ارتفاع إيجار الشقق بالجزائر لمستويات غير مسبوقة

صورة لأحد الأحياء الجديدة بولاية سطيف شرق الجزائر العاصمة تصوير ياسين بودهان الجزيرة نت
أحد الأحياء الجديدة بولاية سطيف شرق الجزائر العاصمة (الجزيرة)

ياسين بودهان-الجزائر

شهدت أسعار إيجار الشقق السكنية في الجزائر خلال السنوات الأخيرة ارتفاعا قياسيا، ووصلت مستويات غير مسبوقة، الأمر الذي تسبب في تعميق معاناة الجزائريين مع أزمة السكن التي لم تجد لها الحكومة حلا بعد رغم جهودها المبذولة منذ سنوات.
 
ووفق دراسة أجراها مؤخرا موقع الكرية المتخصص بالدراسات والعروض العقارية، فإن أسعار إيجار الشقق السكنية شهدت ارتفاعا متواصلا خلال السنوات الأخيرة، وبلغت خلال العام الماضي ارتفاعا بنحو 6% مقارنة بـ 2015.

واعتمد الموقع في دراسته على 250 ألف إعلان نشر عبر مختلف المواقع المتخصصة بالخدمات العقارية، قام المشرفون بتحليل نحو عشرين ألفا منها لأن بقية الإعلانات لا تتضمن معلومات خاصة بالسعر، والمساحة المعروضة أو المطلوبة.

واللاّفت أن الجزائر تفتقد لنظام تسقيف وتحديد للأسعار العقارية، كما أن الوكالات العقارية الرسمية لا تمتلك معطيات دقيقة عن السوق العقارية، كون أغلب المعاملات تتم عبر السوق الموازية عن طريق السماسرة.

وتضم السوق الجزائرية 8.5 ملايين سكن، 50% منها تسيرها الدولة، أما سوق الايجار فتضم 2.5 مليون وحدة سكنية.

وتشير الدراسة إلى تباين نسب ارتفاع الأسعار عبر مختلف المدن، حيث بلغت مستويات جنونية عبر العاصمة حيث بلغ معدل ايجار شقة من ثلاث غرف لا تتجاوز مساحتها مئة متر نحو 560.91 دولارا، بعد أن كانت عام 2015 نحو 524.57 دولارا.

أجرة شقة من ثلاثة غرف في بعض أحياء العاصمة قد تبلغ وفق الخبير الاقتصادي بوكروح أكثر من ألف دولار
أجرة شقة من ثلاثة غرف في بعض أحياء العاصمة قد تبلغ وفق الخبير الاقتصادي بوكروح أكثر من ألف دولار

أسعار قياسية
أما في باقي الولايات الكبرى، فيتراوح معدل الإيجار ما بين 407.15 و271.40 دولارا، مثل عنابة وبجاية ووهران، أما باقي الولايات فيتراوح ما بين 180.90 و271.40 دولارا.

ورغم أن الارتفاع المسجل بقيمة الإيجار لم يتعد نسبة التضخم المقدر بـ 6.7%، فإن هذا المؤشر -وفق مدير موقع الكرية لطفي رمضاني- يبين الركود الذي يعرفه قطاع العقار بسبب التدابير الجديدة التي وضعت ضد المضاربة، غير أنه يشدد على أن الأسعار ليست عقلانية ومرتفعة جدا مقارنة مع الإيجار الأساسي الذي لا يتجاوز 162.88 دولارا.

ويعني ما سبق -برأي مدير موقع الكرية- أن متوسط سعر إيجار شقة من ثلاث غرف يتجاوز بثلاث أضعاف قيمة الأجرة الأساسية، عكس ما هو معمول به في دول أخرى تلزم بعدم تجاوز أسعار الإيجار ثلث قيمة الأجرة الأساسية.

وربط رمضاني ارتفاع الأسعار بعاملين اثنين، الأول قاعدة العرض والطلب حيث تشهد الجزائر سنويا أكثر من 350 حالة زواج جديدة، في حين أن الحكومة لا تنجز سوى مئتي ألف وحدة سكنية إلى جانب نحو ثلاثة آلاف وحدة ينجزها الخواص.

والعامل الثاني ربطه مدير موقع الكرية بانتشار الوكلاء غير الشرعيين الذين اعتبرهم السبب الأهم في ارتفاع أسعار العقارات بأكثر من 30% عن قيمتها الحقيقية.

رمضاني: العرض والطلب وانتشار الوكلاء غير الشرعيين أبرز عاملين لارتفاع أسعار أجرة الشقق السكنية
رمضاني: العرض والطلب وانتشار الوكلاء غير الشرعيين أبرز عاملين لارتفاع أسعار أجرة الشقق السكنية

الحظيرة السكنية
من جانبه، يكشف الخبير الاقتصادي عبد الوهاب بوكروح أن الجزائر تشهد ضغطا كبيرا على العقار، سواء بالاستخدام السكني أو المكتبي، خاصة على مستوى العاصمة وكبريات المدن.

ويرى بوكروح أن "غياب سوق جزائرية في مجال العروض الخاصة بالعقار المكتبي أثر بشكل كبير على أسعار العروض السكنية". ويضيف للجزيرة نت أنه خلال الـ 15 عاما الأخيرة "شهدت الجزائر نموا اقتصاديا ساهم في ارتفاع الطلب والحاجة للعقار المكتبي، وفي غياب عروض متخصصة بهذا المجال فقد تم اللجوء إلى استخدام الشقق كمكاتب".

وأشار إلى أن "الطفرة التي حصلت خلال السنوات الأخيرة تسببت في ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية، حيث تبلغ أجرة شقة من ثلاث غرف في بعض أحياء العاصمة أكثر من ألف دولار" في حين متوسط دخل الأسرة -وفق اتحاد العمال- يقدر بنحو 334.84 دولارا ما يعني أن "الأسرة الجزائرية غير قادرة على إيجار شقة حتى على مستوى الأحياء المعزولة والجانبية".

ووفق الخبير بوكروح، فإن السوق العقارية بالجزائر تفتقد لآليات ضبط حقيقية، فلا توجد "إجراءات أو قوانين رادعة وضابطة يتم على أساسها تحديد الأسعار، خاصة في ظل غياب مؤسسات ومواقع متخصصة".

المصدر : الجزيرة