احتجاجات ضد التقشف في بريطانيا

مظاهرات رافضة للتقشف ببريطانيا
مظاهرات رافضة لسياسات الحكومة البريطانية الخاصة بالتقشف (الجزيرة نت)

محمد أمين-لندن

المظاهرات الحاشدة -التي نظمها رافضو سياسات التقشف نهاية الأسبوع الماضي في مدينة مانشستر البريطانية- شكلت مؤشرا واضحا على تزايد الغضب الشعبي من مضي حزب المحافظين الحاكم قدما في سياساته الرامية إلى تقليص المساعدات الحكومية، وخفض ما يعتبره "مظاهر للرفاه".

وحاصرت الاحتجاجات الغاضبة مقر حزب المحافظين في مؤتمره السنوي الذي استمر ثلاثة أيام اختتمت أعماله يوم الأربعاء الماضي.

‪أحد بنوك الطعام ببريطانيا‬ (الجزيرة نت)
‪أحد بنوك الطعام ببريطانيا‬ (الجزيرة نت)

ورغم تقارير اقتصادية حذرت من هذه السياسة التقشفية، إضافة لتصعيد النقابات العمالية من حركتها الرافضة لها، فإن رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون أكد عزمه المضي قدما في تنفيذها، مقللا من أهمية تلك الاعتراضات والتقارير التي تحذر من انعكاسات هذا الأمر على ذوي الدخل المحدود.

وقد حذر "معهد الدراسات المالية" -وهو معهد مستقل- من أن هذه السياسة ستقود لفقدان ملايين الأسر البريطانية قرابة ألف وثلاثمئة جنيه إسترليني سنويا، وستضغط بقوة على ميزانيات الأسر محدودة الدخل.

سرقة الفقراء
وفي تعليقه على إصرار المحافظين على إجراء مزيد من التقشف قال زعيم حزب العمال المعارض جيرمي كورين "إن المحافظين يسرقون الفقراء ليعطوا الأغنياء"، فيما دعا تحالف "أوقفوا الحرب" الحكومة البريطانية لوقف الحروب والتدخلات الخارجية في العالم لتوفير الميزانيات بدلا من اقتطاع المال من جيوب المواطنين.

وفي تعليق على عزم المحافظين فرض مزيد من إجراءات التقشف، وفي تصعيد من قبل النقابات العمالية ضدهم قال السكرتير العام لاتحاد النقابات لين مكلوسكي إن على المحافظين التذكر أن 75% لم يصوتوا لهم، وأن هناك صحوة حقيقية ضد سياساتهم التي دعاهم لمراجعتها وعدم المضي قدما في مزيد من الاقتطاعات. وأضاف مكلوسكي أن لا أحد سيكون سعيدا عندما تتردى الخدمات العامة كالصحة وتتزايد الإضرابات في السكك الحديدية بسبب سياسات التقشف.

وانتهى النقابي العمالي بالتأكيد على أن مئات آلاف سيقاومون هذه السياسات خلال خمس السنوات القادمة وسيمنعون المحافظين من المضي قدما في تنفيذها.

وأصدرت حملة "لا للتقشف" بيانا قالت فيه إن سياسات حزب المحافظين في المضي قدما بمزيد من التقشف سيفرض أعباء جديدة وتبعات سيدفع ثمنها الصغار والعجزة وكبار السن الذين لا يستطيعون العمل.

وقد رافقت مظاهرات "لا للتقشف" مؤتمر المحافظين على مدار أيامه، ورفع فيها الأطباء والنقابيون شعارات متعددة منها "أنقذوا قطاع الصحة الوطني" و"لا للتقشف ونعم لحقوق العمال".

لين مكلوسكي: هناك صحوة ضد سياسات المحافظين (الجزيرة نت)
لين مكلوسكي: هناك صحوة ضد سياسات المحافظين (الجزيرة نت)

كما رفع المتظاهرون الغاضبون شعارات تطالب بوقف الحروب التي تخوضها بلادهم في الخارج بدلا من قطع المساعدات، كما نددوا بالتضييق على اللاجئين ومحاولة تحميلهم مسؤولية التراجع الاقتصادي في البلاد.

تقليص المساعدات
وفي الآونة الأخيرة ارتفع اعتماد البريطانيين على "بنوك الطعام". ووفقا لمؤسسة "تروسيل تروست" التي تدير أربعمئة بنك طعام، فإن تقليص المساعدات والإجراءات التقشفية الحكومية هي واحدة من أهم الأسباب التي تدفع البريطانيين للإقبال على بنوك الطعام. وبينت إحصاءات المؤسسة الأخيرة أن قرابة مليون وخمسة وثمانين ألف بريطاني اعتمدوا على بنوك الطعام في العام 2015،  بارتفاع قرابة مئتي ألف عن العام 2014.

وتنتشر هذه البنوك في مختلف الأحياء البريطانية ومؤخرا زاد عدد البريطانيين الذين يسجلون فيها للحصول على طرود غذائية مجانية بحسب المؤسسة.

وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون دافع عن السياسات الاقتصادية التي تنتهجها حكومته، ورأى أن خفض الإنفاق هو الطريق الوحيد للتخلص مما أسماه "أعباء فترة حكم العمال"، كما وعد بخفض عدد اللاجئين للحفاظ على الوضع الاقتصادي بالبلاد، مشيرا إلى أن فتح الباب على مصراعيه أمامهم سيجعل البلاد تشهد فيضانا واسعا منهم، وأن الطريق الأمثل لمساعدة بريطانيا لهم يكمن في توفير الدعم المالي للمخيمات التي يعيشون فيها، وليس في تشجيعهم على ركوب الطرق الخطرة والمغامرة بحياتهم للوصول لأوروبا.

المصدر : الجزيرة