خوف من ركود شديد في مصر بعد زيادة الفائدة

تعاني الأسواق من الركود التضخمي ويخشى المراقبون تفاقم الركود بسبب القرار الأخير. (تصوير خاص لمجمع تجاري بالهرم ـ الجيزة ـ مصر ـ 2014 ).
قرار زيادة الفائدة جاء لاحتواء تضخم الأسعار لكن بعض المحللين يرون أن أضراره أكثر من فوائده (الجزيرة)

عبد الله حامد-القاهرة

رأى محللون أن قيام البنك المركزي المصري بزيادة سعر الفائدة على الإقراض والإيداع قد يؤدي إلى تفاقم حالة الركود التضخمي، ولن يساعد على اجتذاب مدخرات المصريين هذه المرة.

وقد قرر البنك الأحد الماضي زيادة سعر الفائدة على الودائع لأجل ليلة واحدة من 14.75% إلى 16.75%، وعلى الإقراض لأجل ليلة واحدة من 15.75% إلى 17.75%.

وتلجأ البنوك المركزية إلى زيادة أسعار الفائدة للسيطرة على معدلات التضخم المرتفعة من خلال سحب السيولة الموجودة في السوق، وبلغ معدل تضخم الأسعار في مصر نحو 33% بعد أشهر من تعويم الجنيه المصري في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

لكن بعض الاقتصاديين يرون أن ارتفاعات الأسعار المرتبطة بصدمات غير متكررة مثل تعويم العملة لا يمكن تصحيحها بزيادة أسعار الفائدة، لأن ذلك قد يضعف النمو الاقتصادي بتقليله للاستثمارات الجديدة.

وكان رد الفعل واضحا في البورصة المصرية، حيث تكبدت معظم الأسهم القيادية الاثنين الماضي خسائر بنسبة 10%، وانخفض المؤشر الرئيسي للبورصة بنسبة 2.4% لتفقد الأسهم أكثر من 12 مليار جنيه (نحو 660 مليون دولار) من قيمتها السوقية.

قرار صادم
وعقب علمه بقرار المركزي المصري رفع رجل الأعمال المعروف محمد جنيدي يديه بالدعاء إلى الله أن يكون في عون مصر والاستثمار والمستثمرين والشعب بالكامل، وأن "يولي أمورنا خيارنا بعد أن أصبحنا حقل تجارب لجهلة لا يملكون رؤية ولا فكرا" وفق ما نشره على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك.

البورصة المصرية سجلت خسائر كبيرة بعد زيادة أسعار الفائدة (رويترز)
البورصة المصرية سجلت خسائر كبيرة بعد زيادة أسعار الفائدة (رويترز)

في المقابل، دافع رئيس البنك المركزي طارق عامر عن قراره بالقول إنه "يستهدف تحقيق استقرار الأسعار وضبط الأسواق، ويعكس تمسك المركزي بمبدأ الشفافية"، مؤكدا في تصريحات صحفية أن "التردد في مواجهة المشكلات له تأثيرات سلبية".

وعد الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي محمد الحويطي "الهبوط الحاد الذي يسيطر على البورصة منذ القرار أسرع التداعيات السلبية"، مشيرا إلى أن "مناخ الاستثمار المباشر وغير المباشر سيتأثر سلبا بهذه القرارات".

ورأى الحويطي أن "رفع أسعار الفائدة ليس حلا للحد من التضخم وتجفيف منابع السيولة كما يظن متخذو القرار، ذلك لأن السوق المصرية تعاني الآن من حالة ركود تضخمي عنيفة نتيجة ارتفاع الأسعار".

وفسر في حديثه للجزيرة نت ارتفاع معدلات التضخم بـ"تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار، وليس بسبب الإقبال الشرائي، وبالتالي فإن رفع الفائدة سيزيد من حالة الركود التي يعاني منها الاقتصاد المصري، وسيدفع أصحاب رؤوس الأموال إلى اكتناز مدخراتهم دون الحاجة إلى الاستثمار، مما يؤثر سلبا على معدلات النمو".

مطالب صندوق النقد
وأرجع المحلل الاقتصادي ممدوح الولي خطوة البنك المركزي إلى "ضغوط صندوق النقد الدولي على الحكومة، والذي يشترط لتقديم الدفعة الجديدة من القرض رفع الفائدة ضمن روشتة نمطية تقول إن رفع الفائدة يعني اجتذاب السيولة لتقليل الإقبال على الشراء وبالتالي انخفاض الأسعار".

مدخرات المصريين فقدت جزءا كبيرا من قيمتها منذ تعويم الجنيه (الجزيرة)
مدخرات المصريين فقدت جزءا كبيرا من قيمتها منذ تعويم الجنيه (الجزيرة)

غير أن هذه النظرية لا تنطبق على مصر كما يوضح الولي في حديثه للجزيرة نت لأن "التضخم الحالي بمصر ركودي، بمعنى أن الأسعار عالية رغم توقف الشراء والبيع، لأنه ناتج عن ارتفاع تكلفة الإنتاج وليس عن زيادة الاستهلاك".

ويتوقع الولي "تضرر الجميع برفع الفائدة، فالأعباء ستتضاعف على المستثمر المقترض للفوائد المرتفعة وبالتالي سيحملها ضمن تكاليف الإنتاج ليرفع سعر المنتج، ولو لم يستجب السوق لأسعاره الجديدة فسيتوقف".

أما البنوك فستفضل شراء أذون الخزانة على إقراض المستثمرين حسب رأي المحلل الاقتصادي "لأن عوائدها أكبر، وربما تتشدد البنوك في شروط الإقراض، ولا سيما أنها تتوقع تعثر المستثمرين المقترضين منها بسبب الوضع الاقتصادي".

وأشار الولي إلى أنه "لا أموال أصلا لدى غالبية المصريين الآن، لكي تجتذبها البنوك برفع الفائدة".

وأضاف أن "نسبة المتعاملين مع البنوك عشر المصريين، وحتى مدخرات هؤلاء التي سيجتذبها القرار ستتوجه لسد العجز والنفقات الجارية لا الاستثمارية".

من جانب آخر، حذر رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي من "الاستمرار في اتباع نصائح الصندوق دون تفكير أو تدبير، مؤكدا أن كل ما يهم صندوق النقد الدولي هو تحويل العجز من مخصصات دعم إلى مخصصات لسداد الديون ولمعالجة العجز الكبير في الموازنة العامة للدولة.

وطالب الشهابي "بسياسة اقتصادية وطنية رشيدة تقوم على تصحيح دور البنوك بحيث تكون قائدة للتنمية كما كان حال بنك مصر برئاسة طلعت حرب باشا في عشرينيات القرن الماضي".

المصدر : الجزيرة