العثماني والدعم.. تحديات القدرة الشرائية والتنافسية

العثماني أثناء تقديم برنامج حكومته أمام البرلمان ـ الجزيرة نت
العثماني أثناء تقديم برنامج حكومته للبرلمان (الجزيرة نت)

الحسن أبو يحيى-الرباط

تعتزم حكومة سعد الدين العثماني في المغرب مواصلة إصلاح نظام دعم بعض المواد الأساسية وخاصة غاز البوتان، لكنها تجد نفسها أمام معادلة قائمة على الحفاظ على تنافسية الشركات المغربية والفلاحين والمهنيين، وفي الوقت نفسه دعم القدرة الشرائية للمواطنين.

ويعتقد مراقبون أن العثماني سيواجه عدة تحديات منها إقناع اللوبيات النافذة والمستفيدة من هذا الدعم، ومنها الحاجة إلى إجراءات مصاحبة تحول دون المساس بالسلم الاجتماعي.

وكان واضحا من خلال البرنامج الذي قدمه رئيس الوزراء الجديد أمام البرلمان أنه سيواصل الإصلاح الذي بدأه سلفه عبد الإله بنكيران في ما يتعلق بدعم بعض المواد الأساسية، ومن بينها مادة غاز البوتان التي تعتبر حيوية بالنسبة للحياة اليومية للمغاربة.

مخاوف
وتبرز إلى الساحة مخاوف من تصدي جهات سياسية مشاركة في حكومة العثماني لهذا الإصلاح الذي قد يضر بمصالحها نظرا لارتباطها بشركات تنشط في هذا المجال.

الخصاصي يوصي بتطبيق إجراءاتللحفاظ على السلم الاجتماعي (الجزيرة نت)
الخصاصي يوصي بتطبيق إجراءاتللحفاظ على السلم الاجتماعي (الجزيرة نت)

وتحذر أصوات أخرى من داخل البرلمان من التداعيات الاجتماعية السلبية لقرار رفع الدعم الموجه للغاز والسكر والدقيق، حيث وصفت كتلة حزب الاستقلال بمجلس النواب مثل هذا القرار بالحساس.

وطالبت هذه الكتلة خلال مناقشتها للبرنامج الحكومي في مجلس النواب بإخضاع نظام الدعم لمبادئ الشفافية على النحو الذي يجعله يستهدف المستحقين والمحتاجين من الفئات الاجتماعية.

ويعتقد أستاذ التشريع المالي بجامعة محمد الخامس في الرباط عادل الخصاصي أن حكومة العثماني ستمضي في مشوار إصلاح نظام الدعم باعتباره امتدادا طبيعيا لما بدأته حكومة بنكيران.

وقال الخصاصي للجزيرة نت إن نجاح رفع الدعم عن بعض المواد الحيوية التي لها وقع مباشر على القدرة الشرائية لأغلب المواطنين، يتطلب وضع إجراءات مصاحبة تحول دون المساس بالسلم الاجتماعي، إذ إن عدم إيلاء أهمية لهذا الأمر في هذه الفترات العصيبة يمكن أن يعصف بالتأييد الشعبي لمبادرات الحكومة.

تحديات
من جانبه يرى الباحث في السياسات العمومية نوفل الناصري أن العثماني سيواجه عدة تحديات بشأن هذا الإصلاح، من بينها إقناع الفاعلين المتدخلين في هذا المجال، ومنهم لوبيات كبيرة ونافذة.

الناصري يقترح تقديم دعم مالي مباشر للطبقات الفقيرة (الجزيرة نت)
الناصري يقترح تقديم دعم مالي مباشر للطبقات الفقيرة (الجزيرة نت)

بالإضافة إلى ذلك، يقول الناصري إن الحكومة عليها أن تحيط بآثار هذا الإصلاح على الاقتصاد، وعلى تنافسية الشركات المغربية والفلاحين والمهنيين الذين يعتمدون على غاز البوتان في الأنشطة المتعلقة بضخ مياه السقي وتربية الدواجن في القطاع الفلاحي، بالإضافة إلى المخابز والمطاعم والمقاهي والفنادق في قطاع التجارة والخدمات.

ويرى أن الحكومة مطالبة بدعم القدرة الشرائية للمواطنين، خصوصا الطبقات الفقيرة والهشة والطبقة المتوسطة، وذلك باعتماد دعم مالي مباشر موجه لهم، مع مواكبة القطاعات التجارية المحتمل تأثرها بهذا التحرير.

كما يدعو الناصري إلى تقوية دور الرقابة على الأسعار ومتطلبات المنافسة في الأسواق، ودفع مؤسسات الحكامة للقيام بدورها كمجلس المنافسة ومراقبة الأسعار.

وتعليقا على المخاوف التي أثارها إعلان الحكومة عزمها رفع الدعم الباقي عن المواد الأساسية، قال العثماني أثناء مناقشة برنامجه الحكومي من طرف البرلمان إن مواصلة إصلاح نظام المقاصة (الدعم) يعتبر تحديا كبيرا، خاصة بالنسبة لغاز البوتان الذي يكتسي أهمية لدى الأسر الفقيرة والمتوسطة.

وأكد العثماني في كلمته أن "الحكومة ستواصل هذا الإصلاح تدريجيا وبمنهجية راشدة، وبالموازاة مع توجيه الاعتمادات الموفرة إلى دعم الفئات الهشة والمحتاجة وتمويل سياسات وبرامج التنمية الاجتماعية، وفق آليات وجدولة سيتم تحديدها في إطار تشاور موسع".

المصدر : الجزيرة