هل تنهار إمبراطورية فيسبوك؟

A Facebook logo is pictured on an Apple's Ipad in Bordeaux, southwestern France, March 10, 2016. REUTERS/Regis Duvignau/Illustration
أكثر من مليار شخص يستخدمون منصة فيسبوك (رويترز)

محمد أفزاز

استبعد عدد من المحللين أن تشهد شركة فيسبوك انهيارا على خلفية استخدام غير قانوني لبيانات شخصية لملايين المستخدمين من قبل شركة "كامبريدج أناليتيكا" البريطانية، وأكد هؤلاء أن هبوط أسعار أسهم فيسبوك لا يعني تأثر ربحية الشركة ما لم تتراجع قاعدة عملائها سواء الأفراد أو المعلنون. لكن عددا من المعلنين والمستثمرين هددوا بالانسحاب من هذه المنصة.

وشهد سهم فيسبوك هبوطا قويا بلغ نحو 10% يومي الاثنين والثلاثاء قبل أن يصعد من جديد يوم أمس الأربعاء ويقلص بعضا من خسائره.

وفقدت الشركة أكثر من 45 مليار دولار من قيمتها في سوق الأوراق المالية خلال الأيام الثلاثة الماضية لتهبط إلى نحو 489 مليار دولار، بسبب مخاوف المستثمرين من أن يؤدي أي إخفاق من جانب شركات التكنولوجيا الكبرى في حماية البيانات الشخصية إلى صرف المعلنين والمستخدمين وإلى وضع لوائح أكثر صرامة.

وأثر تراجع قيمة فيسبوك في أسهم وسائل الإعلام الاجتماعي الأخرى، وعلى قطاع التكنولوجيا بصفة عامة.

زوكربيرغ أكد أن شركته ارتكبت أخطاء بشأن التعامل مع بيانات (رويترز)
زوكربيرغ أكد أن شركته ارتكبت أخطاء بشأن التعامل مع بيانات (رويترز)

تراجع القيمة السوقية
يقول الخبير في شؤون المعلومات وحلول الأعمال غيث القرشي "نهاية فيسبوك ليس أمرا سهلا لأنها صارت مشاعا للكثير من أجهزة الاستخبارات الدولية، وبالتالي فإن نهايتها نهاية للكثيرين".

ويضيف في حديث للجزيرة نت "فيسبوك ستصمد إلى مدى ليس بالقريب خاصة في ظل عدم وجود بدائل قوية تقدم سقف حرية بوسائل التواصل الاجتماعي كتلك التي تتيحها منصة فيسبوك".

بالمقابل يؤكد القرشي أن ما وصفها بفضيحة تسريب البيانات ستؤثر في مستوى مصداقية فيسبوك عند المعلنين"، متوقعا حدوث انخفاض كبير في حجم وقيمة الإعلانات التي يجذبها موقع فيسبوك.

وبخصوص مستقبل الشركة قال القرشي "لا أحد يمكن أن يتوقع كيف سيكون مستقبل شركة فيسبوك، لكن المؤكد أن قيمتها السوقية ستتأثر".

وتوقع أن يرتفع الطلب على برامج الحماية الشخصية، ما سيشكل فرصة مهمة للشركات العالمية المتنافسة في مجال حماية المعلومات.

‪القرشي: نهاية فيسبوك ليس أمرا سهلا‬ (الجزيرة)
‪القرشي: نهاية فيسبوك ليس أمرا سهلا‬ (الجزيرة)

تهديد
وهدد عدد من المعلنين الكبار بالرحيل من فيسبوك نحو فضاء آخر ما لم تقدم إجابات مقنعة وواضحة بشأن تسريب البيانات، وأكدوا أنهم لن يتساهلوا مع الشركة إذا تبين أن بيانات المستخدمين قد جرى إرسالها إلى وسطاء وناشطين سياسيين دون إذنهم.

كما قالت مجموعات مالية إنها ستتوقف عن شراء أسهم فيسبوك.

وفي محاولة للتخفيف من وطأة "فضيحة البيانات" قال الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك مارك زوكربرغ إن شركته ارتكبت أخطاء فيما يتعلق بالتعامل مع بيانات ملايين المستخدمين، وتعهد باتخاذ خطوات أكثر صرامة لتقييد وصول مطوري الخدمة إلى مثل هذه المعلومات.

