شبح حرب العملات يثير القلق

Stacks of Swiss franc, Euro and U.S. dollar banknotes are displayed in a bank in Bern August 15, 2011. The Swiss franc rose against the euro and the dollar August 16, 2011, as renewed worries about the euro zone crisis pushed investors towards the safe-haven currency despite the Swiss National Bank's warning it could take more measures to stem the franc's rise. Picture taken August 15.
undefined

في سبتمبر/أيلول 2010، اتهم وزير المالية البرازيلي غيدو مانتيغا الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم بإشعال "حرب العملات"، مشيرا إلى أن الأسواق الناشئة تعاني بسبب ذلك من هبوط سعر صرف الدولار الذي زاد من تنافسية الصادرات الأميركية في السوق.

تصريحات مانتيغا تلك أشعلت بدورها جدلا استمر حتى اليوم.

وعادت حرب العملات لتحتل العناوين الرئيسية للصحف في الأسابيع الأخيرة بعد أن قررت حكومة شينزو أبي في اليابان إنعاش الاقتصاد، وطلبت من البنك المركزي الياباني زيادة معدل التضخم المستهدف إلى 2% بدلا من 1% في أقرب وقت، وتنفيذ برنامج لشراء الأصول.

وطوال عام 2012 ظلت العملة اليابانية تتأرجح عند نحو 80 ينا للدولار. لكن منذ نهاية العام وحتى اليوم هبطت إلى 93 ينا مقابل العملة الأميركية.

ويتوقع المحللون استمرار هبوط الين بسبب السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي الياباني ورفع المعدل المستهدف للتضخم.

وسيكون لهبوط الين تأثير على المصدرين في آسيا، حيث سيجعل ضعف الين الصادرات اليابانية أرخص في الأسواق الخارجية.

وقد ارتفع ون كوريا الجنوبية بنسبة 30% مقابل الين منذ نصف العام الماضي. ولذلك قال مسؤولون كوريون إنهم قد يتخذون إجراءات للحد من تدفق رأس المال إلى الون الذي يؤدي إلى زيادة سعر صرفه.

كما عبرت ألمانيا عن قلقها بشأن هبوط الين في الأسابيع الأخيرة. وانتقد رئيس البنك المركزي الألماني ينز فايدمان سياسة البنك المركزي الياباني التي وصفها بـ"الخروقات التي تدعو للقلق"، والتي تنهي استقلاليته.

يقول محللون إن سياسات "إفقار الجار" وسياسات الرد بالمثل هي ذاتها التي أدت إلى وضع القيود على رأس المال وفرض القيود على التجارة العالمية في بداية ثلاثينيات القرن الماضي، بحيث خنقت التجارة الدولية وتسببت في الكساد العظيم

تسييس سعر الصرف
ويقول محللون إن سياسات "إفقار الجار" وسياسات الرد بالمثل هي ذاتها التي أدت إلى وضع القيود على رأس المال، وفرض القيود على التجارة العالمية في بداية ثلاثينيات القرن الماضي، بحيث خنقت التجارة الدولية وتسببت في الكساد العظيم.

وفي وصفه لسياسة الحكومة اليابانية، قال فايدمان "سواء أكانت تلك السياسة عن قصد أم لا، فإن إحدى نتائجها ستكون بلا شك تسييس سعر الصرف".

وأضاف أن "نظام النقد الدولي استطاع أن يتخطى الأزمة العالمية دون تخفيضات تنافسية في أسعار الصرف"، وأعرب عن أمله في أن يظل الوضع كذلك.

وتتحرك العملات ليس فقط طبقا لحركة التجارة ولكن أيضا حسب الفروقات بين أسعار الفائدة. لكن مع وصول أسعار الفائدة إلى الصفر تقريبا في الغرب فإن القواعد الأساسية لم تعد هي المعيار، حيث أصبح المعيار هو كميات العملة التي تقوم البنوك المركزية بطباعتها.

وفي حال سمح للحكومات بالمنافسة في مجال أسعار الصرف عن طريق خفض أسعار الفائدة، أو تغيير مسميات الضرائب، أو تطبيق سياسات مالية لخفض قيمة عملاتها، فإن حرب العملات ستبدأ وقد لا تنتهي. وقد تكون النتيجة اشتعال حروب حمائية كالتي تسببت في الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي.

التيسير الكمي
إن المنافسة القائمة بين ما يسمى "الاقتصادات المتقدمة" هي ذاتها نتاج محاولات السياسيين عن طريق ما يعرف بالتيسير الكمي لزيادة أسعار الأصول بصورة اصطناعية، ومساعدة البنوك الخاسرة، وخفض العائد على السندات الحكومية، وفي نفس الوقت خفض قيمة الديون المتراكمة على الحكومات.

إن هذه السياسة -التي تعتبر جيدة بالنسبة لنخبة غربية مالكة للأصول- تعتبر كارثة لمدخرات الطبقة المتوسطة ولأصحاب المعاشات، حيث تؤدي هذه السياسات إلى خفض قيمة مدخراتهم.

يضاف إلى ذلك أن هذه السياسة قد تتسبب في حرب عملات تؤدي إلى الحمائية وكل ما يتمخض عنها من نتائج وخيمة.

وبإلقاء نظرة على ضخامة أسواق العملات يمكن توقع ضخامة النتائج. فسوق العملات لها ثلاث صفات رئيسية، فهي أولا ضخمة جدا، حيث تصل قيمة التعاملات فيها إلى ما بين 4 و5 تريليونات دولار يوميا، أي ما يمثل 13 ضعف النشاط الاقتصادي في العالم. ثانيا أن قيمة العملات أحيانا تعتبر بعيدة جدا عن الأسس الاقتصادية. وثالثا أن من الصعب توضيح قيمتها على أساس الناتج المحلي الإجمالي للدول، فمثلا من الصعب توضيح لماذا كان اليورو يساوي 84 سنتا أميركيا في عام 2000  ثم ارتفع ليساوي 1.60 دولار في 2008، لأن قيمة الاقتصادين الأميركي والأوروبي لم تتغير قط بتلك النسبة.

المصدر : وكالات