اكتشاف إيني بمصر بين آمال الانتعاش والأوهام
دعاء عبد اللطيف-القاهرة
وقالت شركة إيني الإيطالية أن المعلومات الأولية توضح احتواء الاكتشاف الجديد على احتياطيات أصلية تقدر بنحو ثلاثين تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، وذكرت الشركة أن تنمية الكشف الغازي ستستغرق أربع سنوات، ويمتد هذا الاكتشاف على مساحة مئة كيلومتر مربع، وعلى عمق 4757 قدما، ويصل عمقه الأقصى إلى 13 ألفا و553 مترا.
ويقول الاقتصادي المصري أشرف دوابة إن خبر الكشف عن حقل الغاز ليس الأول من نوعه، فمنذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والسلطات تمارس السياسة نفسها الخاصة بالدعاية للسلطة عبر مشروعات غامضة، ولفت دوابة في تصريح للجزيرة نت إلى وجود غموض في العقد المبرم بين الشركة الإيطالية والحكومة من حيث الكميات التي ستحصل عليها البلاد من الغاز وأسعاره.
وتابع الاقتصادي قائلا "الإعلان عن شيء مجهول عواقبه هي حلقة في سلسلة تخدير الشعب التي يتبعها السيسي ليعيش الشعب على الأمل، وينصرف عن جرائمه كما هو الحال في مشروع تفريعة قناة السويس وبناء مليون وحدة سكنية".
غير موثوقة
وعن الأرقام التي أعلنتها القاهرة وإيني في ما يخص احتياطي الغاز في الحقل البحري، قال دوابة إنه لا يثق في تلك البيانات في ظل عامل المصالح بين الشركة والسلطة في مصر.
في المقابل، يرى الباحث الاقتصادي سرحان سليمان إن الكشف عن حقول نفطية يؤدي إلى تقليل قيمة الواردات وانخفاض أسعار الطاقة والسلع محليا، فضلا عن جذب الاستثمارات الأجنبية، باعتبار الطاقة هي المحرك الرئيسي لأي اقتصاد.
ولكن انخفاض أسعار مواد الطاقة عالميا لم يؤد إلى انخفاض أسعارها محليا في الفترة الماضية، وهو ما أرجعه سليمان إلى عدم قدرة الحكومة المصرية على توجيه الأسعار ومراقبة السوق، فضلا عن تحكم رجال أعمال مقربين للسلطة في السوق.
تجنب الأخطاء
وشدد سليمان للجزيرة نت على ضرورة وضع خطط قصيرة الأجل لإنقاذ الاقتصاد المصري، إذ إن الكشف الجديد يحتاج إلى أربع سنوات لجني مكاسبه.
ودعا الباحث الحكومة المصرية إلى الإعلان عن بيانات دقيقة عن المشروع وعدم تكرار أخطاء المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في مارس/آذار الماضي أو مشروع تنمية قناة السويس.
ويدعو أحمد زهران العضو المنتدب في شركة كرم سولار والمسؤول السابق في شركة شل إلى ضرورة الانتظار إلى حين ظهور الأرقام المؤكدة بشأن الكميات المكتشفة في حقل الغاز الطبيعي.
وكتب زهران في صفحته بموقع فيسبوك أن اكتشافات الغاز والبترول تصنف إلى ثلاث فئات، هي: P1 وP2 وP3؛ فالأولى خاصة بالكمية المكتشفة بشكل مؤكد، وأما الثانية فترمز إلى الكمية غير المرئية بآلات الاستطلاع ولكن هناك نسب معقولة لاحتمال وجودها، في حين ترمز الفئة الثالثة إلى كمية الغاز المرجحة في باقي الحقل، لكن دون دليل قوي يثبت وجودها.
تضخيم الأرقام
وأوضح المتحدث أنه عندما تعلن شركات الطاقة الدولية عن كشف جديد فإنها تحاول تضخيم الأرقام الخاصة بالفئة الثالثة (P3)، وذلك من أجل الزيادة من قيمة الكشف، وبالتالي ارتفاع سعر سهم الشركة.
وقال زهران إن مصلحة الشركات في تضخيم أرقام الاكتشاف تتماهى مع هوى حكومة فاسدة مثل التي توجد في مصر، على حد قوله.
وأشار إلى أن هذا الأمر وقع إبان حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، إذ تمت المبالغة في كميات احتياطيات الغاز المكتشفة بهدف تشجيع تصدير فائض الإنتاج، وفي نهاية الأمر تمضي عقود تصدير فاسدة بأسعار بخسة على أساس أن البلاد تتوفر على احتياطيات كبيرة، ولكن بعد سنوات تصبح البلاد مستوردة للطاقة.