آفاق واعدة للتمويل الإسلامي بالمغرب العربي

المنتدى الدولي للاقتصاد الإسلامي
المنتدى الدولي للاقتصاد والمالية الإسلامية في نواكشوط ناقش التمويل الإسلامي في المغرب العربي (الجزيرة نت)

أحمد الأمين-نواكشوط

آفاق التمويل الإسلامي في المغرب العربي واعدة رغم أن حجم التعامل لا يتجاوز 1% مع غياب الأطر القانونية مما يؤثر سلبا على الأداء.

صورة رسمها خبراء ماليون لواقع المصارف والتمويلات الإسلامية في المغرب العربي، خلال المنتدى الدولي الأول للاقتصاد والمالية الإسلامية الذي انتهت أعماله أمس الأربعاء في العاصمة الموريتانية نواكشوط.

المنتدى الذي انعقد تحت شعار "التمويل الإسلامي في خدمة التنمية المستدامة"، ناقش جملة من القضايا المتعلقة بالصيرفة والحلول الإسلامية لمشكلات تمويل التنمية في أفريقيا، وآفاق المالية الإسلامية في العالم.

واستعرض المشاركون معوقات التمويل الإسلامي وفرص نجاحه في بلدان عربية وأفريقية. وكان المغرب العربي حاضرا بقوة في هذا النقاش من خلال خبرائه وتجاربه، وآفاق تطور الصيرفة الإسلامية فيه، والتحديات التي تواجهها.

التفاؤل الذي ساد النقاش لم يستطع تخفيف منسوب القلق في مداخلات الخبراء، الذين أكدوا أن مستوى التعاملات المالية في المغرب العربي لا يزال ضئيلا، حيث ظلت في حدود 1% من مجموع التعاملات المصرفية، وفقا لرئيس الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي عبد السلام بلاجي.

عبد السلام بلاجي: مستوى التعاملات المالية في المغرب العربي لا يزال ضئيلا (الجزيرة نت)
عبد السلام بلاجي: مستوى التعاملات المالية في المغرب العربي لا يزال ضئيلا (الجزيرة نت)

تفاوت
ورغم تشابه الوضع في كثير من جوانبه في هذه البلدان من حيث البيئة الحاضنة للنشاط المالي الإسلامي، فإن هناك تفاوتا ملحوظا من حيث انتشار المصارف العاملة وفق النظم الإسلامية، والمعيقات التي تحدّ من فعاليتها.

ففي الوقت الذي تعرف موريتانيا أكبر عدد من المصارف الإسلامية في المنطقة المغاربية، فإن الصيرفة الإسلامية فيها لم تعرف التقنين بعد، تماما كما هو الحال في تونس والجزائر، في حين أصدر المغرب قانونا ينظم هذا النشاط، وقررت ليبيا تحويل جميع البنوك التقليدية إلى مصارف إسلامية، لكن عدم الاستقرار الذي تعرفه لم يسمح بتطبيق هذا القرار حتى الآن.

وبحسب الجمعية المهنية للبنوك في موريتانيا، فإن الصيرفة الإسلامية شهدت تطورا ملحوظا في البلاد، حيث افتُتحت خمس مصارف إسلامية في السنوات الأخيرة، كما استحدثت أغلب المصارف التقليدية فروعا إسلامية.

وعلى مستوى بلدان المغرب الأخرى لا يزال عدد المصارف الإسلامية محدودا جدا، بحسب رئيس الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي عبد السلام بلاجي، حيث يقتصر وجودها على مصرف واحد في كل من تونس والجزائر والمغرب، لكن هذا الأخير مهيأ لافتتاح مزيد منها، "حيث قدم 19 بنكا طلبات لتأسيس بنوك تشاركية (إسلامية) منها خمسة بنوك مغربية".

ويطرح الخبراء جملة من المعوقات لا تزال تحد من فعالية مؤسسات التمويل الإسلامية، قاسمها المشترك حداثة التجربة، وغياب الإطار القانوني الملائم، وترسخ المعاملات المصرفية التقليدية المتراكمة منذ فترة الاستعمار.

ويقول مدير مركز شنقيط للمالية الإسلامية محمد محمد غلام إن التحديات التي لا تزال تواجه التمويلات الإسلامية في بلدان المغرب العربي متقاربة إلى حد كبير، من أبرزها غياب الإطار القانوني المناسب.

ويضيف غلام -في حديث للجزيرة نت- أن "النص الذي يحكم مؤسسات الإقراض في موريتانيا لم يتحدث مطلقا عن الصيرفة الإسلامية، بل عكر صفوها عندما نص على منع هذه البنوك من أن تبيع أو تشتري أو تتاجر إلا في حدود ضيقة".

‪غلام: التحديات التي تواجه التمويلات الإسلامية في بلدان المغرب العربي متقاربة‬ (الجزيرة نت)
‪غلام: التحديات التي تواجه التمويلات الإسلامية في بلدان المغرب العربي متقاربة‬ (الجزيرة نت)

ويشير إلى أن هنالك تحديات أخرى، من أبرزها "غياب بيئة تسمح لها بإدارة سيولتها، ووجود نظام ضريبي لا يراعي خصوصيتها ولا يعطيها تصنيفا محددا، إذ يمكن لإدارة الضرائب أن تتعامل معها بوصفها مؤسسات إقراض، وكذلك بصفتها مؤسسات تجارة، مما يعرضها للازدواج الضريبي ويخرجها تماما من المنافسة مع البنوك الأخرى".

ويعترف غلام بأن "إدارة الضرائب تتعاطى بإيجابية مع البنوك وتعتبر أن جميع ما تقدمه إنما هو تمويل، لكن هذه قنبلة قابلة للانفجار في أي وقت".

تفاؤل
ورغم هذه المعوقات، فإن الخبراء لا يخفون تفاؤلهم تجاه فرص المالية الإسلامية في المحيط المغاربي. يقول أستاذ الاقتصاد في جامعة نواكشوط والأمين العام لملتقى التنمية والمواطنة عبد الله ولد أواه -للجزيرة نت- إن "سوق المالية الإسلامية سوق صاعدة وتتطور بنسبة 16% وهنالك فرص واعدة لتطوير المالية الإسلامية في منطقة أفريقيا والمغرب العربي، حيث يوجد فائض مالي في الخليج وآسيا الشرقية مقابل فرص استثمارية مربحة في أفريقيا".

من جانبه، يعتبر عبد السلام بلاجي أن هنالك مؤشرات جيدة من أهمها "تزايد الطلب في العالم على التمويلات الإسلامية، ونسبة نمو المصارف الإسلامية من حيث العدد وارتفاع الأرباح التي تتراوح ما بين 15 و25%".

ويضيف أن تأسيس "القطب المالي" في الدار البيضاء سيمكن خدمات المالية الإسلامية من التوسع في المنطقة المغاربية، فحين يوجد قطب مالي يوفر الاحتياجات في مجال المالية الإسلامية ستنجح التجربة في المغرب العربي ويكون لها إشعاع في المنطقة الأفريقية وجنوب أوروبا الذي يحتضن جاليات مسلمة كبيرة.

المصدر : الجزيرة