كيف يريد البنك المركزي المغربي تعويم الدرهم؟

Morocco's Central Bank Governor Abdellatif Jouahri speaks to the media in Rabat September 24, 2013. Morocco's central bank held its benchmark interest rate at 3 percent forecasting inflation would stay in line with its price stability objective in the medium term. Inflation reached 1.9 percent in August, after 1.6 percent in July and an average of 2.4 percent in the first half-year. Picture taken on September 24, 2013. REUTERS/Stringer (MOROCCO - Tags: BUSINESS POLITICS)
محافظ البنك المركزي عبد الرفيع الجواهري يتحدث في مؤتمر صحفي (رويترز)

بدأ البنك المركزي المغربي منذ أسابيع حملة تواصلية لشرح تفاصيل خطة لإصلاح سعر صرف الدرهم لينتقل تدريجيا من نظام الصرف الثابت إلى نظام صرف مرن، ويقول المركزي المغربي إن إصلاح سعر الصرف سيكون اختياريا ومحضرا له وتدريجيا ومنظما، مستفيدا من احتياطات ملائمة من النقد الأجنبي ونسبة تضخم قليلة (أقل من 2%) وغياب السوق السوداء للعملة.

ويذهب البنك المركزي إلى أن تجربة المغرب ستكون مغايرة للتجربة المصرية، إذ اضطرت القاهرة تحت ضغط تردي الوضع الاقتصادي والمالي إلى تحرير مفاجئ وغير منظم للجنيه في نوفمبر/تشرين الأول 2016، في ظل ضعف الاحتياطي النقدي وارتفاع نسبة التضخم (23%).

ويقول المركزي المغربي، في وثيقة وزعت على الصحافة المحلية وحصلت الجزيرة نت على نسخة منها، إن مبررات تعويم العملة تهدف لمواكبة انفتاح البلاد على الاقتصاد العالمي، وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد المغربي والمساهمة في تعزيزها، وتخفيف الاختلالات الخارجية والصدمات الخارجية، ومواكبة تطوير القطاع المالي، ولا سيما الدفع بمكانة المركز المالي للدار البيضاء، فضلا عن الحد من الضغوط على احتياطات النقد وتجنب أزمات الصرف.

الإطار الكلي
وفي تبريره لاختيار الوقت الحالي لبدء هذا الإصلاح، يوضح البنك المركزي أن الإطار الاقتصادي الكلي للمغرب متين حاليا، وهو ما يسمح بالشروع في إصلاح نظام الصرف، ولا سيما من حيث عجز الموازنة، ومستوى الدين الحكومي، والاحتياطي النقدي ومعدل التضخم. ويشدد على ضرورة الحفاظ على هذه المتانة طيلة مسار الانتقال نحو نظام صرف أكثر مرونة.

‪سينفذ تعويم الدرهم على مراحل‬ (الجزيرة)
‪سينفذ تعويم الدرهم على مراحل‬ (الجزيرة)

ويوضح البنك المركزي أنه في إطار نظام صرف أكثر مرونة سيتم التخلي عن سعر الصرف كإطار تثبيت اسمي، وسيتم اعتماد نظام لاستهداف نسبة معينة من التضخم، وهو ما من شأنه تحسين انتقال قرارات السياسة النقدية إلى السوق وتعزيز فعاليتها.

وفي ظل نظام سعر الصرف المرن، سيعلن البنك المركزي بشكل صريح عن نسبة التضخم المستهدفة ويلتزم بتحقيقها على المدى المتوسط، مع تعزيز التواصل مع الجمهور بشأن التوقعات والفوارق بين النسبة المتوقعة والنسبة المسجلة.

والهدف الذي يبتغيه المركزي المغربي من هذا الإصلاح هو الوصول إلى نظام صرف يتم فيه تحديد أسعار مختلف العملات مقابل الدرهم عن طريق السوق ومعادلة العرض والطلب على العملات، ولن يتم وضع أي هدف من حيث سعر تقويم الدرهم، وستنحصر تدخلات البنك في سوق الصرف على ضمان توفر السوق على سيولة ملائمة من العملات الأجنبية.

بدايات الإصلاح
وتعود بداية التفكير في مشروع إصلاح نظام الصرف إلى العام 2007، وفي الفترة بين عامي 2010 و2015 قام البنك المركزي بتحليل الوضع، وإجراء دراسات مقارنة مع تجارب دول أخرى، وإعداد الخطة لإصلاح نظام سعر الصرف مستفيدا من مساعدة تقنية من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومؤسسات أخرى.

وسيكون العام الحالي سنة تهيئة الفاعلين الاقتصاديين والماليين في المغرب لإصلاح نظام سعر الصرف، والذي سيستغرق سنوات ليستكمل كافة مراحله، ومن بين التدابير الممهدة لتطبيق الإصلاح اعتزام البنك المركزي إنشاء سوق للصرف بين البنوك العام الجاري، كما سيسمح البنك للدرهم بالتحرك مقابل العملات الأجنبية ضمن نطاق ضيق.

ويقول البنك المركزي المغربي إن كافة متطلبات الانتقال لنظام سعر صرف مرن متوفرة، كما أن الظرف الاقتصادي الحالي مواتٍ للانتقال نحو ذلك النظام، إذ تحسن وضع الميزان التجاري وميزان المدفوعات، وبلغ حجم الاحتياطي النقدي مستوى مريحا، فضلا عن الضمانة التي يوفرها قرض صندوق النقد الدولي.

مراحل الإصلاح
وسينفذ تعويم الدرهم على مراحل من أجل تمكين مختلف المتدخلين في السوق من التكيف مع هذا التطور ومواكبتهم خلال هذا الانتقال. ووفق أدبيات النقد الدولي فإن الانتقال المنظم إلى سعر صرف مرن يمر عبر أربع مراحل تنطلق من النظام الثابت، تليها مرحلة سعر صرف محدود المرونة، ثم سعر صرف أكثر مرونة انتهاءً بالمرحلة الأخيرة وهي التعويم.

غير أن هذا الإصلاح يطرح على الشركات المغربية ولا سيما المصدرة منها والمستوردة تحدي التحوط من تقلبات سعر الصرف مع استعداد السلطات لبدء تعويم تدريجي للعملة، وهو ما سيؤثر على كلفة الاستيراد والتصدير وبالتالي هوامش أرباح الشركات.

المصدر : الجزيرة