بسبب سعر الصرف.. ارتباك اقتصادي في السودان
عماد عبد الهادي-الخرطوم
وفشل المتعاملون في السوق في التوفيق بين إعلاني محافظ بنك السودان المركزي الرافض لزيادة سعر الدولار وما أعلنته الآلية الحكومية الجديدة من قرارات زادت سعر الدولار من 29.5 جنيها مقابل الدولار إلى 47.5. بينما لا يزال شح النقد المحلي عائقا أمام المودعين وكافة المتعاملين.
واستبقت الحكومة ذلك الإعلان بقرارات اقتصادية وصفت بالمهمة، في محاولة منها لوقف تدهور سعر صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، والسيطرة على السوق.
ويبدو فشل السياسات السابقة التي ظلت تطبقها الحكومة مسيطرا على فكر غالبية الاقتصاديين رغم المبررات الجديدة التي سيقت لأجلها.
رئيس الوزراء وزير المالية معتز موسى أعلن أن حكومته لن تكتفي بالقرارات التي اتخذت، بل "سنصدر قريبا سياسات شاملة للاقتصاد الكلي تهدف لوضع اقتصادنا في طريق النمو المستدام في ظل استقرار اقتصادي".
ورغم تأكيده للصحفيين "أنه ليس لدينا أي اتجاه لزيادة سعر الدولار الجمركي أو لرفع الدعم عن السلع الأساسية"، فإن ما أعلنته الآلية الجديدة يجافي ذلك، كما يقول أستاذ الاقتصاد في جامعة النيلين حسن بشير.
وبرأي رئيس الوزراء وزير المالية الذي غرد عبر صفحته في "تويتر" أمس- فإن حزمة السياسات الاقتصادية تهدف لانطلاق الاقتصاد السوداني وتحقيق أكبر عائد من العملات الحرة من الصادرات غير البترولية.
وأجاز مجلس الوزراء السوداني توصيات الحزب الحاكم متمثلة في حزمة قرارات اقتصادية تتعلق بالصادر والوارد، دفع بها المؤتمر الوطني "الحزب الحاكم" لانتشال البلاد من الانهيار الاقتصادي الكامل، حسب نشرة للحزب.
مشكلات
ومع قرار الحكومة اليوم تشير توقعات أستاذ الاقتصاد حسن بشير إلى احتمال ازدياد مشكلات التضخم وارتفاع سعر صرف الجنيه مقابل العملات الحرة في السوق الموازي لأنه لا توجد سيولة نقدية من تلك العملات يمكن أن تضخها الحكومة في السوق.
وحسب متابعين فإن السياسات المالية والنقدية المتتالية تسببت في خروج نسبة كبيرة من الكتلة النقدية من الجهاز المصرفي، وتصاعد التضخم مما انعكس على أداء القطاع المصرفي بكامله.
ووعدت الحكومة عبر محافظ البنك المركزي محمد خير الزبير باتخاذ إجراءات إضافية جديدة في ميزانية العام 2019 لكبح جماح ارتفاع التضخم وسعر الصرف، مع العمل على تحديد سعر صرف واقعي، معلنا إلغاء سياسة موافقة المركزي على طلبات الاستيراد.
ويختلف بعض الاقتصاديين بشأن جدوى السياسات الجديدة بين مستبشر بها وآخر متشائم.
فقد رأى المحلل الاقتصادي محمد الناير أن قرار تعديل سعر صرف الجنيه من 29.5 إلى 47.5 جنيها للدولار الأميركي الواحد "خطوة ممتازة، كونها أفضل من التحرير الكامل من غير احتياطي نقدي من الدولار".
وقال الناير إن أي تحفيز للمغتربين سيجلب مدخرات تقدر بنحو ستة إلى ثمانية مليارات دولار أميركي "إذا ما نفذت القرارات بدقة عالية".
لكنه عاد ورهن -في تعليقه للجزيرة نت– نجاح الخطوة باهتمام الحكومة بالإنتاج مما يساهم في زيادة حجم الصادرات.
في المقابل وصف أستاذ الاقتصاد حسن بشير السياسات الجديدة بأنها إجراءات أزمة تخضع فيها الحكومة الأمر للتجريب.
وربط في تعليقه للجزيرة نت المشكلة الاقتصادية بالمشكلة السياسية، وقال إن المعضلة السياسية هي التي تقيد تقدم السودان خاصة ما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية الأميركية التي لم ترفع بعد وعدم تمكن المصارف والشركات السودانية من إجراء أي تعاملات مع الخارج بسبب تلك العقوبات.
وأضاف بشير أن السودان يفتقد للموارد في ظل إنفاق حكومي غير طبيعي، قاد إلى عجز في الميزان التجاري بستة مليارات دولار أميركي.
وينادي اقتصاديون بتنفيذ هيكلة كاملة للدولة قبل طرح السياسات الجديدة التي ربما تكون "ذرة في محيط"، متوقعين عدم استقرار سعر صرف الجنيه مقابل الدولار في أقل من ستين جنيها للدولار الواحد في السوق الموازي.