وتواجه أكبر شبكة للتواصل الاجتماعي في العالم تدقيقا حكوميا متزايدا في أوروبا والولايات المتحدة فيما يتعلق بمزاعم بأن شركة كامبردج أناليتيكا للاستشارات السياسية ومقرها في لندن استخدمت بشكل غير لائق معلومات لخمسين مليون مستخدم لتكوين لمحات عن الناخبين الأميركيين استخدمت فيما بعد في المساعدة في فوز الرئيس دونالد ترمب في انتخابات 2016.

ويستبعد المحلل المالي أحمد ماهر هو الآخر نهاية شركة فيسبوك، ويقول "أعتقد أن فكرة الانهيار مستبعدة كليا".

ويرجع ذلك إلى كون قاعدة واسعة من المستخدمين هم على يقين بأن بياناتهم الشخصية ليست في مأمن من الاختراق والتوظيف التجاري من قبل شركات الإعلانات، ويقول "من منا أثناء استخدامه لمنصات التواصل الاجتماعي يصدق بأن معلوماته وبياناته آمنة".

ويؤكد ماهر في حديث للجزيرة نت ضرورة الفصل بين ما يمكن أن يتعرض سهم فيسبوك من هبوط بسبب الأخبار السلبية -وهذا أمر طبيعي بالنسبة لأداء جميع الأسهم في الأسواق العالمية- وبين "تحرك ربحية الشركة" الذي يعتمد على توسع قاعدة عملائها في علاقة بتدفقات المعلنين.

هل من بدائل؟
ويقول أحمد ماهر "لم نسمع عن عزم آلاف المستخدمين لمنصة فيسبوك مغادرة هذه المنصة بغير رجعة بسبب الأخبار السلبية الحالية، لذلك فإن ربحية الشركة تبعا لذلك لن تتأثر وهذا هو الأهم".

بالمقابل حذر من أن ربحية الشركة قد تتأثر سلبا إذا قرر المعلنون عدم التعامل مع منصة فيسبوك، بيد أن هذا القرار نفسه -بحسب ماهر- يتعلق بفرص إيجاد منصات بديلة وقوية، وهو ما لا يتوفر في الوقت الحالي.

ولم يستبعد ماهر أن يرتد سهم فيسبوك نحو الصعود مجددا مع إعلان النتائج المالية للشركة في الربع الأول من العام الجاري.

‪عبد الغني: فرض قيود على فيسبوك‬ (الجزيرة)
‪عبد الغني: فرض قيود على فيسبوك‬ (الجزيرة)

وقالت شركة فيسبوك في فبراير/شباط الماضي إن إيراداتها للربع الأخير من العام 2017 قفزت 47% على أساس سنوي إلى 12.97 مليار دولار، في حين بلغت الأرباح 4.27 مليارات دولار.

وبلغ إجمالي إيرادات الإعلانات 12.78 مليار دولار في الربع الأخير المنتهي في 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي. كما ارتفع عدد مستخدمي فيسبوك النشطين يوميا 14% إلى 1.40 مليار مقارنة مع مستواه قبل عام.

ويقول المدير العام لشركة نماء للاستشارات المالية طه عبد الغني "صحيح أن سهم فيسبوك نزل لكن ذلك لن يؤثر بشكل كبير في أداء الشركة على أرض الواقع".

ويضيف عبد الغني للجزيرة نت أنه لا يمكن الحديث عن انهيار فيسبوك لأنه بات منصة متشعبة يستخدمها أكثر من مليار شخص إلى جانب المعلنين سواء أكانوا أفرادا أم شركات صغيرة أم معلنين كبارا، ما يمنح هذه الشركة قوة كبرى.

ويؤكد أنه "حتى الآن لا يبدو واضحا هل يمكن للاتهامات الموجهة لفيسبوك أن تحكم على مستقبل الشركة.. بيانات الأشخاص بات معروفا أنها تباع للشركات".

ويحذر عبد الغني من أنه إذا فرضت بعض الحكومات عبر العالم قيودا على منصة فيسبوك فإنه يمكن أن تتأثر ربحية الشركة مع تقلص عدد المستخدمين ومن ثم إيرادات الإعلانات.

المصدر : الجزيرة + تايمز + وكالات