مأزق ليبيا المالي وترشيد الإنفاق

مصرف ليبيا المركزي،والتعليق كالتالي: أمام ليبيا حل الاقتراض من البنوك المحلية أو الأجنبية لسد العجز ( الجزيرة نت- أرشيف).
undefined

خالد المهير-طرابلس

انتهجت ليبيا مؤخرا سياسات ترشيد الإنفاق فيما يتعلق بمصاريف الوقود والقرطاسية والفنادق والعلاقات الرسمية الخارجية في بعض الوزارات بعد تعذر التصويت على اعتماد ميزانية هذا العام تحت قبة المؤتمر الوطني العام (البرلمان) التي قدرت بـ68.589 مليار دينار ليبي (87.793 مليار دولار).

تحديد قواعد الإنفاق الشهري على الوزارات صاحبه حديث المسؤولين عن عجز بالميزانية العامة بلغ خلال فبراير/ شباط الحالي ثلاثة مليارات و 785 مليون دينار بسبب انخفاض تصدير النفط الذي تعتمد عليه ليبيا بشكل رئيسي في تحقيق إيراداتها من 1.5 مليون إلى 250 ألف برميل يوميا.

ووفق التقارير الإخبارية لم يتجاوز دخل إنتاج ليبيا النفطي في يناير/ كانون الثاني بداية هذا العام المليار دينار جراء إغلاق الموانئ النفطية في رأس لانوف والزويتينة والسدرة الواقعة وسط البلاد.

وفي فبراير/شباط الجاري، بلغ دخل ليبيا من النفط 670 مليون دينار، أي أن إجمالي الإيرادات النفطية حتى يوم 24 من الشهر الحالي بلغ المليار و670 مليون دينار.

تحذيرات ومخاوف
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية تحذيرات رئيس لجنة المالية بالمؤتمر الوطني العام محمد علي عبد الله نهاية الأسبوع بقوله إن الدولة تواجه أزمة بالسيولة لعدم وجود إيرادات لتغطية التزاماتها، مؤكدا استمرار الوضع المالي الحالي، في إشارة إلى أن العجز مقابل الإيرادات سيؤدي إلى خطر كبير، وستضطر الدولة لاتخاذ إجراءات أخرى لتغطية هذه الالتزامات، وأن المؤشرات الأولية على الوضع المالي تجعلهم يدقون ناقوس الخطر.

الكزة حذر من تداعيات خطيرة على مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والمالية (الجزيرة نت)
الكزة حذر من تداعيات خطيرة على مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والمالية (الجزيرة نت)

أستاذ المحاسبة بجامعة بنغازي عبد السلام الكزة أكد للجزيرة نت أن انتهاج الحكومة سياسة الإنفاق يعكس ضعف الأداء التنفيذي والتشريعي، محذرا هو الآخر من تداعيات خطيرة.

وقال الكزة إن الدولة عاجزة حتى الآن عن تقدير ميزانية مرتبات موظفيها "فما بالك بتقدير ميزانيات التنمية والبنية التحتية " لهذا العام والأعوام القادمة.

كما يحذر بشدة من تداعيات خطيرة ليس فقط على تسيير مرافق الدولة بل على الاقتصاد برمته، مؤكدا أن المواطن العادي يشعر بقلق بالغ على النمو الاقتصادي المتعثر.

وأجرت الجزيرة نت مقابلة مع المحلل المالي خليفة النعاس الذي قال إنه أمام ليبيا إما الاقتراض من بنوك محلية أو أجنبية لسد العجز القائم، مؤكدا أن تداعيات العجز قد تطول مرتبات موظفي القطاع العام.

وسألت الجزيرة نت النعاس إن كانت هناك إمكانية الاستفادة من المال "المُجنب" طيلة السنوات الماضية المُقدر بحوالي 136 مليار دينار، فقال "أخشى أنه لم يعد هناك مال مُجنب" في غياب البيانات والتقارير الشفافة, داعيا إلى سرعة التحرك لتفعيل قوانين الضرائب والجمارك لسد العجز.

وطلب النعاس من الجهات المالية الرسمية ضرورة الكشف عن عائدات الاستثمارات الخارجية والأموال المحررة من البنوك الأجنبية بالأرقام لإمكانية الاستفادة منها في تخفيف الاختناقات المالية، مشيرا إلى شعوره بالقلق على الوضع المالي لغياب المعلومات والأرقام الحقيقية.

أزمة سياسية
ويرجح الباحث المالي طارق العبيدي -خلال حديث للجزيرة نت- أن أزمة ليبيا سياسية أكثر منها مالية.

ويؤكد العبيدي أن إغلاق الموانئ النفطية وحراك "لا للتمديد" الرافض لتمديد ولاية المؤتمر الوطني العام عطل اعتماد الميزانية فقط.

ليبيا تخسر يوميا150 مليون دولار أميركي جراء أزمة النفط (الجزيرة نت)
ليبيا تخسر يوميا150 مليون دولار أميركي جراء أزمة النفط (الجزيرة نت)

ويستند لهذا الرأي بقوله إن ليبيا لديها دخل آخر من تصدير الغاز الطبيعي الذي قدره الخبراء بحوالي خمسمائة ألف متر مكعب يوميا، ما يعادل بيع مليون برميل نفط يوميا.

ويقول العبيدي أيضا إن سعر المتر المكعب الواحد من الغاز الطبيعي يساوي برميلي نفط، أي حوالي مائتي دولار أميركي.

ويشير كذلك إلى استمرار إنتاج النفط في بعض حقول الغرب والجنوب، ودخل ليبيا من الضرائب والاستثمارات.

مقابل التحذيرات السابقة، يقول وكيل وزارة المالية أمراجع غيث الزوي للجزيرة نت إن ترشيد الإنفاق لا يرتقي إلى مستوى الخطر، وإنه إجراء احتياطي لا يمس حتى قوت الليبيين ومرتباتهم ودعم سلعهم. لكنه يعترف بوجود أزمة مالية في الإيرادات.

كما يؤكد الزوي أن الإجراءات المالية الاحترازية لن تطول إعاشة المستشفيات والجامعات والجيش والشرطة، مستبعدا اللجوء بالوقت الحالي إلى أساليب مالية أخرى -لم يكشف عنها- لسد العجز.

المصدر : الجزيرة