بطالة وشكاوى بأوساط الصيادين الموريتانيين

صيادون عاطلون عن العمل ينتظرون عودة السفن الأوربية.

undefined

أمين محمد-نواذيبو

يزداد الغضب في أوساط الصيادين الموريتانيين العاملين سابقا على متن السفن الأوروبية بعد تقلص الآمال في استئناف هذه السفن لنشاطها وعودتها للمياه الموريتانية عقب رفض جهات أوروبية لبنود اتفاقية الصيد الأخيرة مع موريتانيا.

ويشكو مئات من الصيادين الموريتانيين مما يصفونه بانقطاع مصدر عيشهم الأساسي بعد توقف سفن الصيد الأوروبية، في ظل غياب أي بدائل حقيقية من شأنها أن تضع حدا لمعاناتهم.

وكانت موريتانيا والاتحاد الأوروبي قد وقعتا على اتفاقية جديدة للصيد بعد انتهاء فترة الاتفاقية السابقة في يوليو/تموز الماضي.

وقالت الحكومة الموريتانية إنها راضية عن الاتفاقية الجديدة وإنها تضمن مصالح الطرفين. لكن أصواتا كثيرة في الاتحاد الأوروبي، وفي إسبانيا خاصة (أكبر الدول الأوروبية استفادة من الصيد الموريتاني) ارتفعت لرفض هذه الاتفاقية باعتبارها مجحفة بحق السوق الأوروبي.

سفينة إسبانية ترسو وتفرغ حمولتها في ميناء نواذيبو (الجزيرة نت)
سفينة إسبانية ترسو وتفرغ حمولتها في ميناء نواذيبو (الجزيرة نت)

ولاحقا طلبت لجنة الصيد في الاتحاد الأوروبي من البرلمان الأوروبي إلغاء الاتفاقية مع موريتانيا بسبب الشروط الجديدة التي تضمنتها الاتفاقية الموقعة نهاية يوليو/تموز الماضي، وتنص من بين أمور أخرى على زيادة المبلغ الذي يدفعه الأوروبيون لصالح موريتانيا من 94 مليون دولار في الاتفاق الماضي إلى 139 مليون دولار في الاتفاقية الجديدة، وتقليص عدد السفن من 110 إلى 90 سفينة، وتخصيص 60% من الطواقم العاملة على متن هذه السفن للعمالة الموريتانية.

بحارة عاطلون
ومنذ مغادرة السفن الأوروبية الشواطئ الموريتانية قبل نحو عام، وجد مئات من الصيادين والبحارة الذين كانوا يعملون على متن هذه السفن أنفسهم في مهب المحيط الأطلسي دون عمل.

ويقول الموظف السابق بإحدى السفن الأوروبية خطري ولد سيدي إن نحو 4000 شخص كانوا يعملون على متن السفن الأوروبية والروسية (التي غادرت هي الأخرى) يعانون اليوم ظروفا شديدة البؤس بسبب مغادرة هذه السفن وعدم وجود بدائل لها.

وقال للجزيرة نت إن هؤلاء انتظروا أشهرا طويلة وملوا الانتظار، فلا السفن عادت، ولا البدائل توفرت. والنتيجة، حسب قوله، معاناة متواصلة لهؤلاء الشباب، وخسارة كفاءات وطنية كان بإمكانها أن تفيد الاقتصاد الوطني.

وبينما اختار بعض هؤلاء الدخول في إجازة مفتوحة، تمكن بعضهم من قضاء الوقت في أعمال أخرى أقل شأنا وأدنى دخلا، ولكن بعضهم ما زال يواظب يوميا على زيارة مرسى سفن الصيد بمدينة نواذيبو بحثا عن فرصة.

ورست سفينة صيد إسبانية ضمن السفن الأوروبية القليلة الباقية في الشواطئ الموريتانية، وكان عدد من هؤلاء الشباب العامل سابقا في السفن الأوروبية في انتظارها. لكن خاب أملهم، فلا شواغر وظيفية في السفينة.

خطري ولد سيدي: نحو 4000 شخص كانوا يعملون على متن السفن الأوروبية يعانون اليوم ظروفا شديدة البؤس (الجزيرة نت)
خطري ولد سيدي: نحو 4000 شخص كانوا يعملون على متن السفن الأوروبية يعانون اليوم ظروفا شديدة البؤس (الجزيرة نت)

عزوف
ويقول بحار في إحدى السفن الأوروبية المغادرة إن الكثير من الشباب الموريتاني يعزف عن الارتباط بعقود مستمرة مع السفن المحلية في انتظار عودة السفن الأوروبية بسبب الفرق الشاسع، ليس فقط بين ظروف العمل والإقامة على متن هذه السفن، وإنما أيضا بسبب الفرق الكبير والشاسع في العائد المادي. فالسفن الأوروبية تدفع 21 يورو يوميا للعامل على متنها، بينما تدفع السفن المحلية نحو 160 دولارا للشهر.

ويطالب هؤلاء الصيادون حكومتهم بمراجعة اتفاقية الصيد مع الاتحاد الأوروبي بما يضمن المصالح الموريتانية، بما فيها مستقبل هؤلاء الشباب، وفي الوقت نفسه يعطي للأوروبيين ما يغريهم بالعودة إلى الشواطئ الموريتانية.

لكن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز سبق أن أكد أنه لا عودة إلى الوراء، وأن موريتانيا لن تتراجع في اتفاقية الصيد مع الأوروبيين، وخيّر الأوروبيين بين قبول الاتفاقية كما هي ورفضها كما هي، لأن "موريتانيا لن تفرط في ثروتها أو تبيعها دون مقابل بعد اليوم"، حسب قوله.

المصدر : الجزيرة