قطر والمغرب.. آفاق اقتصادية قوية

توقع مراقبون أن تشهد العلاقات الاقتصادية والتجارية القطرية المغربية نموا ملحوظا خلال السنوات المقبلة لتعكس قوة العلاقات السياسية بين البلدين والتي تعززت أكثر في ظل موقف الرباط الداعم لحل الأزمة الخليجية باتجاه إنهاء الحصار المفروض على الدوحة منذ 5 يونيو/حزيران الماضي.

فقد توجت أعمال الدورة السابعة للجنة العليا المغربية القطرية المشتركة التي عقدت في العاصمة المغربية الرباط الثلاثاء الماضي بتوقيع البلدين 11 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مجالات التجارة والنقل والزراعة والإسكان، بالإضافة إلى الإشراف المالي والصناعة التقليدية والتحريات بشأن غسيل الأموال ومجالات أخرى.

 كما أعلن الجانبان عن إنشاء لجنة مشتركة تجارية وفتح الخط الملاحي بين الموانئ المغربية وميناء حمد الدولي، علاوة على تفعيل مجلس رجال الأعمال بين البلدين.

وقد عبر المسؤولون في البلدين عن إرادة قوية لتعزيز التعاون الثنائي وبلورة شراكة إستراتيجية بينهما.

وفي هذا الصدد، أكد الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية القطري أن بلاده تستشرف آفاقا جديدة للتعاون الإستراتيجي مع المغرب.

أما رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني فاعتبر أن انعقاد اللجنة العليا المشتركة مؤشر على عمق العلاقات التاريخية بين المغرب وقطر، ودعا رجال الأعمال القطريين إلى مزيد من الانفتاح على المغرب.

شراكة إستراتيجية
وفي هذا الصدد، قال مدير عام غرفة قطر صالح بن حمد الشرقي إن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين قطر والمغرب شهدت تطورا ملحوظا، خصوصا في الفترة الأخيرة.

وأضاف في حديث للجزيرة نت أن هذا التطور ينسجم مع قوة ومتانة العلاقات الأخوية بين البلدين والتي تعبر عن شراكة إستراتيجية حقيقية بينهما، وفق تعبيره.

ونوه الشرقي بالدور المهم الذي تقوم به اللجنة العليا القطرية المغربية المشتركة في تعزيز علاقات التعاون بين البلدين بمختلف المجالات.

ولفت إلى أن الاتفاقات التي وقعت على هامش الاجتماع الأخير للجنة ستفتح آفاقا جديدة للتعاون بين رجال الأعمال القطريين والمغاربة، مما يعزز من حجم التجارة البينية وينقلها إلى مستويات أعلى، وتوقع أن تنمو التجارة البينية بين قطر والمغرب في السنوات المقبلة.

وتشير بيانات غرفة قطر إلى أن حجم التبادل التجاري بين قطر والمغرب بلغ 312.5 مليون ريال (86 مليون دولار) في العام 2017 بارتفاع 17% عن العام الذي قبله.

كما تشير بيانات الغرفة أيضا إلى أنه توجد في قطر 117 شركة قطرية مغربية مشتركة وست شركات مغربية بنسبة 100% بقطر، في حين يبلغ إجمالي رؤوس أموال جميع هذه الشركات نحو عشرين مليون ريال (5.5 ملايين دولار).

من جهته، يؤكد المحلل الاقتصادي المغربي نوفل الناصري أن انعقاد اللجنة المشتركة المغربية القطرية في دورتها السابعة جاء مختلفا هذه المرة في ظل مواقف الحيادية الرسمية التي أعلن عنها ملك المغرب محمد السادس غداة اندلاع الأزمة الخليجية، بل اختار الملك في إطار دبلوماسية الحياد أن يكون وسيطا عبر تقريب وجهات النظر بين الدول لتجاوز الأزمة، وفق تعبير المحلل الاقتصادي المغربي.

