البنوك المصرية تسعى للسيطرة على سوق الصرف

البنك المركزي المصري
البنك المركزي المصري أغلق عشرات من شركات الصرافة خلال الفترة الماضية (الجزيرة)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

بعد إغلاق البنك المركزي المصري للعشرات من شركات الصرافة خلال الفترة الماضية على خلفية تدهور سعر الجنيه المصري الناتج عن تحرير سعر صرفه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بدأت بنوك حكومية تقتحم سوق صرف العملات الأجنبية في محاولة للسيطرة عليه عبر فتح فروع متخصصة في الصرافة تابعة لها.

وقال يحيى أبو الفتوح نائب رئيس البنك الأهلي المصري في تصريحات صحفية، إن البنك فتح فرعين للصرافة بالقاهرة في أغسطس/آب الماضي ويستهدف افتتاح 13 فرعا جديدا خلال الستة أشهر المقبلة، والوصول بعدد فروع الصرافة التابعة له إلى 30 فرعاً حتى منتصف 2019.

وأوضح أن الهدف من ذلك تحسين أداء سوق الصرف، بجانب امتلاك فروع الصرافة مرونة أكثر في التعامل مع الأفراد طوال اليوم وفي أيام العطلات.

كما كشف عاكف المغربي نائب رئيس بنك مصر في تصريحات صحفية عن افتتاح بنكه 21 فرعا للصرافة، وأنه يستهدف الوصول إلى 50 فرعا خلال عامين، مضيفا أن الهدف ضبط سوق صرف العملات الأجنبية.

وغلّظ البنك المركزي العام الماضي العقوبات على شركات الصرافة المخالفة للقانون لتشمل الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات، وغرامة تتراوح بين مليون وخمسة ملايين جنيه (بين 56.7 و283.6 ألف دولار)، وأغلق خلال الفترة الماضية أكثر من 54 شركة صرافة.

‪أحد فروع بنك مصر المملوك للدولة‬ (الجزيرة)
‪أحد فروع بنك مصر المملوك للدولة‬ (الجزيرة)

استقطاب للسيطرة
في هذا السياق، يكشف مجدي أحمد -وقد عمل سابقا بإحدى شركات الصرافة وينتظر بدء العمل بفرع صرافة لبنك حكومي- أن أغلب من كان يعمل في شركات الصرافة التي تم إغلاقها؛ استقطبته البنوك للعمل في فروعها للصرافة، وبمقابل مادي أكبر مما كانوا يحصلون عليه في السابق.

ويشير أحمد في حديثه للجزيرة نت إلى أن البنوك باتت مسيطرة على سوق العملة في المرحلة الأخيرة، وأنها ستعمل على أن تتواجد من خلال فروعها في جميع الأماكن التي كانت معروفة بتواجد شركات الصرافة المشهورة في السابق، حتى يستقر لدى وجدان الشارع المصري أن منافذ الصرف قد عادت للعمل مرة أخرى.

ومعلقا على ذلك، يوضح الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام أن شركات الصرافة التي كانت تعمل بسوق العملة كانت تنشط في الأزمات وحال نقص النقد الأجنبي وعادة ما تخالف القانون، لافتا إلى تنظيم الإعلام ومسؤولين في الدولة حملات تشويه لتلك الشركات وشيطنتها وتحميلها الأزمات الاقتصادية والمالية التي تمر بها البلاد.

ويرى عبد السلام في حديثه للجزيرة نت أن صانع القرار الاقتصادي بمصر لديه قناعة بأن شركات الصرافة تلك هي من أرغمته على تعويم الجنيه، ومن ثم أوعز للبنوك الحكومية بتأسيس فروع صرافة كبديل، واصفا إياها بالخطوة الإيجابية إذا نجحت في ضبط سوق الصرف وإحباط أي مضاربات غير مبررة على الدولار.

لكنه استبعد ذلك لكون هذه الفروع ستكون منافذ تجميع وشراء فقط للعملة الأجنبية، ولن تلبي احتياجات العملاء من النقد الأجنبي سواء أكانوا أفرادا أو تجارا ومستوردين، مشددا على أن الأزمة ليست في وجود شركات صرف أو عدم وجودها، وإنما في عدم توفر موارد للنقد الأجنبي.

أحد منافذ شركات الصرافة (الجزيرة)
أحد منافذ شركات الصرافة (الجزيرة)

قناعة دافعة
أما مدرس الاقتصاد بأكاديمية أوكلاند الأميركية مصطفى شاهين، فيرى أن ذلك يأتي في سياق محاولة النظام المصري فرض سيطرة كاملة على كل الموارد المتاحة في البلد، وأنه ينطلق في استهدافه للمستثمرين في شركات الصرف من قناعته بمسؤوليتها عن أزمة انخفاض سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.

ويوضح في حديثه للجزيرة نت أن النظام يسعى من خلال دفع البنوك الحكومية لتأسيس فروع صرف إلى إحكام السيطرة على كل مصادر الدولار، وإيجاد بديل لشركات الصرافة تعمل بنفس آليات عملها وخلال نفس ساعات العمل المتبعة لديها، لكن دون توفير حقيقي لمتطلبات السوق من العملة الأجنبية.

وذهب شاهين إلى أن النظام مسؤول عن أزمة سعر العملة بخلقه جوا من المضاربات رفع سعر الدولار بشكل كبير، وهو في ذات الوقت يحافظ على توفير الدولار في احتياطه النقدي عن طريق الديون، متوقعا استمرار الأزمة طالما استمر توقف الإنتاج الذي يعد المحرك الأساسي لأي اقتصاد.

المصدر : الجزيرة