تغيير العملة المصرية.. جس نبض وإثارة مخاوف

A man counts Egyptian pounds outside a bank in Cairo, Egypt October 24, 2016. Picture taken October 24, 2016. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany
الأيام الماضية شهدت جدلا حول اتجاه الحكومة المصرية لتغيير العملة (رويترز)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

رغم نفي مركز معلومات دعم واتخاذ القرار التابع لرئاسة الوزراء المصرية تغيير شكل العملة المصرية في الفترة المقبلة، فإن الجدل الذي أثارته تصريحات مستشار لوزير المالية واثنتين من أعضاء اللجنة الاقتصادية في البرلمان عن توجه لدى الحكومة للقيام بهذا التغيير بعد دراسته ما زال مستمرا.

وبشكل متزامن، أعلنت النائبة نادية هنري عن تقديمها مقترحا لتغيير شكل العملة المصرية، معتبرة إياه أحد حلول الأزمة الاقتصادية، ومشددة على ضرورة الإسراع في البدء بتغيير شكل العملة، كما صرحت زميلتها النائبة ثريا الشيخ بأن اللجنة الاقتصادية ستعقد اجتماعا لإعداد قانون تغيير العملة، بعدما تمت مناقشته مع وزارة المالية.

كما أكد عبد المنعم مطر مستشار وزير المالية في تصريحات صحفية أن البرلمان ووزارة المالية والبنك المركزي في إطار دراسة كيفية تغيير العملة المحلية، قبل أن يتراجع عن هذا التأكيد ويقول إن الحديث عن تغيير العملة لا يعدو أن يكون مقترحا مقدما من أحد الخبراء الاقتصاديين.

محللون اقتصاديون رأوا في هذه التصريحات نوعا من أنواع "جس النبض" الذي تقوم به الحكومة أحيانا، لمعرفة ردود الأفعال في حال قررت الحكومة إمضاء هذا القرار، أو أنه يهدف لإثارة الفزع والذعر لدى المصريين الذين يدخرون أموالا في بيوتهم لأسباب عدة.

‪عبد السلام: الهدف هو دفع المصريين نحو التنازل عما في حوزتهم للبنوك‬ (الجزيرة)
‪عبد السلام: الهدف هو دفع المصريين نحو التنازل عما في حوزتهم للبنوك‬ (الجزيرة)

جدل مستمر
نفي مركز معلومات رئاسة الوزراء الصادر صباح الاثنين لم يوقف سيل التقارير الإعلامية والبحثية المتناولة للمقترح وآثاره الاقتصادية، خاصة أن النفي تحدث عن عدم وجود نية لهذا التغيير "خلال الفترة المقبلة" ما يفتح المجال للحديث عن إمكانية إقراره في أي وقت لاحق.

في هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام أن ما صدر عن الشخصيات الثلاث وغيرهم من المسؤولين الحكوميين ربما يهدف لإثارة الذعر بين المصريين ودفعهم نحو التنازل عما في حوزتهم للبنوك تخوفا من تغيير العملة وضياع "تحويشة العمر" في حالة التغيير.

وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن ذلك يضمن للحكومة زيادة حجم ودائع القطاع المصرفي، وتوافر سيولة لتمويل برنامج الاقتراض الحكومي، حيث تعتزم الحكومة اقتراض 635.6 مليار جنيه (35 مليار دولار) من السوق المحلية خلال العام المالي المقبل، مقارنة بنحو 575.9 مليار جنيه (31.71 مليار دولار) العام الحالي، بزيادة نسبتها 10.3%.

ورأى عبد السلام أنه بغض النظر عن هدف إثارة الموضوع ونفيه لاحقا، فإن هذه التصريحات دعاية سيئة للاقتصاد المصري، وتعد لعبا بالنار بما تعطيه من إيحاءات خطيرة بأن الاقتصاد مقبل على كارثة قريبة، أو أن القطاع المصرفي يعاني من أزمة سيولة، أو أن معدلات التضخم ستواصل ارتفاعاتها لتصل إلى مستويات غير مسبوقة.

‪عبد المطلب: هناك خلط بين تغيير العملة كليا، وتغيير تصميمها وشكلها‬ (الجزيرة)
‪عبد المطلب: هناك خلط بين تغيير العملة كليا، وتغيير تصميمها وشكلها‬ (الجزيرة)

صندوق النقد
بينما يرى أستاذ التمويل والصيرفة الإسلامية أشرف دوابة أن الدافع الأساسي لإثارة هذه التصريحات وتناول الأمر، هو متطالبات صندوق النقد الدولي الذي أنهت بعثته زيارتها لمصر مؤخرا.

وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن صندوق النقد طالب مصر برفع سعر الفائدة ومن ثم فإن الهدف من إثارة إمكانية تغيير العملة، دفع المصريين لوضع أموالهم في الجهاز المصرفي لمعرفة قدراتهم المالية وقياس مدى فائدة رفع قيمة الفائدة، لكن الوعي الاقتصادي للمصريين الذي ارتفع مؤخرا سيحول دون تحقيق هذا الهدف.

فيما يرى الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب أن هناك خلطا كبيرا لدى من يتناولون الأمر بين تغيير العملة كليا من ناحية، وتغيير تصميمها وشكلها فقط، لافتا إلى أن تغيير تصميم العملة لن يحقق ما أثير من أهداف معلنة للقرار وهو إجبار المصريين على إخراج أموالهم ووضعها في الجهاز المصرفي.

ولفت في حديثه للجزيرة نت إلى أن تغيير التصميم لا يعنى إلغاء العملة القديمة، أما إن كان المقصود إصدار عملة جديدة بغطاء وقيمة جديدة فإن خطورة ذلك بما يعطيه من انطباع بأن الجنيه المصري لم يعد يساوي شيئا، ومجدر إثارة الموضوع يولد ذعرا يدفع لمحاولة التخلص من الجنيه بأي ثمن.

ويرى عبد المطلب أن الحل الأمثل هو خلق مناخ جاذب للاستثمار، والعمل على خلق سوق مالى توسعي، وعرض المزيد من الأراضي للاستثمار، والسعي لحل مشاكل المصانع المتعثرة من خلال تحويلها لشركات مساهمة، وفتح باب الاكتتاب فى أسهم هذه المصانع.

المصدر : الجزيرة