قلق إزاء الإيداع بالمصارف الأهلية العراقية

سوق شعبي شرقي بغداد
undefined

 علاء يوسف-بغداد

اتفق خبراء في الاقتصاد ومختصون مصرفيون على أن تدهور الأوضاع الأمنية وتفاقم الأزمة السياسية بين الفرقاء السياسيين كانت وراء امتناع المواطن العراقي عن إيداع أمواله في المصارف وسحبه لما أودعه سابقا, وفق ما أعلنته مجموعة من المصارف الأهلية، مما انعكس بشكل سلبي على عمل المصارف.

وقال رئيس مركز الإعلام الاقتصادي في العراق ضرغام محمد علي في حديث للجزيرة نت إن سحب الأموال من المصارف سببه عدم ثقة المواطن العراقي بها والتي بدأت تهتز في بعض المصارف الخاصة، في ظل عدم وجود ضمانات واضحة من المصرف المركزي العراقي حول مصيرها، وذلك بسبب الإرباك الذي رافق عدم وضوح مصير أموال المودعين في مصرفي البصرة والوركاء.

سعر الصرف
وأضاف علي أن المواطن العراقي بدأ يزحف باتجاه المصارف الحكومية لوجود ضمانات فيها على أموالهم المودعة، إضافة إلى أن التدهور المستمر في سعر صرف العملة المحلية إزاء الدولار جعل الأخير أكثر جاذبية كمخزن للقيمة للمدخرين, وهو ما يطرح بقوة استخدام العملة المحلية المودعة لدى المصارف في شراء الذهب أو الدولار وتخزينها بدلا من الودائع لدى المصارف والتي لا تكون بفائدة تعادل ما تفقده النقود من قيمة سنويا مع زيادة معدلات التضخم وعدم استقرار سوق العملة.

الهاشمي: سحب الأموال يقلل الكتلة النقديةبالمصرف ويؤثر على التزاماته المالية(الجزيرة نت)
الهاشمي: سحب الأموال يقلل الكتلة النقديةبالمصرف ويؤثر على التزاماته المالية(الجزيرة نت)

من جهته قال الخبير الاقتصادي رائد الهاشمي في حديثه للجزيرة نت إن من البديهيات الاقتصادية الثابتة سعي رأس المال إلى تقليل عنصر المخاطرة.

وأضاف أن الأزمات السياسية في البلاد وما يصاحبها من تردٍّ للأوضاع الأمنية تقلل من ثقة المواطن في وضع أمواله بالمصارف وخاصة الأهلية، فيسارع إلى سحب مدخراته مع كل أزمة قوية تعصف بالبلاد خوفاً على فقدانها، وخاصة في وقت انتشر فيه الفساد وضعفت الإجراءات القانونية.

وأوضح الهاشمي أن هناك أمورا عديدة جعلت المواطن يسحب أمواله من المصارف، حيث أصبح من المعتاد أن يسمع الناس أن مسؤولا كبيرا أو موظفا بدرجة عالية أدين في قضية فساد كبيرة وبصدور الحكم بحقه ثم بهروبه خارج البلد، لاحقاً بأمواله التي سرقها من قوت الشعب، وهذه الأمور تساهم في عدم اطمئنان المواطن لبقاء أمواله في المصارف.

وأشار إلى أن سحب الأموال يقلل الكتلة النقدية لدى المصرف ويؤثر على قابليته للاستمرار في الوفاء بالتزاماته المالية الداخلية والخارجية وخاصة المشاريع والاستثمارات الكبيرة، مما يؤدي إلى تأخير التنفيذ فيها لأن كل تأخير في الالتزامات المالية يقابله تأخير في التنفيذ.

من جانبه قال رئيس اتحاد رجال الأعمال راغب رضا بليبل في حديث للجزيرة نت إن تردي الأوضاع الأمنية مؤخرا وازدياد الخلافات بين الكتل السياسية، انعكس سلبا على الحياة العامة للبلد، وبالخصوص على عمل المصارف الذي لم يواكب التطور الحاصل بعد عام 2003 وانفتاح العراق على العالم.

راغب رضا بليبل: تردي الأوضاع الأمنيةأثر على عمل المصارف (الجزيرة)
راغب رضا بليبل: تردي الأوضاع الأمنيةأثر على عمل المصارف (الجزيرة)

وأكد أن المواطن العراقي لا توجد لديه رغبه في سحب الأموال من المصارف لأنه يعتبرها صمام الأمان له بسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية وخوفا من تعرضها للسرقة في المنازل، مبينا أن العراق يمتلك الآن 43 مصرفا أهليا و6 مصارف حكومية.

وأضاف أن الدينار العراقي في حالة إرباك أمام الدولار مما  انعكس سلبا على عمل المصارف، وهذا يدل على ضعف سياسة الدولة في معالجة هذا الوضع, ودعا رابطة المصارف العراقية إلى تطوير موظفي القطاع بالدورات التدريبية.

شلل الدولة
وقال عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب سلمان الموسوي في حديث للجزيرة نت إن تراجع الأوضاع الأمنية وتفاقم الأزمة السياسية بين الفرقاء السياسيين، يؤدي إلى عرقلة مسيرة بناء الاقتصاد وشلل الدولة العراقية، وبالتالي يؤثر على المصارف الأهلية التي لا يرقى عملها إلى مستوى الطموح.

وأضاف أن سحب الأموال من المصارف الأهلية إشاعة بثها بعض أعداء العملية الاقتصادية في العراق من أجل شل حركة تلك المصارف، مما يؤثر على عمل السوق بشكل عام, داعيا الحكومة العراقية إلى دعم المصارف الأهلية وتكليف مؤسساتها بإيداع أموالها وفتح حسابات جارية فيها.  

وأكد أن عمل المصارف العراقية في الوقت الحالي مقبول ولكن ليس بمستوى الطموح، وذلك بسبب الأوضاع العامة التي يشهدها البلد منذ عام 2003.

المصدر : الجزيرة