة إلى علاج الاكتئاب. وقد ثبت أن ثمة علاقة مباشرة بين مستويات ذلك المركب في الدماغ والحالة المزاجية والانفعالية للفرد.

وقد تعرضت بعض شركات الدواء –التي تجني أرباحا هائلة من وراء أدوية الاكتئاب– مؤخرا للانتقاد بسبب أدويتها التي تقع ضمن تلك العائلة "SSRI". فقد اتُهمت شركة غلاكسو اسميث كلاين، مثلا، بالامتناع عن نشر نتائج اختبارات إكلينيكية على عقار باكسيل الذي تنتجه، لأن تلك النتائج كانت تشير إلى أن الأطفال الذين تعاطوه كانت لديهم "أفكار انتحارية" أكثر من نظرائهم الذين لم يتعاطوا العقار.

وأشارت نتائج نشرت مؤخرا إلى أنه رغم التصريح بسلامة "بروزاك" للسيدات الحوامل، حيث لا يؤثر ذلك العقار سلبا على وزن الأجنة أو قدراتها الإدراكية أو اللغوية، فإنه يؤدي إلى تغييرات طفيفة، وربما غير ملحوظة، في طريقة نمو الخلايا العصبية بأدمغتها. وأوضحت دراسة أخرى نشرت أوائل العام الحالي أن الأدوية من عائلة "SSRI" قد أحدثت تغييرا في أنماط نوم أطفال رضعن من أمهات تناولن العقار خلال الحمل، كما تواترت إصابتهم بالارتجاف.

بيد أنه ليس معلوما حتى الآن على وجه الدقة الكيفية التي يؤثر بها عقار "بروزاك" أو غيره من عائلة مثبطات تدوير السيروتونين على أدمغة الأطفال.

_____________
الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة