قلق الحصاد في حلب

( محاصيل سوريا) : زراعة الحبوب تمتد على مسافات واسعة شمالي سوريا
undefined

لقاء مكي-حلب

مثل كل الفلاحين قبل موسم الحصاد يقف أبو علي أمام حقله الناضج بالقمح في ريف حلب يدعو ربه لجو مناسب لا يتلف الزرع. لكن ذلك ليس أكبر همومه، فهو لديه الكثير مما يكتم فرحة الحصاد رغم اقتراب جني مكاسب شقاء العام.

وعلى امتداد مئات الآلاف من الهكتارات، تمتد في الريف الشمالي بسوريا حقول الحبوب التي نضجت أو تكاد، إلى جانب محاصيل موسمية أخرى، تعرف بها سوريا، مثل العدس والكمون والبطاطا والحمص وسواها مما يشكل جزءا مهما من الصادرات التي تعرف بها البلاد وتشكل موردا أساسيا وربما وحيدا لسوق عمل زراعي ضخم يشمل ملايين الأفراد من الفلاحين وسواهم.

ورغم أن أبو علي ليس من بين كبار المزارعين لكنه مثل معظم فلاحي سوريا، يعد هكتاراته الأربع كل ثروته، وما تدره كل عام من الحبوب، سيكون رزقه ورأس مال عمله للعام القادم، لذلك فهو قلق على ما سيكون من أمر هذه السنابل في ظل وضع أمني واقتصادي صعب وخطير.

الريف الشمالي يمثل سلة الغذاء بسوريا (الجزيرة نت)
الريف الشمالي يمثل سلة الغذاء بسوريا (الجزيرة نت)

قلق متواصل
يقول أبو علي للجزيرة نت إن قلقه ومعه كل من يعرفهم من الفلاحين يبدأ من الخوف على المحصول قبل الحصاد وصولا إلى التسويق، فهو يخشى الآن أن يعمد النظام إلى قصف الحقول الواسعة والمتصلة على مساحات واسعة، بغرض إحراقها كنوع من العقاب للناس على تأييدهم للثورة.

ويؤكد أن إضرام النار في جزء صغير بقنبلة حارقة سيمتد فورا إلى مساحات شاسعة تشمل حقول مئات وربما آلاف الفلاحين في العديد من القرى، لا سيما مع عدم توفر أية تجهيزات لإطفاء الحرائق في المنطقة.

ويضيف أنه ينشغل بعد ذلك بهموم الحصاد وتوفير الحاصدات وأكياس التعبئة، متحدثا عن التكاليف العالية لكل هذه المراحل، لكنه يستدرك بالقول إنه بعد تجاوز كل هذه المشاكل سيكون علينا انتظار من سيشتري منا المحصول بقيمة مناسبة تغطي التكاليف والجهد، وهي -حسب قوله- مشكلة مقلقة له ولأقرانه من الفلاحين.

ويشير أبو علي هنا إلى الإدارة الجديدة لما يسمى بـ"المناطق المحررة" في حلب وهي أجزاء المحافظة التي باتت تحت سيطرة الجيش الحر وتشمل معظم أنحاء الريف المنتج للحبوب، فهي حسب تصوره إدارة حديثة العهد وهناك تساؤلات عن قدرتها على توفير الموارد المالية الكافية للشراء والتسويق أو إمكانات التخزين، قائلا إن مبلغ البيع للدولة الذي بات مناسبا لتغطية تكاليف الزراعة والحصاد والتعبئة لا يقل عن 40 ليرة للكيلوغرام الواحد.

نعناع: محافظة حلب ستسوق القمح لكل سوريا وليس للمناطق المحررة فقط (الجزيرة نت)
نعناع: محافظة حلب ستسوق القمح لكل سوريا وليس للمناطق المحررة فقط (الجزيرة نت)

تفاؤل المحافظ
من جانبه بدا محافظ حلب "المحررة" محمد يحيى نعناع متفائلا وهو يتحدث عن استعداداتهم لموسم حصاد الحبوب، قائلا إن صوامع التخزين تحت السيطرة لكنها قد لا تستوعب الكمية الكبيرة من الإنتاج المقدرة بـ500 ألف طن في ريف حلب وحدها، مشيرا إلى ضرورة توفير مبالغ كبيرة لتسديد استحقاقات الفلاحين.

وأضاف نعناع للجزيرة نت أن إدارته التي اختيرت حديثا لإدارة المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الحر في حلب، تواصلت مع جهات عربية مانحة للحصول على قروض يجري تسديدها لاحقا، قائلا إن هذا التمويل سيتيح شراء القمح من الفلاحين بمبلغ 23 ليرة للكيلوغرام الواحد، علما بأن النظام كان اشترى القمح في العام الماضي بمبلغ 21 ليرة.

وتابع أن النظام طرح هذا العام سعرا عاليا جدا بلغ 41 ليرة للكيلوغرام في سبيل إحراج الإدارة الجديدة للمحافظة، لكنه لم يقدم أية حلول لكيفية تسويق المحصول حتى لو كان هناك من يبيع له، مستدركا بالقول إن محافظة حلب تشعر بمسؤوليتها الوطنية، وستسوق القمح عن طريق الهلال الأحمر لكل سوريا وليس للمناطق المحررة فقط، لأن للمواطن السوري في كل أنحاء البلاد حق الحصول على حصته من هذه المادة الأساسية بغض النظر عن تبعية المنطقة التي يعيش فيها.

لكن المحافظ الذي كان ينكب على قضايا كثيرة ومعقدة وهو يؤسس لإدارة جديدة بمسؤوليات ضخمة ظل يؤكد أنه لن يألو جهدا لمعالجة قلق القلاحين، بل وعموم السوريين، ولا سيما أنه يدرك أن الريف الشمالي هو سلة غذاء سوريا.

المصدر : الجزيرة