السوق التركي يفلت من أزمة ارتفاع الدولار

سعر صرف الدولار على اللوحة الالكترونية لاسعار العملات في واجهة احدى محلات الصرافة بمدينة إسطنبول
الدولار واصل صعوده مقابل الليرة ليبلغ مستوى 3.55 ليرات الجمعة الماضي (الجزيرة نت)

خليل مبروك-إسطنبول

أكد خبيران في الاقتصاد للجزيرة نت أن السوق التركي أفلت من تداعيات الارتفاع المتسارع للدولار الأميركي مقابل الليرة التركية، وهو ما فرض تحديات على السوق التركي وعلى أداء المستثمرين ولا سيما الذين يدفعون بالعملة الصعبة.

وخلال الأسابيع الأخيرة واصل الدولار ارتفاعه أمام الليرة مسجلا مستويات قياسية في مبادلة العملتين، فبلغ الجمعة 3.55 ليرات للدولار الواحد. 

وعزا عضو جمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين "موصياد" ألبرت أسن، الارتفاع الكبير للدولار مقابل الليرة إلى عوامل متعلقة بالاقتصاد والسياسة الأميركية، إضافة إلى عوامل تتعلق بالاقتصاد العالمي وحالة الضبابية التي تسوده، مؤكدا نجاح اقتصاد بلاده في الصمود والحفاظ على حيويته.

وقال الخبير الإستراتيجي التركي إن ازدياد الطلب الخارجي على اقتناء الدولار جراء تراجع الثقة بالعملات المحلية لأغلب دول العالم، هو ما جعل الدولار يرتفع أمام كافة العملات وليس أمام الليرة التركية فقط.

أسن عزا الارتفاع الكبير للدولار إلى عوامل متعلقة بالاقتصاد والسياسة الأميركية (الجزيرة)
أسن عزا الارتفاع الكبير للدولار إلى عوامل متعلقة بالاقتصاد والسياسة الأميركية (الجزيرة)

مخاوف
ونوه أسن إلى أن انتخاب دونالد ترمب رئيسا لأميركا زاد مخاوف الأسواق العالمية من اندلاع أزمات جديدة، نظرا لسياسة الجمهوريين في التدخل المباشر بالأزمات، مما خلق حالة من التردد وعدم الثقة في كثير من الاقتصادات العالمية.

كما أكد أن الدولار استفاد من قرار الدول المنتجة للنفط تخفيض إنتاجها للحد من تراجع أسعاره العالمية، إضافة لاستفادته من تراجع قوة الاقتصاد الأوروبي، متوقعا أن يصل سعر صرف الدولار الواحد إلى يورو واحد وقد يتجاوزه.

ولفت إلى أن تركيا لم تتضرر بشكل حقيقي من ارتفاع الدولار جراء الاعتماد على الاستثمارات الرابحة في المجالات الإستراتيجية كالطاقة والتكنولوجيا والصناعات العسكرية إضافة إلى سوق العقار، وهي قطاعات تواصل النمو في كل الظروف.

وكانت الحكومة التركية قد ردت على ارتفاع سعر الدولار بالإعلان عن رزمة من السياسات التشجيعية، من بينها إلغاء الضريبة عن بعض قطاعات الأعمال وتخفيضها عن قطاعات أخرى، إضافة إلى تقديم حوافز جاذبة لرأس المال الخارجي.

ويتوقع اقتصاديون أن تحافظ تركيا مع نهاية العام على مستوى النمو الذي سجلته في الربعين الأول والثاني والذي بلغ 3.9% و3.1% على التوالي، رغم تراجع سعر صرف عملتها بنحو 17% مقابل الدولار.

كريم: المستوردون أكثر شرائح سوق الأعمال تأثرا بارتفاع سعر الدولار  (الجزيرة)
كريم: المستوردون أكثر شرائح سوق الأعمال تأثرا بارتفاع سعر الدولار  (الجزيرة)

تأثر السوق
من جهته قال رئيس جمعية رجال الأعمال العرب والأتراك (أرتياد) جمال الدين كريم إن أكثر شرائح سوق الأعمال التركي تأثرا بارتفاع سعر صرف الدولار هم المستوردون، الذين تعتمد دورتهم المالية على شراء البضائع بالدولار وبيعها في تركيا بالليرة، ثم تحويل الواردات إلى دولار لشراء بضائع جديدة.

كما أشار إلى تأثر المستثمرين الأجانب خاصة القادمين من الدول العربية ودول الخليج العربي بالذات، نظرا لاعتيادهم على الحركة التجارية المبنية على نسب سعر صرف ثابتة لعملات بلادهم مقابل الدولار.

وأوضح كريم أن التجار ورجال الأعمال في تركيا "تمرسوا" على التعامل مع تذبذب أسعار صرف الدولار، عبر اللجوء إلى رفع هامش الربح إلى مستويات آمنة تضمن لهم عدم تكبد الخسائر.

ولفت إلى أن الأسعار في تركيا لا تخضع لأي قيود -باستثناء التعرفة الجمركية- الأمر الذي يرهنها بمستوى العرض والطلب في السوق الداخلي، ويحكمها إلى حالة المنافسة بالأسعار والجودة التي يطلبها الزبائن، معتبرا ذلك من الأسباب الأساسية لحيوية السوق التجاري التركي.

كما أشار إلى أن تنويع السلال المالية بين العملات المختلفة (دولار ويورو وليرة تركية) يجنب التجار كثيرا من الخسائر التي قد تنجم عن ارتفاع الدولار.

ولفت إلى أن النموذج الاقتصادي التركي تفادى الأزمة جراء اعتماده على رفع جودة المنتوجات وتسويقها في الخارج، فأنعش خزينته بالعملة الصعبة، وقلل من حاجته لاستبدال العملات في الحركة التجارية.

المصدر : الجزيرة