تهديد المجاعات للحضارة البشرية

تهديد الغذاء للحضارة البشرية - بول آر إيرليخ و آن إتش إيرليخ - الأمن الغذائي هو مصدر قلق عالمي رئيسي بينما يستعد العالم لإطعام المزيد من البشر، والإجراءات من أجل تحسين الأمن الغذائي لم تكن أكثر إلحاحا من هذه الأيام
undefined

بول آر إيرليخ وآن إتش إيرليخ

تهديدات تواجه البشرية
إطعام المزيد من البشر
المحافظة على الإنتاج الغذائي

تهديدات تواجه البشرية
تواجه البشرية زيادة في المشاكل البيئية الخطيرة والمترابطة بشكل كبير، بما في ذلك التحديات التي تمت مناقشتها على نطاق واسع مثل تغير المناخ، وتهديد مماثل أو حتى أكبر يتمثل في بقاء الكائنات العضوية التي تدعم حياتنا بتوفير خدمات حيوية بالنسبة للأنظمة البيئية، مثل تلقيح المحاصيل ومكافحة الحشرات في الزراعة.

نحن نواجه تهديدات أخرى عديدة أيضا، مثل انتشار الكيمياويات السامة الاصطناعية عالميا، والأوبئة المنتشرة، والانخفاض الدراماتيكي في نوعية الموارد المعدنية والمياه والتربة، وإمكانية الوصول إليها.

إن حروب الموارد قد بدأت فعليا. ولو اندلعت حرب "صغيرة" نووية بين الهند وباكستان -على سبيل المثال- فنحن نعرف الآن أن من المرجح أن مثل هذه الحرب فقط قادرة على أن تنهي الحضارة البشرية.

لكننا نعتقد أن أخطر تهديد لاستمرار العالم خلال العقود القليلة القادمة -وعليه اتفاق على نطاق واسع- هو تزايد صعوبة تجنب المجاعات الواسعة النطاق.

وكما ذكر تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لسنة 2013 فإن الأمن الغذائي العالمي هو مصدر قلق عالمي رئيسي، بينما يستعد العالم لإطعام المزيد من البشر من قاعدة موارد متناقصة في حقبة متقلبة وغامضة.

ويلاحظ التقرير أن هناك أكثر من 870 مليون جائع، وأن المزيد في خطر بسب الأحداث المرتبطة بالمناخ وتزايد الأسعار. وعليه فإن الإجراءات من أجل تحسين الأمن الغذائي لم تكن أكثر إلحاحا من هذه الأيام.

أخطر تهديد لاستمرار العالم خلال العقود القليلة القادمة -وعليه اتفاق على نطاق واسع- هو تزايد صعوبة تجنب المجاعات

وفي واقع الأمر، نحن نعتقد أن كل تلك التحذيرات تقريبا تقلل من أهمية مشكلة الغذاء. فعلى سبيل المثال، فإن أوجه القصور في المغذيات الدقيقة (مثل الفيتامينات والمعادن اللازمة بمقادير معينة لنمو الإنسان) قد تكون مصدر بلاء على ملياريْ إنسان إضافي تقريبا، كما أن هناك استخفافا بمصادر أخرى عديدة تعاني من الضعف، مثل التأثير المحتمل لأوجه الخلل في المناخ على الزراعة والقطاع السمكي، وكيف يمكن أن يعوق هذا التحول عن استهلاك الوقود الأحفوري إنتاج الطعام؟ وكيف يمكن أن تسرع الزراعة نفسها من التغير المناخي لكونها مصدرا رئيسيا لانبعاث غازات الدفيئة؟ بالإضافة إلى عواقب الضخ الزائد عن الحد للمياه الجوفية والتدهور المتزايد للتربة.

إطعام المزيد من البشر
إن الزراعة أيضا سبب رئيسي لخسارة التنوع البيئي، وهكذا خسارة خدمات النظام البيئي المقدمة للزراعة وغيرها من المشاريع البشرية، كما أن الزراعة مصدر رئيسي للتسمم.

ربما الأكثر أهمية هو أن معظم التحاليل تقريبا تفترض أن أعداد البشر سوف تزيد بنحو 5.2 مليارات إنسان بحلول سنة 2050، بدلا من السعي لإيجاد طرق لتخفيض ذلك العدد.

إن تفاؤل العديد من المحللين فيما يتعلق بقدرتنا على إطعام هذه الأعداد الإضافية يثير القلق، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن ملايين البشر يموتون سنويا من سوء التغذية، وكثيرون غيرهم تتأثر حياتهم سلبا نتيجة لذلك.

