السعودية تحوز المزيد من السندات الأميركية.. هل هو خضوع لترامب؟

A woman counts U.S. dollar bills at her home in Buenos Aires, Argentina August 28, 2018. Picture taken August 28, 2018. REUTERS/Marcos Brindicci
السعودية تستثمر نحو 170 مليار دولار في أدوات الدين الأميركية (رويترز)

محمد أفزاز-الجزيرة نت

واصلت السعودية حيازتها مزيدا من سندات الخزانة الأميركية خلافا لموقف عدد من الدول الأخرى مثل الصين وروسيا، بل والإمارات أيضا، في وقت يعتقد محللون أن هذا التوجه يعكس خضوع المملكة لأوامر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي طالب الرياض في أكثر من مناسبة بالدفع مقابل حمايتها.

وتشير بيانات رسمية إلى أن السعودية رفعت حيازتها من أدوات الدين الأميركية بنسبة 23% خلال أغسطس/آب الماضي على أساس سنوي، أي ما يعادل 31.6 مليار دولار مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، وفق ما يذكر موقع مباشر إنفو.

وعلى أساس شهري زادت المملكة حيازتها لسندات الخزانة الأميركية بنسبة 1.6% في أغسطس/آب الماضي مقارنة بالشهر الذي قبله، أي أنها أضافت 2.7 مليار دولار ليرتفع رصيد السعودية من هذه السندات إلى 169.5 مليار دولار.

وشهر أغسطس/آب الماضي هو الشهر السابع على التوالي الذي تزيد فيه السعودية حجم حيازتها لأدوات الدين الأميركية، كما أنه الشهر الذي سجل أعلى مستوى للحيازة السعودية منذ يوليو/تموز 2015، بحسب ما أورد موقع أرقام.

الدفع مقابل الحماية
ويعتقد المدير العام لشركة نماء للاستشارات المالية طه عبد الغني أن استمرار السعودية في حيازة مزيد من أدوات الدين الأميركية لا ينفك عن دعوات ترامب الموجهة إلى الرياض للدفع مقابل الحماية.

ويقول للجزيرة نت "ترامب قال في أكثر من مناسبة إن على السعودية أن تدفع، أنا أعتقد أن حيازة مزيد من السندات الأميركية تدخل في هذا الإطار".

ويضيف عبد الغني أن السعودية مضطرة لأن تدفع "في شكل استثمارات أو بإيداع أموال في البنوك الأميركية أو حيازة سندات أو شراء أسلحة، وهذه كلها صور للدفع مقابل الحماية".

ويؤكد أن الأمر لم يعد خافيا على أحد بل "مكشوفا"، معتقدا أن ترامب سيستغل الأوضاع السياسية الحالية -في إشارة إلى قضية اختفاء الصحفي السعودية جمال خاشقجي- للضغط على الرياض "للدفع أكثر".

واختفى الصحفي خاشقجي داخل قنصلية المملكة في إسطنبول يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، وأثر ذلك على ثقة المستثمرين في مناخ الأعمال السعودي، وحمل العديد من الشخصيات والشركات والبنوك على مقاطعة مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" (دافوس الصحراء) المقرر عقد بالسعودية الشهر الحالي.

ويرى المحلل الاقتصادي طه عبد الغني أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يحاول حماية عرشه بدفع مزيد من الأموال، سواء عبر اقتناء السندات أو توقيع صفقات شراء أسلحة أو الدخول في مشاريع استثمارية تدعم الاقتصاد الأميركي.

ويبدو عبد الغني مقتنعا بأن السعودية وبـ"أمر مباشر" من ترامب تعوض ما قد تكون دول مثل الصين وروسيا وتركيا قد باعته من سندات أميركية، خاصة بالنسبة لبكين التي تسعى إلى اعتماد عملتها اليوان في توقيع عقود النفط "بترو يوان" مقابل "بترو دولار".

وقلصت الصين حيازتها للسندات الأميركية في أغسطس/آب الماضي بواقع ستة مليارات دولار (أي ضعف ما قامت السعودية بشرائه)، وذلك للشهر الثالث على التوالي ليصل إجمالي ما تملكه بكين حاليا 1.165 تريليون دولار.

وتعد الصين أكبر حامل لسندات الخزانة الأميركية تليها اليابان التي قلصت هي الأخرى حيازتها لأدوات الدين الأميركي بـ5.6 مليارات دولار لتستقر عند 1.03 تريليون دولار.

وبالمثل، خفضت روسيا استثماراتها في السندات الأميركية لتصل إلى 14 مليار دولار في أغسطس/آب الماضي، وهو أدنى مستوى منذ 2007.

وبلغ إجمالي استثمارات دول العالم في السندات والأذونات الأميركية 6.287 تريليونات دولار حتى نهاية أغسطس/آب الماضي.

‪محللون يعتقدون أن محمد بن سلمان يحاول أن يحمي نفسه بالسلطة من خلال دفع مزيد من الأموال‬ (رويترز)
‪محللون يعتقدون أن محمد بن سلمان يحاول أن يحمي نفسه بالسلطة من خلال دفع مزيد من الأموال‬ (رويترز)

ماذا عن الإمارات؟
ويعتقد مراقبون أنه لو كانت حيازة السعودية مزيدا من سندات الخزينة الأميركية لغاية استثمارية لما ظهر سلوك استثماري مغاير من قبل دول أخرى مثل الإمارات وروسيا والصين.

وتظهر البيانات أن الإمارات خفضت حيازتها من السندات الأميركية بنحو سبعمئة مليون دولار لتصل إلى 59 مليارا نهاية أغسطس/آب الماضي.

ويقول المحلل الاقتصادي نضال خولي إن "هناك تعارضا في السلوك الاستثماري يستنتج منه أن هناك دوافع أخرى قد تكون وراء حيازة بعض الدول السندات الأميركية، منها استرضاء الطرف المستفيد ".

ويوضح في تصريح للجزيرة نت أنه في الوقت الذي تتمتع فيه الصناديق الاستثمارية الغربية باستقلالية في القرار يجعلها تتصرف وفقا لما ستحصل عليه من فوائد اقتصادية فإن أغلب الصناديق العربية ترتهن للقرارات السياسية والفردية.

ويشير إلى أن إدارة هذه الصناديق ترتبط بحقل السياسة وبما قد تحققه الدول التي تملكها من مصالح.

ويلفت إلى أنه بعد رفع أسعار الفائدة باتت السندات التي صدرت قبل قرارات الفدرالي الأميركي أقل جاذبية مما لو قورنت بالسندات التي صدرت بعد هذه القرارات.

وتعد السعودية عاشر أكبر مستثمر في أدوات الدين الأميركية، في حين يعتقد مراقبون أن أي قرار من جانب السعودية لبيع السندات الأميركية سيكون رد فعل على العقوبات التي يتم تداولها على خلفية اختفاء الصحفي خاشقجي.

ويرى هؤلاء أن السعودية ليس باستطاعتها الضغط بهذه الورقة في ظل اعتماد الرياض على الدولار في تجارتها النفطية، فضلا عن استعداد الكثيرين لشراء هذه السندات مع ازدهار الاقتصاد الأميركي.

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية