خبراء ومسؤولون: مصر مهددة بمزيد من الظلام

فاجأه انقطاع الكهرباء في محله فاستعان بحل مؤقت
أحد المحلات التي تعرضت لانقطاع التيار الكهربائي بشكل مفاجئ (الجزيرة)

يوسف حسني-القاهرة

يشكو المصري عاطف ضاحي شأنه في ذلك شأن العديد من أصحاب الورش من أن انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة يصيب العمل بالشلل التام، لأنه يعتمد في 90% منه على الكهرباء. 

ويضيف المواطن للجزيرة نت أنه يفقد من ثلاث إلى أربع ساعات يوميًا من أصل عشر ساعات مصرح له العمل بها تقريبًا، بسبب أزمة الكهرباء.

ويشير الرجل (يملك ورشة حدادة) إلى أن انقطاع الكهرباء يجعله غير قادر على إنجاز ما تعهد به للعملاء في وقته من جهة، كما أنه يكبده خسائر مادية تتمثل في رواتب العاملين الذين يتقاضون أجرًا كاملا ويعملون نصف الوقت بسبب الأزمة. 

ولا يختلف حال باقي المصريين كثيرا عما سبق، إذ يؤكد أبو عمرو (صاحب مغسلة ملابس) أن انقطاع الكهرباء يهدده في رزقه، مضيفًا "في عهد (الرئيس المعزول محمد) مرسي قالوا إن أزمة الكهرباء سببها تصدير الطاقة لقطاع غزة، وقد رحل الرجل ودُمرت الأنفاق، ومع ذلك زادت الأزمة عما كانت عليه". 

إجراءات عاجلة
وتعيش مصر موجة ظلام، وصفت بأنها الأسوأ، بعد توقف عمل نحو 35% من وحدات إنتاج الكهرباء جراء نقص الغاز، وتراجع منسوب المياه خلف السد العالي، وفق الخبراء الذين يقولون إن نسبة النقص في إنتاج محطات الكهرباء تجاوزت ثلث إنتاج الشبكة القومية للكهرباء. 

واعتمدت الحكومة الأسبوع الماضي حزمة إجراءات عاجلة بهدف تقليل انقطاع التيار الكهربائي، باستيراد كميات من السولار والغاز المسال اللازمين لتشغيل محطات توليد الكهرباء.

كما وافقت الحكومة على استخدام الفحم في توليد الكهرباء بعد جدل شديد بخصوص السماح باستخدام هذا الوقود الملوث للبيئة في صناعة الإسمنت الكثيفة الاستهلاك للطاقة.

ويعتقد خبراء أن الإجراءات الأخيرة ليست كافية لحل الأزمة المرشحة للتصاعد، خاصة مع اقتراب الصيف الذي يزيد استخدام الكهرباء فيه بشكل كبير. بينما يرى متخصصون أنه لا مفر من اللجوء لتخفيف الأحمال، غير أن حلولا أخرى لابد من تطبيقها حتى لا تزيد فترات تخفيف الأحمال وتصبح بالأيام بدلا من الساعات.

‪عبد المطلب: أصل المشكلة عدم وجود رصد دقيق لاستهلاك الكهرباء‬ (الجزيرة)
‪عبد المطلب: أصل المشكلة عدم وجود رصد دقيق لاستهلاك الكهرباء‬ (الجزيرة)

عشوائية الاستهلاك
وأكد الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب أن أصل مشكلة الكهرباء يعود إلى عدم وجود رصد دقيق للاستهلاك الفعلي للكهرباء.

وأضاف بتصريح للجزيرة نت أن هناك كميات هائلة من الكهرباء "تستهلك بشكل غير قانوني، خاصة وأن هناك أعدادا كبيرة من المنازل المخالفة والأسواق العشوائية تقوم بسرقة التيار".

ولفت عبد المطلب إلى أن المساعدات الخليجية بعد الثلاثين من يونيو/حزيران 2013 "لن تستمر على نفس الوتيرة، بدليل أن البرلمان الكويتي رفض دعم ما وصفه بالاستهلاك العشوائي للطاقة من قبل المصريين".

وأكد أن الأزمة ستتصاعد في الفترة المقبلة، خاصة مع ما يشاع عن توجه الحكومة إلى إدخال الكهرباء إلى المباني التي أنشئت عشوائيًا.

وقال الخبير الاقتصادي إن سماح الحكومة باستخدام الفحم بمصانع الإسمنت سيفاقم مشكلة تلوث البيئة، ولن يساعد في حل أزمة الكهرباء لأن هذه المصانع تعتمد على السولار لا الكهرباء.

وأضاف أن على الحكومة أن تسعى إلى توفير الميزانية التي تمكن وزارة الكهرباء من شراء الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء من جهة، وأن تعمل على إنشاء مشروعات للحصول على الكهرباء من الطاقة الشمسية أو الرياح أو الطاقة النووية، إن سُمح لمصر بذلك.

إجمالي الكهرباء المتاحة للشبكة يوميًا يزيد على عشرين ألف ميغاواط تقريبا، بينما يبلغ الاستهلاك في الذروة، 22500 ألف

الأزمة تتصاعد
وفي حديث لإحدى الفضائيات المصرية، قال وزير الكهرباء والطاقة محمد شاكر إنه إذا كان ‏الوقود المتوفر للوزارة أقل بنسبة 10% من المطلوب لتشغيل محطات توليد ‏الكهرباء فإن العجز في قدرات الكهرباء سيصل إلى ثلاثة آلاف ميغاواط، وهو ما يعني انقطاع ‏التيار يوميا ما بين ساعتين ونصف الساعة إلى ثلاث ساعات، أما إذا زاد إلى 20% فإن العجز ‏يمكن أن يصل إلى ست ساعات، وذلك مع ترشيد الاستهلاك في جميع الحالات.

ويبلغ إجمالي الكهرباء المتاحة للشبكة يوميًا -وفق تقرير الشركة القابضة للكهرباء أمس- يزيد على عشرين ألف ميغاواط تقريبا، بينما يبلغ الاستهلاك في الذروة 22500 ألف، مما يشير إلى أن العجز يبلغ 2400 ميغاواط. 

يُذكر أن العجز في الكهرباء وصل إلى 3375 ميغاواطا في عهد الرئيس مرسي، ووصلت إلى ست آلاف ميغاوات قبيل عزله ما دفع بحكومة هشام قنديل لزيادة الكميات المتاحة من الغاز الطبيعي إلى محطات التوليد من 77 مليون متر مكعب في اليوم إلى 84 مليونا، واعتماد مائتي مليون دولار بشكل فوري لحل أزمة انقطاع الكهرباء، علاوة على رصد خمسمائة مليون لحل أزمة نقص السولار وانقطاع الكهرباء.

المصدر : الجزيرة