ممتلكات بن علي.. عائدات مخيبة للآمال
خميس بن بريك-تونس
هذه النتيجة التي أحدثت صدمة جديدة لدى الرأي العام كشفها وزير المالية التونسي سليم شاكر، حين أعلن أن خزينة البلاد لم تنتفع سوى بـ12 مليون دينار (ستة ملايين دولار) من مبيعات جزء مهم من ممتلكات بن علي وعائلته طيلة السنوات الخمس الماضية.
فبعد الثورة تمت مصادرة 544 شركة ناشطة في مختلف المجالات الاقتصادية، و539 عقارا، و148 سيارة، و65 ألف منقول كالهدايا والمجوهرات واللوحات الفنية أغلبها في القصر الرئاسي بسيدي الظريف في العاصمة، إضافة إلى حسابات بنكية ومحافظ مالية.
مصير العائدات
وقال وزير المالية للجزيرة نت إن حكومات ما بعد الثورة أنجزت منذ 2011 إلى العام الماضي 212 عملية بيع لممتلكات مصادرة بقيمة 978 مليون دينار (نحو 499 مليون دولار)، ذهب منها 966 مليون دينار (نحو 493 مليون دولار) لسداد ديون وتغطية مصروفات.
لكن الأمر لم يستسغه خبراء اقتصاد يؤكدون وجود سوء تصرف وشبهات فساد حول طريقة إدارة الممتلكات المصادرة، وتعتيم بشأن إجراءات بيعها ومصير العائدات المالية، ويتساءلون عن سبب عدم وجود جرد مفصل بشأن صرفها.
وفي السياق يقول الخبير الاقتصادي ورئيس الجمعية التونسية للحوكمة معز الجودي، للجزيرة نت، إن ملف مصادرة ممتلكات بن علي وعائلته وبيعها تشوبه "شبهات فساد وسوء تصرف وغياب الحوكمة الرشيدة والشفافية".
وأكد الجودي أن الكثير من الشركات التي تم انتزاعها بموجب مرسوم المصادرة الذي صدر عام 2011 وشمل 114 فردا من عائلة بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي، كانت تحقق أرباحا طائلة ثم أصبحت تشكو من الإفلاس والمصاعب بعد مصادرتها.
سوء الإدارة
ويرى الخبير الاقتصادي أن "الحكومات المتعاقبة تسببت في خسائر كبيرة لتلك الشركات المصادرة، بعدما وضعت على رأسها متصرفين قضائيين لا يملكون الكفاءة الإدارية اللازمة، وبعضهم تعلقت بهم شبهات فساد وتواجههم قضايا فساد أمام المحاكم".
وبعدما كانت تلك الشركات تنتفع سابقا بنفوذ عائلة بن علي، أصبحت تعاني بعد انتزاعها من الدولة من صعوبات تتعلق بالمنافسة والتمويلات، وزادت من تلك الصعوبات القرارات البيروقراطية البطيئة التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة، بحسب الجودي.
لكن وزير المالية يؤكد للجزيرة نت أن هناك اتهامات باطلة توجهها أطراف ليس لها علم دقيق بمسار إجراءات بيع الممتلكات المصادرة التي قال إنها عملية معقدة وليست بسيطة كما يتصورها الناس، نظرا لوجود مراحل عديدة وإجراءات كثيرة قبل بيعها.
وتبدأ العملية من انتزاع الممتلكات من قبل لجنة المصادرة، ثم تحال الملفات إلى لجنة التصرف بوزارة المالية، ثم إلى الكتابة القارة، ثم إلى شركة الكرامة القابضة المعنية ببيع الشركات، وشركة عقارية "قمرت" المكلفة ببيع العقارات، وشركة كورس تونس لبيع السيارات.
ويوضح شاكر أن من بين 544 شركة مصادرة هناك 153 شركة متوقفة عن النشاط بعد فرار أصحابها أو اعتقالهم بعد الثورة، وأن هناك 136 شركة تقل نسبة الأسهم المصادرة فيها لفائدة الدولة عن 50%، وتتطلب إجراءات طويلة لبيعها.
ورغم أن الخبير الاقتصادي معز الجودي يرى أنه كانت هناك إخلالات كثيرة أدت إلى خفض القيمة الحقيقية للممتلكات المصادرة ثم بيعها بأسعار متدنية، ينفي وزير المالية ذلك مؤكدا وجود أجهزة رقابة داخلية وخارجية للتدقيق في العمليات.
كما ذكر أن الحكومة تتبع إجراءات صارمة لضمان الشفافية وتكافؤ الفرص عند بيع الممتلكات المصادرة، مشيرا إلى أنه بالرغم من أن القانون يسمح ببيع أي ملك مصادر بأقل من قيمته، فإن وزارته رفضت ذلك تفاديا لأي اتهامات باطلة أو شكوك كما قال.
وكشف أن الحكومة تستعد لطرح طلبات عروض لبيع 16 شركة من أجل تعبئة مئتي مليون دينار (102 مليون دولار) لتمويل الموازنة، في وقت يعيش فيه اقتصاد البلاد مصاعب كبيرة أدت إلى اندلاع احتجاجات شعبية للمطالبة بالتوظيف والتنمية.