هل استخدمت قضية "يوكوس" لمعاقبة روسيا؟

A worker stands under the Yukos oil company logo at an oil processing facility at the Mamontovskoye oilfield outside the Siberian town of Nefteyugansk in this December 17, 2004 file photo. The Hague's arbitration court has ruled in favour of a group of shareholders in defunct oil giant Yukos against Russia, awarding compensation of around $50 billion, a source close to the ruling said on July 28, 2014. REUTERS/Sergei Karpukhin/Files (RUSSIA - Tags: POLITICS ENERGY BUSINESS CRIME LAW LOGO)
تغريم روسيا خمسين مليار دولار هو الأضخم في تاريخ التحكيم الدولي (الجزيرة نت)

أشرف رشيد-موسكو

عادت قضية شركة "يوكوس" النفطية إلى الظهور مجددا بعدما قضت المحكمة الدولية في لاهاي بتغريم روسيا خمسين مليار دولارا لصالح المساهمين السابقين في الشركة تعويضا عن الأضرار التي لحقت بهم جراء انهيارها.

وتباينت ردود الفعل تجاه الحكم الذي فاجأ الجميع لكونه الأضخم في تاريخ التحكيم الدولي، فبينما اعتبره المساهمون عادلا، عدّه آخرون مسيسا وغير قانوني. 

ورحب الرئيس السابق للشركة وأكبر مساهميها ميخائيل خودركوفسكي بالحكم ووصفه بالنزيه والمستقل، في حين أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده ستستخدم كل الوسائل القانونية الممكنة للطعن في الحكم.

وكانت السلطات الروسية قد اتهمت إدارة الشركة قبل نحو عشر سنوات بالتهرب من الضرائب، كما اتهمت مديرها التنفيذي خودركوفسكي بالتورط في عمليات احتيال كبرى.

وإثر هذه الاتهامات وضعت السلطات الروسية يدها على الشركة لتحصيل مبالغ الضرائب التي قدرتها الحكومة آنذاك بنحو عشرة مليارات دولار، وعرضت أصولها للبيع في المزاد العلني.

وعقب هذه الإجراءات انتقلت ملكية "يوكوس" إلى مجموعة "روسنفت العامة" للنفط، وأودع مديرها التنفيذي -خودركوفسكي- السجن لمدة عشر سنوات، وقد أفرج عنه في ديسمبر/كانون الأول 2013 بموجب عفو رئاسي.

‪زينين: ضخامة مبالغ التعويض‬ زينين: ضخامة مبالغ التعويضتدلل على أن الحكم مسيس (الجزيرة نت)
‪زينين: ضخامة مبالغ التعويض‬ زينين: ضخامة مبالغ التعويضتدلل على أن الحكم مسيس (الجزيرة نت)

حكم سياسي
يقول المحلل السياسي يوري زينين إن الحكم "لا سابق له في تاريخ القضاء التجاري الدولي من حيث الضخامة، وهو ما يدلل على أنه حكم مسيس".

وأضاف زينين للجزيرة نت "من الواضح أن الغرب يهدف إلى ممارسة ضغط سياسي ومالي على روسيا إلى جانب العقوبات الاقتصادية المفروضة، إضافة إلى رغبته في الدفاع عن حليفه خودركوفسكي ورد اعتباره".

وأشار إلى أن خودركوفسكي "واحد من الطبقة الأوليغاركية" أو من يسمونهم "طواغيت المال اليهود" الذين أثروا بسرعة فائقة بعد تفكك الاتحاد السوفياتي.

وقال إن هناك علامات استفهام كبيرة "حول الكيفية التي اكتسب بها ثروته"، مشيرا إلى أنه سرعان ما أخذ يستخدم أمواله للتدخل في السياسة وتمويل المعارضة الليبرالية وإقامة علاقات متميزة مع الغرب والولايات المتحدة، وهو ما أزعج الكرملين، على حد قوله.

زعزعة الاستقرار
وأكد زينين أن الحرب بين الكرملين وخودركوفسكي جزء من "حرب أكبر" شنَّها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -بعد وصوله إلى السلطة- على "طواغيت المال من أمثاله هو وبيريزوفسكي وغوسينسكي" بعد بلوغ نفوذهم المالي والسياسي والإعلامي مستويات خطيرة "باتت تهدد الأمن القومي الروسي".

ولفت إلى أن يوكوس -التي كانت من أنجح الشركات إداريا وتنظيميا- تحولت إلى مصدر خطر بما تملكه من إمكانيات مادية ضخمة، وقد "ساهمت في زعزعة استقرار روسيا".

والمثير للعجب -من وجهة نظر زينين- أن تكتلات حزبية كبرى في البرلمان الروسي "كانت تأتمر بأمر هذه الشركة، مما جعلها قادرة على إبطال أو تعطيل أي قرار في البرلمان".

وخلص إلى أن وصف خودركوفسكي بأنه "رجل أعمال تعرض للابتزاز بسبب إنجازاته التجارية، لا يعبر عن الحقيقة".

واستدل على حديثه هذا بتأكيد المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ العام الماضي أن الاتهامات الموجهة للرجل "تستند إلى قواعد متينة".

‪أخوندوف: روسيا ستستنفد كافة السبل القانونية للطعن في الحكم‬  (الجزيرة نت)
‪أخوندوف: روسيا ستستنفد كافة السبل القانونية للطعن في الحكم‬  (الجزيرة نت)

سجال قانوني
وعن التعاطي الروسي مع الحكم يقول الخبير القانوني أراز أخوندوف إن الأمر متعلق بمبالغ كبيرة، ومن ثم يحق لروسيا -وفقا للمحكمة- أن تأخذ فترة زمنية حتى منتصف يناير/كانون الثاني المقبل للبدء في السداد، قبل أن يبدأ حساب فوائد على التأخير.

وأوضح أخوندوف للجزيرة نت أنه يحق لروسيا التقدم إلى المحكمة بطلب لإلغاء الحكم خلال عشرة أيام من تاريخ صدوره.

ورجح أن تستأنف روسيا الحكم لأن المحكمة "لم تستمع إلى أحد طرفي النزاع"، وهو ما يعني تناقض الحكم مع أسس العدالة، بحسب تعبيره. 

وقال الخبير القانوني إن مقيمي القضية "لا يتوقعون تحقيق انتصار سهل" لأن روسيا ستستنفد جميع السبل القانونية للطعن في الحكم، بينما سيواصلون هم جهودهم "لإرغام روسيا" على دفع التعويضات أو التوصل إلى "تسوية مرضية".

المصدر : الجزيرة