تشكيك فلسطيني في جدوى بحث عائدات السلام الاقتصادية

دراسة معهد راند الأمريكي حول مكاسب السلام وحل الدولتين (من موقع المعهد على الإنترنت)
دراسة معهد راند الأميركي حول مكاسب السلام وحل الدولتين (موقع المعهد على الإنترنت)

عوض الرجوب-رام الله

شكك مختصون اقتصاديون في جدوى وأهمية دراسة تعدد المزايا الاقتصادية لتحقيق السلام والاتفاق على حل الدولتين، معتبرين أن نتيجة الدراسة لا تحتاج إلى بحث، وأن الغرض منها محاولة إسالة لعاب السياسيين لاتفاق سلام ولو بثمن غير عادل.

وخلصت دراسة أجرتها مؤسسة راند الأميركية ونشرت نتائجها أمس الأول إلى أن تحقيق اتفاق سلام وفق حل الدولتين سيدخل إلى الخزينة الإسرائيلية 120 مليار دولار، في حين سينمو الاقتصاد الفلسطيني بـ50 مليار دولار في غضون عشر سنوات، وعلى العكس فإن غياب الاتفاق سيكلف الطرفين خسائر بالمليارات.

واستندت المؤسسة في دراستها إلى قياس المعدلات الحالية للناتج المحلي الإجمالي ومعدلات النمو السكاني وعوامل أخرى، موضحة أن معدل الدخل للفرد الفلسطيني سيرتفع نحو 36% ليبلغ 1110 دولارات، مقابل ارتفاع 5% في دخل الفرد الإسرائيلي ليصبح نحو 2200 دولار.

وتشير الدراسة إلى أن بقاء الوضع على ما هو عليه أو انفجاره سيكلف الطرفين عدة مليارات سنويا، حيث ستخسر إسرائيل قرابة تسعة مليارات بسبب حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل وحدها.

‪الخالدي: افتراضات الدراسة لم تتضمن إمكانية استمرار الوضع دون انتفاضة‬ (الجزيرة)
‪الخالدي: افتراضات الدراسة لم تتضمن إمكانية استمرار الوضع دون انتفاضة‬ (الجزيرة)

إشغال الرأي العام
ويقول الباحث الاقتصادي والخبير التنموي السابق في الأمم المتحدة رجا الخالدي إن الدراسة الأميركية ليست الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة التي تقوم بها مؤسسات دولية وإقليمية منذ أوائل التسعينيات في محاولة لاستكشاف المجال الاقتصادي في فلسطين وإسرائيل.

وبينما هدفت بعض الدراسات لتشخيص سيناريوهات مستقبلية مختلفة، ركزت أخريات على الصيغة المثالية للعلاقة التجارية الاقتصادية الفلسطينية الإسرائيلية بعد إقامة الدولة، كما جاء في أحد سيناريوهات الدراسة موضوع الحديث.

وأضاف الخالدي -وهو واحد من بين نحو عشرين شخصية استشيرت خلال إعداد الدراسة- أن ما توصلت إليه في سيناريو حل الدولتين يدركه الاقتصاديون والسياسيون وغيرهم، وهو أن حل الدولتين أفضل من أي خيار آخر، معتبرا أن المهم ليس دقة الأرقام بقدر ما هي افتراضات الدراسة.

وذكر أن المختلف في الدراسة الحالية أنها أكثر تفصيلا، وتنظر بحيادية للكاسب من كلا الطرفين، وقد تكون أرقامها مفيدة لتفكير صانعي القرار والسياسيين والجمهور العادي المقتنع بأن السلام أحسن من الحرب.

لكنه ذكر أن التساؤل المهم يتعلق بالافتراضات الرئيسية للدراسة التي لم تتضمن إمكانية استمرار الوضع الراهن وميلاد نظام عنصري دون انتفاضة سلمية أو مسلحة.

وأشار إلى أن افتراض حل الدولتين في الدراسة لا يتضمن انسحابا كاملا، ويتحدث عن إجلاء ستين ألف مستوطن فقط على نفقة المجتمع الدولي من بين نحو ستمئة ألف مستوطن، وهذا ليس الحل العادل الذي يسعى إليه الفلسطينيون.

ولفت الخبير الفلسطيني إلى فارق في المعنى بين خسارة الاقتصاد الفلسطيني الذي تلقى كثيرا من الصدمات وأفاق منها، والاقتصاد الإسرائيلي الذي لا يحتمل خسارة ولو 1%.

وخلص الخالدي إلى اعتبار الدراسة غير مفيدة "لأنها تشغلنا وتشغل الخبراء والرأي العام بقراءات جديدة لشيء معروف هو أن حل الدولتين سيعود بالنفع، وهذا مؤكد".

مكاسب اقتصادية
من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي والمحاضر بجامعة بيرزيت الدكتور نصر عبد الكريم أن تحقيق السلام وقيام دولتين برضى الطرفين، بغض النظر عن عدالته، يحقق مكاسب اقتصادية ستتحقق للدولتين.

وأوضح أنه بحلول السلام فإن كل القطاعات الاقتصادية الإسرائيلية ستتحسن والعلاقات مع العالم العربي ستتطور، وينتج عنها اندماج اقتصادي، فضلا عن توسع فرص الاستثمار وتراجع المقاطعة الآخذة في التزايد.

أما فلسطينيا، فقال إن زوال العوائق والاحتلال الذي يكلف سنويا خمسة إلى ستة مليارات دولار يعني فتح الآفاق الاقتصادية ونموا ملحوظا في السنوات الأولى لزوال الاحتلال وتأسيس الدولة، خاصة في مجال الاندماج مع الاقتصادات العربية والسياحة الدينية الكبيرة المتوقعة.

وحذر عبد الكريم من أن يكون الحديث عن النتائج الاقتصادية مدخلا لفكرة تحقيق أي سلام غير عادل سعيا وراء مكاسب اقتصادية "لأن هذا يفيد الاحتلال أكثر من الفلسطينيين"، وفي المقابل تجاهل الحل السلمي العادل.

المصدر : الجزيرة