هل قبلت مصر استثمارا إماراتيا في جزيرة الوراق؟

صورة لبعض تصاميم تطوير جزيرة الوراق المصرية التي نشرها موقع فرع شركة آر إس بي الإماراتي قبل حذفها
صورة لبعض تصاميم تطوير جزيرة الوراق المصرية التي نشرها موقع فرع شركة "آر أس بي" الإماراتي قبل حذفها
تسود حالة من الهدوء الحذر جزيرة الوراق الواقعة في نهر النيل بمحافظة الجيزة في مصر، والتي شهدت اشتباكات دامية بين سكانها وقوات الشرطة منذ أيام، إثر محاولة الأخيرة إزالة منازل لسكان الجزيرة، واستخدمت في سبيل ذلك قنابل الغاز المدمع ورصاص الخرطوش؛ ولا تزال الجزيرة تحت الحصار الأمني.

وبينما يؤكد النظام المصري على أن الإجراءات التي يقوم بها تأتي في إطار إزالة منازل ومبان مخالفة، يتهم سكان الجزيرة الحكومة بالتخطيط لطردهم من مساكنهم وأراضيهم تمهيدا لاستغلالها وبيعها لمستثمرين عرب.

وبالتزامن مع هذه التطورات الميدانية، نشرت شركة "آر أس بي" الإماراتية السنغافورية على موقع فرعها الإماراتي بالإنترنت تصميما هندسيا خاصا بتطوير الجزيرة عقاريا، ضمّ مباني شاهقة وميادين متطورة، إلا أنها أزالته لاحقا بعد الجدل الذي أثير على خلفية هذا النشر.

ووفق تصريحات صحفية لمسؤول التسويق في الشركة رانجان رادها كريشنان، فإن هذه التصاميم نُفذت بناء على طلب أحد عملاء الشركة رافضا الإفصاح عن هويته، مؤكدا أن شركته لم يعد لها علاقة بالمشروع بعد تنفيذ التصاميم. بينما نفت الحكومة وجود أي تعاقدات مع أي شركات لتطوير الجزيرة.

إلا أن مصادر خاصة مقربة من مسؤولين بوزارتي الإسكان والاستثمار المصريتين، أكدت للجزيرة نت وجود اتفاقات مبدئية غير معلنة مع طرف إماراتي (لم يتم تحديده) للمشاركة في تنفيذ مشروع عملاق لتطوير الجزيرة، وأن عمليات الإزالة المراد تنفيذها تأتي مقدمة لأولى مراحل هذا المشروع.

‪صورة للرسالة التي تظهر بعد حذف الموقع التصاميم التي كانت منشورة لتطوير جزيرة الوراق‬ صورة للرسالة التي تظهر بعد حذف الموقع التصاميم التي كانت منشورة لتطوير جزيرة الوراق
‪صورة للرسالة التي تظهر بعد حذف الموقع التصاميم التي كانت منشورة لتطوير جزيرة الوراق‬ صورة للرسالة التي تظهر بعد حذف الموقع التصاميم التي كانت منشورة لتطوير جزيرة الوراق

ليس جديدا
الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام، يلفت النظر إلى أن مساعي تطوير جزيرة الوراق ليست وليدة الفترة الحالية، وإنما بدأت قبل الثورة، وكانت الخطة تقضي بتحويل الجزيرة إلى مشروع سياحي وعقاري عالمي، لكن تخوف نظام مبارك من حدوث حالة احتقان سياسي ومجتمعي جعله يتراجع عن خطة تطوير الجزيرة.

وأوضح في حديث للجزيرة نت، أن المشروع ظل مجمدا حتى انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، حيث بادرت الحكومة المصرية وشركات إماراتية بإحيائه، وفي هذا الإطار تم إعداد مخطط يحوي رسومات هندسية للمشروع وتكلفته الاستثمارية، لكن النظام المصري تردد في إمضائه خوفا من رد فعل أهالي الجزيرة على قرار إخلائهم.

وكشف عن أن النظام بات يرى أن الوقت الحالي هو أنسب وقت لتنفيذ المشروع، وفي هذا الإطار قدم وعودا لمستثمرين إماراتيين وسعوديين بأن يكون لهم أولوية تنفيذه، لافتا إلى أن هذه الاتفاقيات والتعاقدات بمصر تظل سرية مخالفة بذلك قواعد الشفافية المتعارف عليها عالميا.

أما مدرس الاقتصاد بأكاديمية أوكلاند الأميركية مصطفى شاهين، فاعتبر أن ما تم الكشف عنه يدل على أن مصر تدار بعقلية رجل أعمال "بلطجي"، لا بعقلية رجل دولة من المفترض أن يحافظ على حقوق المواطنين والمجتمع.

 استخفاف ومحاباة
كما رأى في حديث للجزيرة نت، أن الحكومة لا تقوم بدورها في حماية الفئات المستضعفة، وأن ما حدث مع أهالي جزيرة الوراق يكشف مدى الاستخفاف بحقوق المواطنين في مصر وأنهم لا قيمة لهم، كما يوضح محاباة الحكومة الأغنياء على حساب الفقراء.

ويذهب شاهين إلى أن الدولة ليست معنية بتعويض أهالي الجزيرة المتضررين، فلو كانت كذلك لفكرت في إنشاء مجمع سكني بديل، إلا أن ما يحدث يكشف بما لا يدع مجالا للشك عن أنه لا رؤية ولا تخطيط ولا تنفيذ ولا احترام للمواطن المصري.

بينما يوضح الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، أن محاولات مستميتة بدأت منذ عام 2000 لطرد سكان الجزيرة وغيرها لإقامة منتجعات سياحية فيها، إلا أن تصدي سكان المنطقة أدى إلى توقف المشروع في تلك المرحلة.

إلا أنه يرى -في حديث للجزيرة نت- أن السكان بعد الثورة استغلوا الأحداث بشكل سيئ لإقامة مساكن ومبان مخالفة، وهو ما أعطى الحكومة حق اتهامهم بمخالفة القانون وإزالة المباني المخالفة، معتبرا ما نشر عن "مخطط مزعوم" يأتي في إطار إغراء سكان الجزيرة بأن عوائد تطوير المنطقة ستوفر لهم حياة مرفهة.

المصدر : الجزيرة