اقتصاد مصر يئن بعد عام من مؤتمر شرم الشيخ

أحوال المصريين تزداد سوءا بعد عام من المؤتمر الاقتصادي
أحوال المصريين تزداد سوءا مع تراجع المؤشرات الاقتصادية (الجزيرة)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

تصادف الذكرى الأولى لمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الذي عقد في الفترة بين 13 و15 مارس/آذار من العام الماضي، قيام البنك المركزي المصري بأكبر تخفيض لسعر العملة المحلية في تاريخها بمقدار 1.12 جنيه مقابل الدولار، وهو الأمر الذي يعكس ما وصل إليه واقع الاقتصاد من تدهور.

وحسب خبراء اقتصاد، فإن هذا الواقع يشير إلى أن المؤتمر لم ينجح في تحقيق أي من أهدافه، رغم ما صاحبه من دعاية ضخمة منحت حينها المصريين أملا كبيرا في تحسين أوضاعهم، وهو الأمر الذي اضطرت معه الحكومة إلى تأجيل الجولة الثانية من المؤتمر التي كان من المقرر عقدها بعد عام من الأولى.

وحسب تقديرات رسمية صدرت عقب المؤتمر، فإن الأطراف المشاركة اتفقت مع الحكومة المصرية على استثمارات وقروض قيمتها الإجمالية ستون مليار دولار، فضلا عن تعهدات بدعم خليجي قدره 12.5 مليار دولار، في حين بلغ حجم ما أُنفق على تنظيم المؤتمر أكثر من مئة مليون جنيه (12.8 مليون دولار)، وفقا لتصريحات رسمية حينها.

وأُعلن خلال المؤتمر عن عدة مشاريع ضخمة، أبرزها إنشاء عاصمة إدارية جديدة تبلغ كلفة مرحلتها الأولى 45 مليار دولار، سرعان ما تعثر اتفاق تنفيذها الذي أبرم مع مستثمرين إماراتيين، كما نشرت وسائل إعلام محلية تقارير تفيد بأن المؤتمر أسفر عن 55 مشروعا لم يُوقع منها سوى سبعة فقط.

النتائج السياسية
وفي هذا السياق، يرى مدرس الاقتصاد بأكاديمية أوكلاند الأميركية مصطفى شاهين أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "ربما نجح في تحقيق هدفه السياسي من المؤتمر، والمتمثل في الحصول على شرعية دولية حين استطاع حشد الكثير من رؤساء الدول والمسؤولين في المؤتمر".

السيسي  يناقش مشروع العاصمة الجديدة الذي انسحب الإماراتيون منه في ما بعد (رويترز)
السيسي يناقش مشروع العاصمة الجديدة الذي انسحب الإماراتيون منه في ما بعد (رويترز)

إلا أن الأهداف الاقتصادية -وفق حديث شاهين للجزيرة نت- "لم تتحقق للأسف حيث كان الموعود أن يدخل مصر كمحصلة للمؤتمر 120 مليار دولار، وهو ما لم يحدث".

وتابع "كان المفترض أن تؤَكَد هذه الأرقام ببيانات من البنك المركزي، لكن واقع الحال يكذب ذلك، وربما المكسب الوحيد هو إبرام صفقة مع شركة سيمنس لتوليد الكهرباء، وهو لم يكن استثمارا بقدر كونه إحلالا محل الشركة الموجودة، وأزمة مصر الحقيقية كانت في الاستثمارات".

وأشار إلى أن الاستثمار في قطاع الكهرباء ربما يلمس الناس له أثرا، "لكن البيئة الاقتصادية في مصر بشكل عام طاردة للاستثمار الأجنبي، والتقارير الدولية تشير إلى أننا في مرتبة متأخرة في البيئة الاقتصادية لنجاح الأعمال".

في السياق نفسه، رأى الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي محمد علي أن "الأرقام التي ظهرت خلال المؤتمر عن حجم الاستثمارات كان مبالغا فيها للغاية، واعتمدت بشكل كبير على الدعاية السياسية".

وقال للجزيرة نت "رغم أن المحصلة الأبرز من المؤتمر تمثلت في المساعدات الخليجية التي تم الإعلان عنها فإن كون بعضها وصل في صورة مواد بترولية قلل من قيمتها وجدواها في الواقع الاقتصادي"، مضيفا أن "المشاريع كانت في أغلبها "فناكيش" (مشاريع وهمية) لا تختلف كثيرا عن الإنجازات الطبية الوهمية وتطوير قناة السويس".

السمعة الاستثمارية
وكان وزير الاستثمار المصري أشرف سالمان صرح مؤخرا في لقاء تلفزيوني بأن "المؤتمر الاقتصادي نجح في تحقيق هدفه، وهو وضع مصر على خريطة الاستثمارات العالمية، وأنه تم توقيع اتفاقيات ملزمة بقيمة 58 مليار دولار في مجالات الطاقة والبترول والنقل، بخلاف مذكرات التفاهم التي تم توقيعها أثناء انعقاده أيضا".

ويوافق الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب وزير الاستثمار المصري في كون المؤتمر نجح في "وضع مصر على الخريطة الاستثمارية من جديد، وأوضح للعالم كله وجود فرص استثمارية مربحة واعدة في مصر".

إلا أنه رأى في حديثه للجزيرة نت أن "الإدارة المصرية لم تتمكن من ترجمة هذه السمعة وهذه المكاسب إلى استثمارات واقعية تضيف للإنتاج المصري".

وأضاف "للأسف المؤتمر لم يحقق أيا من الاستثمارات التي تم الاعلان عنها، ولم يتم تحويل أي من مذكرات التفاهم أو العروض التي قدمت في المؤتمر إلى عقود على أرض الواقع، ولذلك لم يتم عقد الجولة الثانية له".

المصدر : الجزيرة