مسلمو بريطانيا ضحايا التمييز في سوق العمل

صورة لاحدى الجاليات المسلمة في لندن
مسلمو بريطانيا يبلغ عددهم نحو 2.7 مليون شخص ويواجهون مصاعب جمة في الحصول على عمل أو أجور مناسبة (الجزيرة)

العياشي جابو-لندن

أقرت الحكومة البريطانية بوجود فجوة كبيرة بين فرص العمل والأجور المتاحة للمسلمين في بريطانيا مقارنة بالمواطنين المسيحيين، بحسب تقرير جديد.

واعترف مكتب المساواة الحكومي، الذي نشر هذا التقرير تجاوبا مع تقرير آخر كانت أصدرته اللجنة البرلمانية لمساواة المرأة الصيف الماضي عن فرص العمل المتاحة للمسلمات، بأن المسلمين الذين يبلغ عددهم نحو 2.7 مليون شخص في بريطانيا يواجهون مصاعب جمة في الحصول على فرص عمل أو أجور مناسبة.

وقال مكتب المساواة أيضا إن عدم وجود بيانات شاملة ومتكاملة عن المسلمين يعيق إحداث أي تقدم في زيادة إقبال المسلمين على التعليم العالي، وهو ما ينعكس سلبا على حصولهم على فرص عمل.

التوظيف غير الرسمي
وجاء في التقرير الحكومي أنه ينبغي بذل المزيد من الجهود لرفع مستوى الوعي في أوساط أرباب العمل بشأن التمييز العنصري في قطاع العمل، مضيفا أن عمليات التوظيف غير الرسمية تجعل من الصعب ضبط التحيز في اختيار الموظفين.

البرلمان البريطاني ناقش التمييز ضد المسلمين في سوق العمل والنساء خاصة (الجزيرة)
البرلمان البريطاني ناقش التمييز ضد المسلمين في سوق العمل والنساء خاصة (الجزيرة)

بيد أن الحكومة البريطانية قالت إنها لن تقوم بإعداد خطة خاصة بمجابهة اللامساواة بالنسبة للمسلمين وحدهم، بل شددت على تقديم دعمها لكل المجموعات أو الفئات التي تواجه صعوبات في إيجاد فرص عمل، بمن فيهم المسلمون.

وطلبت من الجامعات توسيع بياناتها عن الطلبة الذين تستقبلهم، كي لا تشمل فقط فئات الآسيويين والسود والبيض، بمعنى أن تجد طريقة لجمع بيانات تشير إلى إقبال المسلمين على التعليم العالي وأعدادهم ونسبهم وخلفياتهم الاجتماعية، وغير ذلك.

عمل المسلمات
وكان تقرير اللجنة البرلمانية لمساواة المرأة شدد العام الماضي على أن المسلمات هن الأكثر تضررا في الحصول على وظائف في سوق العمل البريطانية، مشيرا إلى أن 12.5% من المسلمات عاطلات عن العمل مقارنة بـ 5.4% من بقية البريطانيين.

وحدد التقرير وقتئذ ثلاثة عوامل أساسية تسهم في الحيلولة دون حصول المرأة المسلمة على وظيفة في سوق العمل البريطانية، وهي كونها امرأة وتنتمي إلى أقلية عرقية ومسلمة.

نسبة البطالة بين المسلمات في بريطانيا 12.5% حسب التقرير البرلماني (الجزيرة)
نسبة البطالة بين المسلمات في بريطانيا 12.5% حسب التقرير البرلماني (الجزيرة)

وتظل حالات عدم المساواة والعنصرية التي يواجهها المسلمون في سوق العمل في بريطانيا تفتقر إلى التوثيق الحقيقي؛ وبالتالي المعالجة الناجعة باعتراف الحكومة واعتراف المسلمين أنفسهم.

يقول الدكتور شازاد آمين رئيس مؤسسة مشاركة المسلمين وتنميتهم (مَنْد) في تصريح للجزيرة نت إن معدلات البطالة العالية وقلة النشاط الاقتصادي بين المسلمين البريطانيين حقيقة معروفة لأكثر من عقد من الزمن.

ويضيف أن تقارير كثيرة سابقة أشارت في تحليلاتها إلى أن المسلمين البريطانيين هم الأكثر حرمانا بين المجموعات والأقليات العرقية الأخرى في بريطانيا.

ويوضح أن معدّي التقارير المختلفة قدموا توصيات قيّمة للنقابات وأرباب العمل والحكومة لمواجهة المشكلة، بيد أن التدخلات السياسية كانت بطيئة جدا لمواكبة ذلك، مشيرا في الوقت ذاته إلى افتقار الحكومة لنهج صارم يتعامل مع هذه المشكلة بما هو مطلوب، وميلها بدلا من ذلك إلى الاهتمام بسياسة الاندماج أو مكافحة الإرهاب.

قصص التمييز
تطفو بين الفينة والأخرى قصص يصعب التأكد من وقوعها فعلا، يشير فيها بعض المسلمين -خاصة النساء- إلى تعرضهن للتمييز والعنصرية في الحصول على وظيفة حتى على مستوى مؤسسات كبيرة.

كثير من ضحايا التمييز في العمل لا يتقدمون بشكاوى رسمية (الجزيرة)
كثير من ضحايا التمييز في العمل لا يتقدمون بشكاوى رسمية (الجزيرة)

وتقول فتاة مسلمة حاصلة على دبلوم جامعي -فضلت عدم الكشف عن هويتها- إنها تقدمت لثلاث وظائف في شركات بريطانية مختلفة، وهي مرتدية الحجاب وقوبلت بالرفض والاعتذار بعد إجراء كل مقابلة، وفي المرة الرابعة تقدمت إلى شركة أخرى دون أن ترتدي حجابها، واستطاعت أن تحصل على الوظيفة.

وهناك قصص مماثلة يتحدث فيها أشخاص عن أنهم عندما يتقدمون لوظائف معلن عنها، يكون فيها الرد الأولي إيجابيا عند الاتصال بالهاتف مثلا، وعند إجراء المقابلات وجها لوجه تتغير نبرة الترحيب رأسا على عقب، ويتم الاعتذار واختلاق أعذار مختلفة لطالب الوظيفة المسلم.

ويجد المسلمون أنه ليس من صالحهم الكشف عن هوياتهم في سبيل الحصول على وظيفة هم في أشد الحاجة إليها، ولربما يعرضون أنفسهم إلى تداعيات سلبية مع شركات توظيف أخرى، إلا أن عدم اللجوء إلى السبل القانونية ومواجهة التمييز العنصري في القضاء البريطاني لن يقضي على الظاهرة بل يزيد في استشرائها وفقا لما يراه العديد من الأطراف المسلمة.

وفي هذا السياق، يقول الدكتور شازاد أمين إن نتائج المسح الذي أجرته مؤسسته بخصوص المسلمين الذين يواجهون التمييز في الحصول على وظيفة أو في أماكن عملهم، أظهرت أنه من المستبعد الإبلاغ عما يتعرضون له من تمييز أو مضايقات، وعندما يتم الإبلاغ عن ذلك، يكون عادة إلى الأشخاص الأقرب إليهم كالأصدقاء أو أفراد أسرهم.

وأوضحت نتائج المسح أن 52% ممن واجهوا التمييز في الوظيفة أبلغوا بذلك عائلاتهم أو أسرهم فقط، وأن 39% توجهوا بشكواهم إلى الإدارة.

المصدر : الجزيرة