سياط جمركية جديدة تلهب ظهور المصريين

زيدات جمركية جديدة من المتوقع أن تزيد من الأسعار في مصر الصورة خاصة للجزيرة نت وهي أرشيفية سبق نشرها بالموقع
من المتوقع أن ترتفع الأسعار مجددا بعد هذه الزيادات الجمركية (الجزيرة)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

لم يكد الشارع المصري يستوعب القرارات الاقتصادية الأخيرة التي أدت بالفعل إلى ارتفاع الأسعار حتى عاجلته الحكومة بقرار جديد بزيادة التعرفة الجمركية لأكثر من 360 سلعة من السلع الغذائية والكهربائية لتتراوح بين 20% و60% بعد أن كانت بين 10% و40%.

وشملت تلك السلع أجهزة التكييف والثلاجات وأدوات وأجهزة المطبخ وبعض الفواكه والخضروات والمكسرات بأنواعها والمجمدات وأغذية الحيوانات الأليفة ومستحضرات التجميل والحلاقة وبعض الملابس، إضافة إلى الساعات والأقلام والقداحات وأدوات السراجة والفروسية.

ويأتي هذا الإجراء ضمن قرارات تصفها الحكومة بـ"خطوات الإصلاح الاقتصادي الضرورية"، وشملت سابقا تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وتحرير سعر صرف العملة المحلية، وزيادة أسعار الوقود بنسبة تصل إلى 40%، وحذف ما يقارب خمسة ملايين مواطن من منظومة الدعم التمويني.

ويقول رئيس مصلحة الجمارك مجدي عبد العزيز إن هذه الزيادة الجمركية "ستوفر العملة الصعبة وتشجع المنتج المحلي بما يعود بالنفع على الصناعات والصادرات المصرية"، مؤكدا أن صانع القرار "وضع نصب عينيه صالح الوطن والمواطن".

وبلغت الحصيلة الجمركية لمصر هذا العام 28 مليار جنيه (نحو 1.5 مليار دولار)، وهو ما تسعى وزارة المالية إلى إضافة ستة مليارات جنيه أخرى إليه من خلال هذا القرار لتبلغ 34 مليار جنيه، وفق تقدير خبراء اقتصاديين.

عسكرة وجباية
ويرى أستاذ التمويل الإسلامي أشرف دوابة أن هذا الإجراء "يأتي في إطار الجباية التي ينتهجها النظام القائم ويسعى من خلالها إلى توطيد عسكرة الاقتصاد والسيطرة عليه".

دوابة يتساءل: لماذا لم ترفع الحكومة الجمارك على الخمور مثلا (الجزيرة)
دوابة يتساءل: لماذا لم ترفع الحكومة الجمارك على الخمور مثلا (الجزيرة)

وأضاف في حديثه للجزيرة نت "أنا مع فرض ضرائب على سلع يمكن فعلا وصفها بالسلع الاستفزازية، لكن السلع التي تم رفع تعرفتها الجمركية لا يمكن وصفها بذلك، وإلا فلماذا لم ترفع الجمارك على الخمور مثلا رغم أنه لم ترفع تعرفتها منذ عشرين عاما؟".

وأوضح أن "الكثير من السلع التي تم رفع تعرفتها الجمركية لا يوجد لها بديل حقيقي في السوق المصرية، إلا إذا كان الجيش يمتلك هذه البدائل وسيظهرها مستقبلا كما اعتدنا منه لينفرد بالاستفادة من هذه القرارات وحده".

وهذا التفسير يتفق معه المحلل الاقتصادي مصطفى شاهين -وهو مدرس الاقتصاد بأكاديمية أوكلاند الأميركية- إذ لم يستبعد أن يكون الهدف من هذه القرارات في النهاية هو إبعاد المنافسين "لينفرد الجيش بالسيطرة على السوق الاستهلاكي بمصر".

ارتفاع الأسعار
وقال شاهين للجزيرة نت إن "هذه القرارات ستزيد بشكل كبير الأسعار بشكل عام بما يزيد من معاناة الشارع المصري، ومن المتوقع ألا تقل نسبة ارتفاع الأسعار عن 130% في الوقت الذي لا يجد المواطن ما يحميه ويحمي معيشته في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية المتردية، فلا زيادات في الدخول ولا تبني أي قرارات تدعم معيشته أمام هذا التدهور الاقتصادي".

شاهين: هذا المنهج الاقتصادي سيؤدي إلى الركود التضخمي (الجزيرة)
شاهين: هذا المنهج الاقتصادي سيؤدي إلى الركود التضخمي (الجزيرة)

وأضاف أن "هذا المنهج الاقتصادي الذي يتبناه النظام سيؤدي إلى ما يسمى الركود التضخمي، ولا أرى في عقلية من يدير الاقتصاد بمصر إلا السعي لمحاربة الناس وعقابهم والإضرار بمصالحهم".

في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب أن هذه القرارات "ضرورية وصائبة وتتطلب الالتفاف حولها من مختلف الشرائح لتحقق غايتها في دعم الاقتصاد المصري، وهي تمهد الأرض لإمكانية إقامة صناعات مصرية لتلبية الطلب على هذه السلع".

عبد المطلب يقر بأن الزيادات الجمركية سترفع الأسعار لكنه يرى أنها ستشجع المنتجين المصريين (الجزيرة)
عبد المطلب يقر بأن الزيادات الجمركية سترفع الأسعار لكنه يرى أنها ستشجع المنتجين المصريين (الجزيرة)

وقال للجزيرة نت "صحيح أن هذه الزيادات سترفع أسعار هذه السلع إلا أنها في المقابل ستشجع عددا كبيرا من الصناع والمستثمرين والمنتجين المصريين على إنتاج هذه السلع محليا، وهو ما سيصب لصالح الاقتصاد الوطني"، مضيفا أنه "من العار أن نستورد أعواد الكبريت وفرش الأسنان والعطور والروائح بدلا من إنتاجها".

ويرى عبد المطلب أن "أسعار هذه السلع كانت سترتفع سواء تم اتخاذ هذا القرار أم لا، لكن هذا القرار يمثل توجها جيدا، خاصة أن عدم إصداره لم يكن قادرا على الحيلولة دون ارتفاع الأسعار".

المصدر : الجزيرة