في مصر.. انخفض الدولار واشتعلت الأسعار

صورة لأحد مراكز بيع السلع الأساسية والغذائية بمصر
أحد مراكز بيع السلع الأساسية والغذائية بمصر (الجزيرة)

عبد الرحمن محمد-القاهرة 

مع انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، داعب المصريين أمل في انخفاض أسعار السلع التي شهدت زيادات متتالية خلال الفترات الماضية، بررها المسؤولون حينها بارتفاع أسعار صرف الجنيه مقابل العملة الأجنبية نتيجة تحرير صرفه.

وأعرب رئيس شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية أحمد شيحة عن أمله في أن يؤدي تراجع الدولار إلى تراجع بالأسعار على المدى القريب، معتبرا تخفيض سعر الدولار الجمركي إلى 16 جنيها بدلا من 18.5 "سينعكس إيجابيا على أسعار السلع في السوق المحلية".

لكن راضي حسن -الذي يمتهن نقل البضائع بين محافظات مصر– يرى أن السلعة التي يرتفع ثمنها في مصر "لا ينخفض مهما حصل". وقال للجزيرة نت إن وعود المسؤولين والاقتصاديين بتراجع أسعار السلع خلال المرحلة المقبلة "كاذبة وهي للاستهلاك الإعلامي وتسكين عواطف البسطاء، فهي مكررة وسبق أن تبددت مع حدوث زيادات جديدة صادمة".
 
أما مدرس الاقتصاد بأكاديمية أوكلاند الأميركية مصطفى شاهين، فيشير إلى نظرية اقتصادية ترى أن "الأسعار لا تمتلك رغبة حقيقية في الانخفاض كما الحال في الارتفاع، فحتى مع انتفاء أسباب الارتفاع لا تهبط بذات المستوى الذي ارتفعت به".

ويضيف " التاجر عادة ما يضع أولوية لاحتمالات ارتفاع سعر الدولار حتى في ظل انخفاضه، فيرفع الأسعار احتياطا وإن لم ينخفض كما أن دورة حياة المنتج المستورد المعتمد على الدولار تحول هي الأخرى دون توقع انخفاض حقيقي للسلع مع التخوف من عدم ثبوت حالة الانخفاض الحاصلة في سعر الدولار".
 

‪ممدوح الولي: انخفاض سعر صرف الدولار حالة مؤقتة‬ ممدوح الولي: انخفاض سعر صرف الدولار حالة مؤقتة (الجزيرة)
‪ممدوح الولي: انخفاض سعر صرف الدولار حالة مؤقتة‬ ممدوح الولي: انخفاض سعر صرف الدولار حالة مؤقتة (الجزيرة)

حالة مؤقتة
ويُرجع الخبير الاقتصادي ممدوح الولي عدم تراجع أسعار غالبية السلع "لكون السوق غير مطمئن لأسباب تراجع الدولار التي حدثت بسبب ضخ البنك المركزي دولارات في السوق وليس لأسباب تربط بالموارد الأصلية كالسياحة والاستثمار الأجنبي".

 ويرى الولي -الذي شغل منصبيْ نقيب الصحفيين ورئاسة مجلس إدارة صحيفة الأهرام القاهرية سابقا- أن انخفاض سعر صرف الدولار "حالة مؤقتة ويمكن أن تأخذ اتجاها عكسيا خلال الفترة القادمة".
 
وأوضح أن هناك أسبابا لارتفاع أسعار السلع منها "رفع سعر الوقود والكهرباء، وارتفاع تكلفة نقل السلع والجمارك مرتين، وتضاعف قيمة الدولار الجمركي، وفرض ضريبة القيمة المضافة، وزيادة أسعار كثير من الخدمات الحكومية، والاحتكار، وضعف الأجهزة الرقابية".

وقال الولي أيضا إن المستوردين "يرون أن دورة الاستيراد تحتاج شهرين، وشهرين آخرين حتى يشعر السوق بانخفاض سعر العملة الأجنبية، مع الأخذ في الاعتبار أن البنوك تضيف عمولة تدبير عملة على المبالغ التي تقرضها للقطاع الخاص بنسبة تزيد على 10%، ما يقلل أثر تراجع الدولار حتى في حال استقراره".

في المقابل، يحمل الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب التجار المسؤولية عن الارتفاع الحالي للأسعار، مشيرا إلى أن "السلع التي ارتفعت أثمانها كانت موجودة بمخازنهم قبل تعويم الجنيه وانخفاض قيمته".

ويرى عبد المطلب أن استمرار ارتفاع أسعار السلع رغم ارتفاع قيمة الجنيه "أمر طبيعي في ظل استغلال التجار لقرار التعويم".
 
واعتبر أن "الأخطر هو ارتفاع أسعار الخدمات، مثل تعريفة النقل الخاص وتكاليف الخدمات الصحية الخاصة وارتفاع قيمة خدمات التعليم الخاص والدروس الخصوصية، وغيرها من الخدمات التي لا يمكن أن تنخفض نتيجة انخفاض سعر الدولار مقابل الجنيه".

ويؤكد عبد المطلب أنه من الضروري لخفض أسعار السلع الأساسية "العمل على زيادة الإنتاج المحلي من خلال تشجيع إقامة مصانع لها، والتوسع في إنتاجية المحاصيل الزراعية، وتوسيع منشآت الثروة الحيوانية والداجنة، وتشجيع إقامة جمعيات مركزية أهلية لحماية المستهلك المصري".

المصدر : الجزيرة