العروض.. تجارة تلهب السوق الفلسطينية وتحطم الأسعار

فلسطين-الضفة الغربية - يونيو 2018- كثرة العروض عملت على توفير في الاسعار لصالح المستهلك - مواطن يبتاع من احد التجارية التي تجري عروضا على بضائعها- تصوير عاطف دغلس- الجزيرة نت3.jpg
كثير من التجار يحرصون على استقطاب أكبر عدد من المواطنين تحت شعار "بيع كثير وربح قليل" (الجزيرة)

عاطف دغلس-نابلس

بنهاية كل أسبوع وكعادته، يقصد الفلسطيني سليم الدبيك (أبو أحمد) السوق الشرقي بمدينة نابلس بالضفة الغربية لتبضع مواده التموينية وغيرها لما تبقى من شهر رمضان، يعرف الرجل محال تجارية تقدم عروضا (تخفيضات عالية) لبيع بضائعها، فيأخذ بأقل الأسعار ما يريد.

في السنوات الأخيرة انتشرت وبشكل كثيف العروض التجارية، وهي وسيلة بيع للسلع الاستهلاكية من المواد التموينية وغيرها بأسعار أقل من الأسواق الخارجية، وهو ما خلق جوا تنافسيا وخفَّض بشكل ملحوظ الأسعار وزاد حجم البضائع المعروضة.

يلجأ أبو أحمد لهذه الطريقة لا سيما في شهر رمضان، إذ يوفر عبرها 20% من السعر ويحصل على منتج جيد، ليقضي بالمبلغ المتوفر حوائج أخرى له ولأسرته المكونة من عشرة أفراد لما تبقى من شهر رمضان والعيد.

يدرك الرجل الذي يحتاج لمصروف شهري يفوق 3500 شيكل (ألف دولار) أنه بغير هذه الطريقة لن يتمكن من سد احتياجات البيت جميعها التي تتعدى الطعام والشراب، ويقول إنه بذلك يتدبر أمواله جيدا ويعرف كيف وأين ينفقها، كما لم تعد العروض تقتصر على متجر بعينه أو على المحال الضخمة الكبيرة (المول)، لهذا تتعدد خيارات الرجل في أكثر من مكان ويجد ما يلزمه من البضائع.

‪العروض لم تعد تقتصر على محال تجارية بعينها بل أصبحت سمة عامة‬ (الجزيرة)
‪العروض لم تعد تقتصر على محال تجارية بعينها بل أصبحت سمة عامة‬ (الجزيرة)

وعي وتوفير
الوعي ذاته تولد عند الشاب علاء البظ (39 عاما)، فالعروض لم توفر ماله فحسب، بل جعلته يتحرى جيدا البضائع وينتقي أرخصها وأجودها كذلك، يتصفح الرجل مواقع التواصل الاجتماعي ليطلع وباستمرار على ما تقدمه تلك المحال التجارية.

رغم ذلك تبقى مشكلة علاء -كما هي حال كثير من الفلسطينيين- متمثلة في سوء الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدل البطالة بينهم لنحو 28% (أكثر من 360 ألف عاطل عن العمل) وسط توقعات لسلطة النقد الفلسطينية بتباطؤ معدل النمو الاقتصادي إلى 2.2% للعام الجاري وبقائه متذبذبا بفعل عوامل كثيرة أهمها عدم الاستقرار السياسي.

وهنا يحرص كثير من التجار، كالشاب مصطفى السخل صاحب محلات دريم التجارية بمدينة نابلس، على استقطاب أكبر عدد من المواطنين تحت شعار "بيع كثير وربح قليل"، ويقول إن عروضه المستمرة طوال العام تنوع زبائنه وتضاعف حجم مبيعاته و"تقلب" البضائع باستمرار.

يريد السخل كسر حالة الاستغلال والتلاعب بالأسعار الذي كان يحدثه تجار يضاعفون نسبة أرباحهم على السلع لأكثر من 50% أحيانا، ويقول إن العروض قد ترهق التاجر أحيانا بأن تعدم الأرباح لديه لكنها تجلب زبائن جددا تعوض خسائره بزيادة البيع.

توفر نسبة التخفيضات على السلع حسب مصطفى من 15% إلى 20% من قيمة فاتورة الزبون وأكثر أحيانا، ويقول إنه يعرض بضاعته بأسعار تقل عما يزيد عن 5% عن نظيرتها بالسوق الخارجي، ويقول "لهذا يأتينا الزبائن لتوفر كل ما يحتاجون وبسعر مغر".

إضافة لذلك أزاحت العروض الغبش عن أعين المستهلكين وباتوا على معرفة مسبقة بالأسعار الحقيقية والبضائع الأجود في الوقت نفسه، وهو ما تريده الجهات الرسمية والمختصة، حيث لم تنشر قائمة "السلع الاسترشادية" التي تبين البضائع الموجودة بالسوق وأسعارها، ورغم ذلك لا يزال الشراء "منخفضا".

‪التخفيضات أوجدت فائضا في العرض‬ (الجزيرة)
‪التخفيضات أوجدت فائضا في العرض‬ (الجزيرة)

منافسة شديدة
يقول مدير وزارة الاقتصاد الوطني بنابلس بشار الصيفي إن الحسومات (التخفيضات) أوجدت فائضا في العرض وقلة في الطلب، وبالتالي حالت دون احتكار البضائع وجعلتها في متناول الأيدي وخلقت منافسة شديدة بين التجار الذين يتسارعون للتخلص منها واستبدالها بأخرى جديدة.

لكن ذلك لا يمنعهم -حسب الصيفي- من مراقبة الأسواق وخاصة "بضائع العروض" ومدى تطابقها وشروط المواصفات والمقاييس الفلسطينية وعدم انتهاء صلاحيتها.

ويعزو المسؤول الفلسطيني كثرة العروض لقلة الإقبال على الشراء بفعل الانخفاض في حجم الاستهلاك أصلا نتيجة تدهور الحالة الاقتصادية للمواطنين وارتفاع الفقر، إذ تقول بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إن ثلث السكان في فلسطين يعيشون دون خط الفقر الوطني في العام 2017، حيث وصل معدل الفقر إلى 29.2% مسجلا ارتفاعا قدره 13.6% عنه في العام 2011.

المصدر : الجزيرة