إن هناك خمس خطوات عادة ما تتم تزكيتها من أجل حل مشكلة الغذاء، وهي: وقف زيادة حجم الأراضي المخصصة للزراعة حتى تحافظ على خدمات النظام البيئي الطبيعي، وزيادة المحاصيل كلما أمكن ذلك، وزيادة فعالية الأسمدة والمياه والطاقة، وأن يصبح البشر نباتيين بشكل أكبر، وتقليل الفاقد من الطعام، بالإضافة إلى وقف تخريب المحيطات، وزيادة الاستثمار بشكل كبير في الأبحاث والتنمية الزراعية، وجعل التغذية الصحيحة للجميع على قمة أولويات السياسات العالمية.

إن جميع هذه الخطوات تتطلب تغييرات في السلوك البشري تمت تزكيتها منذ فترة طويلة. إن معظم الناس يفشلون في إدراك أن تبني هذه التغيرات قد أصبح أمرا أكثر إلحاحا، لأنهم لا يدركون النظام الزراعي وارتباطاته المعقدة وغير المتناسبة مع الآليات التي تؤدي إلى التدهور البيئي. إن العناصر المطلوبة لإطعام شخص إضافي سوف تأتي من مصادر أكثر ندرة وبعدا، وهي مصادر تحتاج إلى استخدام الطاقة بشكل غير متناسب، كما أنها سوف تولد كميات أكبر من غازات الدفيئة بشكل غير متناسب.

المحافظة على الإنتاج الغذائي
إن أكثر من ألف سنة من التغيرات في أنماط الطقس وهطول الأمطار -وهي جميعا أمور حيوية لإنتاج المحاصيل- قد وضعت الكوكب على طريق تزايد العواصف الشديدة والجفاف والفيضانات. وهكذا فإن المحافظة على الإنتاج الغذائي -ناهيك عن زيادته- سوف تصبح صعبة بشكل متزايد.

إن هناك حاجة لحركة شعبية من أجل توجيه الوعي الثقافي لزيادة ثقافة النظر في العواقب والتخطيط  الزراعي والبيئي والديمغرافي الذي لا يمكن للأسواق أن توفره، وعندها فقط يمكن أن نتعامل بشكل جدي مع الكارثة الإنسانية.

معظم التحليلات تقريبا تفترض أن أعداد البشر سوف تزيد بنحو 5.2 مليارات إنسان بحلول سنة 2050

انظر إلى الفوائد الغذائية والصحية لإنهاء الزيادة السكانية في العالم قبل فترة من وصولنا إلى 9 مليارات نسمة في العالم، وبداية الانحدار التدريجي لاحقا لذلك.

إن أفضل طريقة في رأينا لتقليل أعداد البشر هو إعطاء كامل الحقوق والفرص للنساء، وأن نجعل وسائل الحد من النسل متاحة لجميع البالغين. وبينما هناك جدل عن مدى نجاعة تلك الخطوات في التقليل من معدلات الخصوبة، فإن تلك الخطوات سوف توفر فوائد اجتماعية واقتصادية مهمة بتوفير مخزون هائل من القوة المتجددة للعقل البشري من أجل حل مشاكلنا، وفي الوقت نفسه إنقاذ حياة مئات الآلاف من الناس.

هل يمكن للبشرية تجنب الانهيار بسبب المجاعة؟

نعم باستطاعتنا عمل ذلك، مع أننا حاليا نضع احتمال نجاحنا في تحقيق ذلك بنسبة 10% فقط. ورغم أن هذه النسبة ضعيفة، فنحن نعتقد أنه من أجل مصلحة الأجيال المستقبلية فإن من الجدير بنا أن نعمل بجد لزيادة هذه النسبة لتصبح 11%.

إن واحدا من أكثر زملائنا تميزا وهو عالم الجغرافيا الحيوية وخبير الطاقة جيمس براون من جامعة نيو مكسيكو، لا يوافق على ذلك. فهو يعتقد أن إمكانية استدامة الحضارة البشرية تصل لنسبة 1% فقط، وهو يعتقد أنه يجدر بنا أن نحاول أن نزيد هذه النسبة لتصبح 1.1%.
ــــــــــــــــــــــــــ
بول آر إيرليخ هو أستاذ في الدراسات السكانية في دائرة العلوم البيولوجية بجامعة ستانفورد.
وآن إتش إيرليخ هي معاونة مدير ومنسقة سياسات في مركز المحافظة على البيولوجيا بجامعة ستانفورد.

المصدر : بروجيكت سينديكيت