أسواق دمشق تغلي ودعوات لمقاطعة التجار

أحد الأسواق القديمة في العاصمة دمشق
أحد الأسواق القديمة في دمشق (الجزيرة نت)

سلافة جبور-دمشق

يشهد صيف هذا العام بداية ملتهبة في العاصمة السورية دمشق مع الانخفاض غير المسبوق في سعر صرف الليرة السورية وما قابله من تضخم كبير في أسعار السلع.

فالعملة التي كانت مستقرة لسنوات طويلة قبيل اندلاع الثورة في البلاد عام 2011 حين كان الدولار الأميركي يساوي نحو 47 ليرة، انخفضت بأكثر من 1200% خلال الأعوام الخمسة الفائتة، ليساوي الدولار الواحد أكثر من ستمئة ليرة سورية، ولترتفع أسعار كافة المواد لأكثر من عشرة أضعاف قيمتها السابقة.

وانعكس هذا التدهور في قيمة العملة، مضافا إليه العجز الحكومي التام عن إنقاذها وغياب الرقابة عن الأسواق التي باتت مسرحا لتلاعب التجار، على المزاج العام في العاصمة حيث ساد التململ من الأوضاع المعيشية المتدهورة، ووصل إلى حد الدعوات العلنية لمقاطعة الشراء، وهي دعوات أخذت بالانتشار بين السكان وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

فعالية على فيسبوك
وقد دعا مواطنون سوريون إلى فعالية على موقع فيسبوك بعنوان "مقاطعة الشراء لمدة أسبوع بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض سعر الليرة السورية"، وقالوا إنهم سيمتنعون عن شراء أي مواد استهلاكية، وإن المقاطعة سترغم التجار على خفض الأسعار وستؤدي إلى "دعم الليرة ودعم المنتج الوطني".

صورة لدعوة المقاطعة على موقع فيسبوك
صورة لدعوة المقاطعة على موقع فيسبوك

واستقطبت الفعالية التي يفترض أن تنطلق غدا الأربعاء، اهتمام ومتابعة أكثر من ثلاثين ألف شخص، دارت بين عدد منهم نقاشات بشأن أفضل الطرق للوصول للتأثير المطلوب، في ظاهرة قلما شهد مثيلها هذا البلد الذي اعتاد مواطنوه القمع ومصادرة الحريات.

وفي حين رفض مدير الفعالية محمد شربجي التعليق للجزيرة نت على آليات المقاطعة المزمع تنفيذها والنتائج المتوخاة منها، تحدثت ديما -وهي من سكان العاصمة دمشق- عن أملها في أن يكون لتضافر آراء السوريين بشأن هدف واحد أثر ملموس في الأيام المقبلة.

ورأت ديما في حديثها للجزيرة نت أن "السوريين اليوم على انقسامهم توحدهم المعاناة اليومية في الحصول على قوت يومهم ومجابهة جشع التجار ولامبالاة وعجز الحكومة عن التخفيف من الآثار الاقتصادية للحرب الطاحنة الدائرة في البلاد". وأضافت أنهم إذ يدعون اليوم لمقاطعة الشراء "يأملون أن يشكل ذلك ضغطا باتجاه خفض الأسعار وفرض الرقابة الصارمة على الأسواق".

موقف الحكومة
ولا تبدو الحكومة السورية مبالية بمعاناة ملايين السوريين الذين شردت الحرب معظمهم ودمرت ممتلكاتهم وجردتهم من مصادر دخلهم. ولم تلق إحصاءات أجنبية قدرت مؤخرا نسبة السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر الأدنى بـ87% وفقا لمعيار البنك الدولي اهتماما لدى رؤوس النظام وتجار الحرب، وهم على ما يبدو الرابح الأكبر من المستنقع الذي تغرق فيه البلاد.

جانب من النقاش بشأن مقاطعة الأسواق على فيسبوك
جانب من النقاش بشأن مقاطعة الأسواق على فيسبوك

وفي حديث للجزيرة نت، يقول الناشط الإعلامي وليد الدمشقي إن العاصمة دمشق وبعض المدن الأخرى مثل السويداء الواقعة جنوبي البلاد شهدت لأيام متفرقة حالات امتناع أصحاب محال تجارية عن البيع بسبب التذبذب الكبير في سعر صرف الليرة أمام الدولار، واحتجاجا على تحكم تجار السوق السوداء في أسعار الصرف.

ويؤكد الناشط المقيم داخل العاصمة عجز الحكومة عن التعامل مع هذا التدهور الكبير في قيمة العملة، التي أخذت بالانحدار السريع منذ إعلان التدخل الروسي في سوريا أواخر سبتمبر/أيلول 2015، حيث يكتفي مصرف سوريا المركزي بعقد جلسات تدخل وتحديد سعر صرف لا يستطيع إلزام التجار به.

وينوّه الدمشقي إلى أن المجتمع السوري يبدو اليوم على حافة الانفجار نتيجة الضغط الاقتصادي الكبير الذي تتعرض له مئات آلاف العائلات ذات الدخل المحدود، والتي لم يعد دخلها الشهري يكفي سوى لتأمين متطلباتها الأساسية لعشرة أيام في الشهر على الأكثر.

ويرى الدمشقي أهمية وضرورة التدخل الحكومي في فرض الرقابة على التجار وطرح المواد الاستهلاكية الأساسية بأسعار مدعومة، وإلا فإنها "قد تواجه في المدى القريب كوارث لا تحمد عواقبها"، على حد تعبيره.

المصدر : الجزيرة