ويقول الناصري للجزيرة نت إن التزام المغرب وقطر بعقد اللجنة العليا المشتركة تمثل إشارة واضحة من جانب البلدين للتأكيد على ضرورة تعزيز وتقوية العلاقات الثنائية وإعطاء التعاون دينامية جديدة.

ويضيف أن هذه المواقف ستزيد من تمتين العلاقة الأخوية بين البلدين وستطور العلاقات الاقتصادية القطرية المغربية بشكل إيجابي وكبير خلال الفترة القادمة.

ويلفت الناصري إلى أنه على الرغم من قوة العلاقات القطري المغربية فإن "حجم استفادة المغرب من تدفقات الاستثمارات القطرية يظل ضعيفا مقارنة بدول عربية وإسلامية أخرى".

مشاريع التنمية
وأكد الناصري على الدور المهم الذي تضطلع به قطر في دعم مشاريع التنمية بالمغرب، حيث قدمت الدوحة للرباط منحة ذات طبيعة تنموية بقيمة 1.25 مليار دولار، وذلك في إطار الاتفاق الإستراتيجي بين دول مجلس التعاون الخليجي والمغرب للفترة من 2012-2017 لتطوير البنية التحتية وتعزيز الاقتصاد ودعم السياحة.

كما أكد أن قطر استثمرت في المغرب من خلال مجموعة من شركاتها الكبرى، كما هو الشأن بالنسبة لشركة قطر للبترول التي استحوذت على حصة 30% من امتياز الاستكشاف البحري في ثلاث مناطق بالمياه العميقة قبالة سواحل المغرب من الشركة الأميركية "شيفرون المغرب"، بالإضافة إلى شراكات في المجال المصرفي.

وعبر الناصري عن اعتقاده بأن فتح خط بحري مباشر بين قطر والمغرب سيساهم في تطوير التبادل التجاري بينهما.

ورأى أن موقف قطر من ملف الصحراء الغربية بالإضافة إلى المشاريع والاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية المزمع تنفيذها بين الطرفين بين المغرب وقطر ستساهم إيجابا في تقوية مواقف ومكانة المغرب الإستراتيجية في أفريقيا.

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي المغربي المهدي لحلو أن حجم الاتفاقات التي وقعت بين المغرب وقطر كبيرة، وهي تعكس أن البلدين يتجهان بشكل حثيث لتطوير علاقاتهما الاقتصادية والتجارية والمالية.

وقال للجزيرة نت إن فتح خط بحري بين المغرب وقطر سيدعم التبادل التجاري بين البلدين، ويفتح أمام الدوحة طرق نقل جديدة في ظل الحصار المفروض عليها منذ 5 يونيو/حزيران الماضي، كما يفتح أمام المغرب آفاقا أخرى لتنويع قاعدة شركائه التجاريين خاصة بمنطقة الخليج.

وأشار إلى أن الشراكة القائمة حاليا بين الخطوط الجوية القطرية بالخطوط الملكية المغربية ساهمت في دعم موقع الشركتين بالأسواق الأفريقية والآسيوية.

وشدد على أهمية الزيادة في حجم الاستثمارات القطرية بالمغرب ليس للاستفادة مما تتيح المملكة من فرص استثمارية كبيرة فحسب بل والاستفادة أيضا من الحضور القوي للمغرب في الخريطة الاقتصادية للقارة الأفريقية.

كما دعا بالمقابل إلى ضرورة أن يستفيد المغرب من القدرات التي تتمتع بها قطر على صعيد صناعة النفط والغاز باعتبارها أكبر منتج للغاز المسال في العالم.

وبعيد بدء حصار قطر من قبل كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر دعا ملك المغرب الأطراف المعنية في الأزمة الخليجية إلى "ضبط النفس والتحلي بالحكمة من أجل التخفيف من التوتر وتجاوز هذه الأزمة وتسوية الأسباب التي أدت إليها بشكل نهائي"، مبديا استعداد المملكة للوساطة من أجل حلها.