ماذا تحقق بعد عامين من توسعة قناة السويس؟

التفريعة الجديدة التي افتتحها السيسي يوم الخميس الماضي
إيرادات القناة تراجعت في عام 2016 بنسبة 3.3% (الجزيرة)
دعاء عبد اللطيف-القاهرة

وسط وعود بعائدات مادية ضخمة افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أغسطس/آب 2015 مشروع توسعة قناة السويس الذي تمثل في فرع جديد للقناة يبلغ طوله 35 كيلومترا.

وبعد عامين من افتتاح هذا المشروع الذي روجت له وسائل إعلام مؤيدة للسلطة باعتباره قناة موازية لقناة السويس -التي يبلغ طولها 193 كيلومترا- تكشف الأرقام الرسمية عن مدى جدية الوعود الخاصة بعائدات المشروع الذي تكلف 64 مليار جنيه مصري (3.6 مليارات دولار وفق أسعار الصرف الحالية).

ووفقا لبيان رسمي للهيئة العامة لقناة السويس تراجعت إيرادات القناة لعام 2016 بنسبة بلغت 3.3%، مقارنة بإيراداتها في عام 2015.

فقد بلغت إيراداتها خلال العام الماضي 5.005 مليارات دولار، مقارنة بـ 5.175 مليارات دولار في عام 2015، وانخفاضا من 5.465 مليارات دولار في 2014.

أول زيادة شهرية
وشهد شهر مارس/آذار الماضي زيادة في إيرادات قناة السويس لأول مرة منذ افتتاح التوسعة، فبلغت عائداتها 425 مليون دولار مقارنة بـ 416.9 مليون دولار في مارس/آذار 2016.

تكلفة توسعة قناة السويس بلغت حوالي 64 مليار جنيه مصري
تكلفة توسعة قناة السويس بلغت حوالي 64 مليار جنيه مصري

وبلغت إيرادات قناة السويس إجمالا في الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري 2.938 مليار دولار مقارنة بـ 2.919 مليار دولار في الأشهر نفسها من العام الماضي.

فهل توازي الزيادة التي سجلتها عائدات القناة خلال الأشهر الأخيرة الوعود السابقة بأرباح تصل لمليارات الدولارات؟ والثابت أن البيانات الرسمية تتحدث عن أن أكبر عائد حققته القناة على مدار العامين الماضيين كان في أبريل/نيسان الماضي بنحو 427 مليون دولار مقابل 403 ملايين دولار في أبريل/نيسان 2016.

وكان رئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش توقع أن تصل العائدات السنوية للقناة بعد تشغيل الممر الجديد إلى مئة مليار دولار.

إعادة تعريف المشروع
وأمام الأرقام الرسمية التي تتناقض مع حجم الدعاية للمشروع وعائداته لم يكن أمام السيسي سوى إعادة تعريف المشروع الكبير بما يناسب الخسائر التي حققها، فقال الرئيس المصري في يونيو/حزيران 2016 إن "قناة السويس الجديدة كان الهدف منها رفع الروح المعنوية للمصريين".

مصريون يشترون شهادات استثمار في مشروع توسعة قناة السويس عام 2014
مصريون يشترون شهادات استثمار في مشروع توسعة قناة السويس عام 2014

غير أن السيسي لم يوضح ما إذا كان مشروع القناة قد رفع حقا الروح المعنوية للمصريين الذين دفعوا 64 مليار جنيه في صورة شراء شهادات استثمار بفائدة سنوية 12%، لإنجاز هذا المشروع.

إلى ذلك ثمة خسائر أخرى سببها المشروع، وهي نقص النقد الأجنبي في ذلك الوقت بسبب إسناد الحكومة المصرية أغلب أعمال الحفر لشركات أجنبية، ودُفعت مستحقاتها المالية بعملات أجنبية، وفق ما أعلنه رئيس البنك المركزي السابق هشام رامز قبيل تقدمه باستقالته من منصبه في أكتوبر/تشرين الأول 2015.

وهم كبير
ويصف الخبير الاقتصادي الدكتور أشرف دوابة مشروع توسعة قناة السويس بالوهم الكبير الذي تسبب في مردود سلبي ظهر جليا في تراجع إيرادات القناة.

دوابة: المسؤولون وقعوا في أخطاء كثيرة عند تنفيذ المشروع
دوابة: المسؤولون وقعوا في أخطاء كثيرة عند تنفيذ المشروع

وقال للجزيرة نت إن السيسي يعرف جيدا أن مشروعه فشل فشلا ذريعا، وأردف "للأسف المصريون شربوا القناة الجديدة" في إشارة منه لخسارة مليارات الدولارات بلا عائد.

ويرى دوابة أن هناك الكثير من الأخطاء وقع فيها المسؤولون عند إنجاز المشروع، ومنها عدم إعداد دراسة جدوى محكمة، وضغط مدة تنفيذ المشروع إلى عام بدلا من ثلاثة أعوام، ودفع تكاليف الحفر بالعملة الصعبة ما أدى لنقص حاد في النقد الأجنبي.

الروح المعنوية
ولكن هل ارتفعت الروح المعنوية للمصريين كما استهدف السيسي؟ ويجيب رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام مصطفى خضري قائلا إن المشروع بالفعل حقق هدفه في رفع الروح المعنوية ولكن على نطاق ضيق.

‪السيسي قال إن الهدف من المشروع كان رفع الروح المعنوية للمصريين‬ السيسي قال إن الهدف من المشروع كان رفع الروح المعنوية للمصريين (الأوروبية)
‪السيسي قال إن الهدف من المشروع كان رفع الروح المعنوية للمصريين‬ السيسي قال إن الهدف من المشروع كان رفع الروح المعنوية للمصريين (الأوروبية)

وأضاف للجزيرة نت أن مؤيدي النظام الحالي هم فقط من صدقوا الدعاية للمشروع، "ولكن هذا التصديق لم يدم طويلا، فما انقضى العام الأول على افتتاح المشروع حتى انكشف فشله وذهبت كل التصديقات بغير رجعة".

ومن الناحية السياسية، قال القيادي في حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين أحمد رامي الحوفي إن السيسي استهدف من مشروع قناة السويس "شراء مواقف سياسية لدول بعينها لستر عورة نظام يفتقر إلى شرعية التأسيس".

وأضاف للجزيرة نت أن "السيسي قدم رشى لشركات عالمية تابعة لحلفاء إقليميين ودوليين في صورة إسناد عمليات حفر أو بيع حقوق انتفاع للاعتراف بشرعيته".

أما محافظ الإسماعيلية اللواء ياسين طاهر فيعتبر المشروع -المسمى رسميا قناة السويس الجديدة- بداية طيبة لمشروع ضخم، وهو مشروع تنمية محور قناة السويس.

وأضاف طاهر، في تصريح صحفي بمناسبة الذكرى الثانية لافتتاح المشروع، أن قناة السويس -ويقصد التوسعة- عمل عظيم اقتصاديا، لافتا إلى زيادة عدد السفن التي عبرت المجرى الملاحي خلال عام 2015 مقارنة بعام 2014.

المصدر : الجزيرة