ظهور سلالات فيروسية مقاومة لأدوية الأنفلونزا

-

وليد الشوبكي
كشفت دراسة قام بها فريق بحث دولي على أحد العقارات المضادة لفيروس الأنفلونزا, أن تركيبته تؤدي إلى إحداث تغييرات جينية (وراثية) للفيروس، مما يسرع بظهور سلالات فيروسية جديدة ومقاومة للأدوية.


وجاء في الدراسة التي نشرت في مجلة "ذي لانسيت" الطبية البريطانية عدد السبت الماضي أن قائد فريق البحث عالم الفيروسات الدكتور يوشيهيرو كاووكا قام باختبار عينة من 50 طفلا يابانيا أصيبوا بالأنفلونزا، وتناولوا عقار "أوزلتاميفير" (oseltamivir) المضاد لفيروس الأنفلونزا.

وأظهرت النتائج بروز سلالات فيروسية مقاومة للعقار عند 20% من الأطفال خلال فترة قصيرة من تعاطي الدواء لا تزيد على أربعة أيام. كما لاحظ الباحثون أن إفرازات الأطفال المرضى ظلت تحتوي على كميات كبيرة من الفيروس المعدي، رغم تناول الأطفال للعقار القوي المضاد لفيروس الأنفلونزا لمدة خمسة أيام.

وقد أجريت الدراسة على أطفال متوسط أعمارهم ثلاث سنوات، ولم يصابوا بالأنفلونزا من قبل، حتى يتمكن الباحثون من دراسة الأثر الدقيق لفيروس الأنفلونزا على الجهاز المناعي الذي يفتقد أي خبرة سابقة بالفيروس، لأن ذلك سيماثل أثر اختراق أحد السلالات الجديدة من الفيروس (الناتجة عن طفرات وراثية) للجهاز المناعي للفرد البالغ.

وتوصل الأستاذ في جامعتي ويسكونسن ماديسون وطوكيو الدكتور كاووكا إلى أن تركيب عقار "أوزلتاميفير" يستحث حدوث طفرات وراثية في فيروس الأنفلونزا، مما يعجل ظهور سلالات تالية من الفيروس قادرة على مقاومة العقار، وهذا هو وجه القصور الوحيد في ذلك الدواء القوي، الذي بدأ استعماله في كل من اليابان والولايات المتحدة ولكن في نطاق محدود نظرا لارتفاع سعره.

بيد أن قصور ذلك العقار لن يقلل من أهميته كأحد خطوط الدفاع الأولى عند ظهور مرض الأنفلونزا بصورة وبائية. فهذا العقار وغيره من المضادات القوية لفيروس الأنفلونزا سيعمل على تحجيم انتشار الفيروس –عبر تثبيط بروتينات رئيسة على سطح الفيروس لمنعه من الانتشار إلى خلايا أخرى– إلى أن يتم تطوير اللقاحات المناسبة للوقاية من السلالات الجديدة من الفيروس. وهو أمر يستغرق حوالي 6 أشهر ليكون اللقاح متاحا بكميات مناسبة.

وترجع أهمية الدراسة إلى التنبيه على أن استخدام عقار "أوزلتاميفير" لمقاومة أحد سلالات فيروس الأنفلونزا التي تنتشر بصورة وبائية، سيؤدي غالبا إلى ظهور سلالات جديدة من الفيروس لا تتأثر بالعقار. ومن ثم فإن استخدام العقار يجب أن يعتبر كخطوة انتقالية فحسب حتى يتم تطوير اللقاحات المناسبة لتحصين الأفراد المهددين بالفيروس، وليس كعلاج وحيد ونهائي.

يذكر أن آخر وباء للأنفلونزا كان عام 1968، أما أشرس وباء لذلك المرض فقد حدث عام 1918 وأودى بحياة 21 مليون شخص.
_______________
المراسل العلمي – الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة