الجزائر تجرب وصفة جديدة للاقتصاد والمستقبل غامض

جانب من ميناء الجزائر العاصمة
ميناء الجزائر العاصمة (الجزيرة نت)

ياسين بودهان-الجزائر

استعرضت الحكومة الجزائرية أبرز معالم النموذج الاقتصادي الجديد الذي تسعى إلى تجسيده بين عامي 2016 و 2019 لمواجهة تداعيات انهيار أسعار النفط، مع اعترافها بصعوبة الوضع الاقتصادي وغموض المستقبل.

ويتلخص النموذج الجديد في تحرير اقتصاد البلاد من التبعية للمحروقات عن طريق إصلاح الجباية، وجعل الميزانية في خدمة النمو، مع وضع قاعدة صناعية وإنتاجية قوية من خلال تحسين مناخ المؤسسات وترقية المنتوج المحلي ومحاربة الفساد والبيروقراطية. وتمثل المحروقات نحو 95% من إجمالي صادرات الجزائر، وتشكل عائداتها نحو 60% من ميزانية البلاد.

وجاء استعراض النموذج الاقتصادي الجديد ضمن اجتماع "الثلاثية" السنوي الذي يضم الحكومة والاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنظمات أرباب العمل والذي بدأت أعماله أمس الأحد. واعترف رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال في افتتاح الاجتماع بأن "الوضع صعب والعوائق حقيقية والغد غامض"، لكنه أضاف أن "الجزائر تقاوم جيدا".

دقة الأرقام
وقال سلال إن الاحتياطي الأجنبي للجزائر تراجع إلى 136.9 مليار دولار، لكن هناك شكوى في البلاد من تضارب البيانات الاقتصادية التي تصدر عن جهات مختلفة.

ويرى أستاذ الاقتصاد بجامعة البليدة فارس مسدور أن الحكومة "تقدم أرقاما غير دقيقة، فبالأمس القريب خرج علينا محافظ البنك المركزي ليصرح لنا بأن احتياطي الصرف في حدود 149 مليار دولار، وبعد أيام قليلة فقط صرح الوزير الأول (رئيس الوزراء) بأن احتياطي الصرف لا يتجاوز 136 مليار دولار".

واعتبر أن "حديث الحكومة عن نسبة بطالة تقدر بـ11% هو أكبر أضحوكة في الجزائر، لأن الأرقام الحقيقية أكبر من ذلك بكثير".

وقلل مسدور من أهمية "الثلاثية"، قائلا للجزيرة نت "لم نرتق بعد إلى ثلاثية حقيقية يكون فيها نقاش قوي بين الحكومة وشركائها من نقابات وأرباب عمل". ويرى أستاذ الاقتصاد أن حل أزمة الجزائر يأتي باستحداث متنفس جديد للاقتصاد "بذهاب الحكومة الحالية واستبدالها بحكومة تكنوقراط بعيدة عن السياسة".

الانفتاح على أفريقيا
ومن بين الحلول التي تسعى الحكومة الجزائرية إلى تبنيها ضمن المخطط الاقتصادي الجديد الانفتاح على الأسواق الأفريقية، وهو الخيار الذي أعلن عنه منتدى رؤساء المؤسسات في مارس/آذار الماضي، حين دعا إلى عقد لقاء اقتصادي جزائري أفريقي من أجل تصدير المنتجات والخدمات الجزائرية إلى بلدان القارة والترويج لها. وصرح رئيس غرفة الصناعة والتجارة العيد بن عمر قبل يومين بأن هذا اللقاء سيعقد بين 19 و21 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

خبابة: الصدمة البترولية يمكن أن تعيد للحكومة بوصلتها (الجزيرة نت)
خبابة: الصدمة البترولية يمكن أن تعيد للحكومة بوصلتها (الجزيرة نت)

وتشير إحصائيات المركز الوطني للإعلام الآلي والإحصاء التابع للجمارك الجزائرية إلى أن المبادلات التجارية الجزائرية مع الدول الأفريقية هي الأضعف، وبالنسبة للواردات تراجعت من 440 مليون دولار في عام 2014 إلى 350 مليونا في 2015، في حين تراجعت الصادرات من 110 ملايين دولار في 2014 إلى 92 مليونا في 2015.

ويعتقد عضو لجنة المالية في البرلمان الجزائري يوسف خبابة أن استفاقة حكومة بلاده في هذا الموضوع جاءت متأخرة، وكان ينبغي برأيه أن تأتي حينما كانت الجزائر في وضع قوة عندما أسقطت ديون 14 بلدا أفريقيا بقيمة 900 مليون دولار، إلا أن الحكومة "لم تستثمر هذا الأمر جيدا، لأنها كانت تعتمدا كليا على الريع البترولي".

ويرى خبابة أن الصدمة البترولية يمكن أن تعيد للحكومة "بوصلتها الضائعة"، وتذهب نحو بناء اقتصاد وتنمية بعيدا عن الريع البترولي، بدعم فرص الاستثمار في قطاعات أخرى.

المصدر : الجزيرة