هجوم باردو يعصف بالسياحة التونسية
خميس بن بريك-تونس
وتسبب الهجوم، الذي اختار منفذوه استهداف أحد أبرز متاحف العالم الذي يتميز بتماثيله الرومانية ولوحاته الفسيفسائية الفريدة، في إلغاء بعض الحجوزات، وتوقف بعض الرحلات البحرية الترفيهية، ومغادرة سياح.
وقد قالت السلطات إن عشرين أجنبيا قتلوا في الهجوم، بينهم سياح من فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وإسبانيا وبريطانيا وبولندا واليابان وأستراليا وكولومبيا.
وترى الكاتبة (الأمينة) العامة لجامعة وكالات الأسفار التونسية نادية قطاطة أن "الهجوم الإرهابي سيحدث شرخا كبيرا في النشاط السياحي" لافتة في تصريح للجزيرة نت إلى وجود العديد من الإلغاءات السياحية التي كانت مبرمجة.
وكالات الأسفار
وعبرت قطاطة عن خوفها من تضرر قطاع وكالات الأسفار والنزل (الفنادق) جراء تكرار "الاعتداءات الأمنية" موضحة بأن نشاط وكالات الأسفار التي تقدر بنحو ثمانمائة وكالة لم يشهد تحسنا عقب الثورة بسبب غياب الاستقرار والإصلاحات.
ويقول الاقتصادي فتحي النوري للجزيرة نت إن "الاعتداء" استهدف السياحة كقطاع حيوي يساهم في خلق النمو والتشغيل وتعزيز الاحتياطي من العملة الأجنبية، والتي تحتاجها البلاد للتوريد وسداد ديونها.
ووفق أرقام الديوان (المكتب) التونسي للسياحة يمثل قطاع السياحة 7% من الناتج الداخلي الخام، ويوفر نحو أربعمائة ألف وظيفة مباشرة، كما يدر عائدات بقيمة 3.5 مليارات دينار (1.7 مليار دولار).
النمو والوظائف
وتوقع النوري أن تتراجع نسبة النمو المقدرة هذا العام بـ 3% إذا نجح "الاعتداء" في الإضرار بالسياحة، موضحا بأنّ تراجع النشاط السياحي يخفض حجمه من الناتج الداخلي الخام، وهو ما ينعكس سلبيا على النمو.
وفي حال تراجعت السياحة، يقول النوري، فإن ذلك سيتسبب بخفض فرص العمل، وسيؤثر سلبا على مداخيل قطاع الخدمات وسيعمق العجز الجاري وسيضر بسعر صرف الدينار، وسيخفض الاحتياطي من النقد الأجنبي.
لكن الاقتصادي التونسي يقول إن سياحة بلاده قادرة على الصمود والانتعاش إذا تفاعل السياح الأجانب إيجابيا مع تونس، وقرروا دعم مسارها الديمقراطي، معتبرا أن "الاعتداء" الأخير لم يكن يستهدف تونس فحسب وإنما الغرب كذلك.
ومن وجهة نظر الاقتصادي معز الجودي، فإن اعتداء باردو له تداعيات سلبية على الوضع الاقتصادي العام ككل، والذي قال إنه في حالة انهيار بسبب استفحال الأزمات الاقتصادية وتأخر الإصلاحات الحكومية.
تضرر الاستثمار
ويقول الجودي للجزيرة نت إن الهجوم ستكون له آثاره السلبية على الاستثمار الذي سجل تراجعا بنسبة 20% العام الماضي، وعلى السياحة التي لا تزال تشهد تراجعا بعدد السياح مقارنة بعام 2010 أي قبل اندلاع الثورة.
وبلغ عدد السياح الذين زاروا البلاد العام الماضي ستة ملايين و86 ألف سائح، أغلبهم من بلدان المغرب العربي، في حين شهدت بعض الأسواق الأوروبية الكلاسيكية مثل فرنسا تراجعا. علما بأن عدد السياح قارب عام 2010 نحو سبعة ملايين.
ويرى الجودي أن الهجوم الأخير من شأنه أن يزيد من حدّة تراجع قيمة الدينار أمام الدولار واليورو، في ظل تراجع الاحتياطي النقدي، وهو الأمر الذي سيثقل كاهل الدولة نتيجة لجوئها للاستدانة بنسب مطردة.
خسائر أولية
وبعد أقل من يوم على وقوع هجوم متحف باردو، توقع وزير المالية سليم شاكر أن يتكبد القطاع السياحي خسائر تفوق سبعمائة مليون دينار (350 مليون دولار).
لكن المدير العام للديوان التونسي للسياحة عبد اللطيف حمام تجنب، في حديث مع الجزيرة نت، الكشف عن الخسائر المحتملة للقطاع، مشددا على أن "الأولوية الآن هي إرجاع جثث السياح القتلى لأوطانهم ورعاية الجرحى".
ولفت المسؤول التونسي إلى أن آفاق الموسم السياحي قبل الهجوم كانت واعدة بفضل تحسن عديد الأسواق الأوروبية، مشددا على ضرورة تنظيم المسائل الأمنية حتى لا تتكرر في المستقبل مثل هذه "الاعتداءات".
وقال حمام للجزيرة نت "ما كسبناه اليوم بعد هذا الهجوم الإرهابي هو تضامن أصدقاء تونس في أنحاء العالم معها" مضيفا بأن "العمليات الإرهابية الغادرة لم تستثن أي بلد، وأنها تسعى لإلحاق الأضرار بجميع القطاعات".