الأزمة الاقتصادية محرك لانتخابات اليونان

مهرجان انتخابي في احدى ساحات أثينا

undefined

شادي الأيوبي-أثينا

تلاقت تقديرات المراقبين في اليونان حيال الانتخابات النيابية التي ستجري غدا الأحد على أن أي حكومة ائتلافية سيصعب عليها تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي، وأن قدوم اليسار مدعوما بفوز اليسار برئاسة فرنسا -المرجح حدوثه- قد يدفع إلى معاودة المفاوضات بشأن اتفاقية الدين اليوناني.

النائب عن حزب الديمقراطية الجديدة الوزير السابق بروكوبيس بافلوبولوس، قال للجزيرة نت إن حزبه يطلب من الناخبين تفويضا قويا للقيام بالتغييرات المطلوبة للاقتصاد.

وأضاف أنه وفي حال عدم حصوله على الأغلبية فسيطلب من الحزب الثاني -وهو باسوك- منحه "تصويت تسامح" وهو إجراء معمول به في أوروبا، معتبرًا أنه إن لم يوافق الاشتراكيون على هذا الطلب فسيتحملون المضي نحو انتخابات جديدة، محذرا من أن ذلك إجراء مضرّ بالبلد.

وحول اتفاق خطة الإنقاذ لبلاده لمواجهة أزمة ديونها الخانقة والمقدمة من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، بين أن الاتفاقية لا يمكن أن تتغير، لكن الذي يمكن تغييره هو الطريقة.

واعتبر بافلوبولوس أن حكومة رئيس الوزراء السابق جورج باباندريو فشلت في تحديد الطريقة المناسبة لتنفيذ خطة الإنقاذ.

وشدد على أن حزبه تعهد بإجراء مفاوضات جديدة في كثير من القطاعات مثل الضرائب وتخفيض الرواتب والمعاشات التقاعدية والسياسات التي تسمح بعودة السيولة إلى الأسواق اليونانية. 

بافلوبولوس وعد بإجراء مفاوضات لتعديل تطبيق خطة الإنقاذ(الجزيرة نت)
بافلوبولوس وعد بإجراء مفاوضات لتعديل تطبيق خطة الإنقاذ(الجزيرة نت)

تغيرات
أما ثيوذوريس ذريتساس، النائب عن حزب التجمع اليساري(سيريزا)، فقدر أن اليسار سيخرج قويا من الانتخابات، دون أن يعني ذلك تغير الأمور خلال فترة قصيرة، لكنه سيفتح الطريق لتغييرات كبيرة جدا، معتبرا أن أي حكومة ائتلاف بين الحزب الاشتراكي "باسوك" والديمقراطية الجديدة اليميني، سوف تكون انتقالية ومؤقتة.

واعترف ذريتساس بأن اليسار مشتت الصفوف لكنه قال إن ناخبيه يطلبون منه التوحد بشكل دائم حتى من الأحزاب التي ترفض ذلك، وهذا ما يدعم مقترح حزبه القاضي بتوحد أحزاب اليسار.

وإزاء الوضع السياسي في اليونان بعد الانتخابات، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة أثينا عارف العبيد، إن السيناريو الأول للانتخابات هو تشكيل حكومة ائتلافية من الحزبين الرئيسين، مع وجود سيناريو حكومة ائتلافية من الأحزاب اليمينية المشاركة في الحكومة.

وتوقع في تصريحات للجزيرة نت عدم حصول تغيير في سياسة اليونان الاقتصادية لأنها أصبحت ترسم من الاتحاد الأوروبي، كما أنها مرتبطة بالقروض والمساعدات الاقتصادية الأوروبية لليونان، مشيرًا إلى أن برامج الأحزاب المختلفة لا تحتوي برامج عملية بل وعودًا عامة.

تنكر للاتفاقات
من جهته اعتبر أستاذ الاقتصاد وإدارة الأزمات في جامعة سيتي سياتل في أثينا عبد اللطيف درويش أن مجيء حزب لم يوقع أو يعترف باتفاقية الدين، مثل حزب التجمع اليساري "سيريزا" الذي يشهد ارتفاعا في أسهمه مؤخرا، قد يعني التنكر للاتفاقية وطلب التفاوض بشأنها من جديد، معتبرا أن وصول الاشتراكيين إلى رئاسة فرنسا (في حال فوز فرانسوا هولاند بانتخابات الرئاسة الفرنسية) سيكون داعما لهم في هذا الأمر.

ثيوذوريس ذريتساس دعا لتوحد أحزاب اليسار (الجزيرة نت)
ثيوذوريس ذريتساس دعا لتوحد أحزاب اليسار (الجزيرة نت)

واعتبر درويش في تصريحات للجزيرة نت أن ما تتفق عليه الأحزاب الكبرى هو تطبيق الاتفاقيات الموقعة مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وهو ما يعني كذلك قصر عمر الحكومة القادمة، لأن تلك الإجراءات تضر بمصالح اليونانيين، مشيرا إلى ورود تصريحات أوروبية تتمنى فوز الأحزاب الموقعة على اتفاقية الدين الأخيرة.

واعتبر أن الأوروبيين لو واجهوا منذ البداية حكومة يونانية قادرة على المفاوضات لما استطاعوا فرض هذه الشروط التعجيزية على اليونان، لأن الاقتصاد اليونان لا يستطيع الوفاء بالتزامات الدين، كما اعتبر أنهم لا نية لديهم لإخراج اليونان من منطقة اليورو، لأن ذلك سيعني بداية النهاية للتجمع.

من جهته توقع الكاتب في صحيفة كاثيميريني بيتروس باباكوستاندينو، انهيار الثنائية الحزبية بين باسوك والديمقراطية الجديدة، رغم تنسيقهما لتشكيل حكومة "ستكون ضعيفة" بينهما تتولى تطبيق اتفاقية الدين بحذافيرها، منبها إلى إجراءات تقشفية جديدة قاسية جدا تنتظر اليونان بعد الانتخابات مباشرة.

وأشار باباكوستاندينو للجزيرة نت إلى ارتفاع حصص اليسار دون أن تستفيد من ذلك نظرا لتشتتها، مضيفا أن بعض الأحزاب اليسارية تشغلها محاربة أحزاب اليسار الأخرى بدلا من محاربة الأحزاب الكبرى.

واعتبر أن كثرة الأحزاب السياسية في اليونان مؤخرا ظاهرة مشتركة في الدول الأوروبية الواقعة تحت "إجراءات برلين التقشفية الشديدة" حيث تشهد الأحزاب الحاكمة تدهورًا كبيرا في شعبيتها.

المصدر : الجزيرة