هروب المستثمرين من إسبانيا بسبب التقشف

Thousands of people take part in an anti-austerity demonstration in Madrid on March 11, 2012. This is a test of support for a general strike called for March 29. AFP PHOTO/ PIERRE-PHILIPPE MARCOU
undefined

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إنه منذ بداية الأزمة المالية في أوروبا قبل أكثر من عامين، تمسك المدافعون عن الاتحاد النقدي الأوروبي أو منطقة اليورو بمقولة أساسية، هي: إنه لو التزمت الاقتصادات الضعيفة في منطقة اليورو بسياسة التقشف رغم هبوط النمو الاقتصادي وزيادة معدلات البطالة، لأصبح رد فعل الأسواق إيجابيا إزاء شراء السندات الحكومية في تلك الاقتصادات.

ويعترف هؤلاء بأن الكلفة الاجتماعية ستكون عالية، لكن الاقتصاد سيستفيد على المدى البعيد من هبوط سعر الفائدة الذي سيؤدي أيضا إلى تشجيع الاستثمارات.

وأضافت الصحيفة أن هذه النظرية أثبتت خطأها في البرتغال وإيرلندا واليونان التي حصلت على أموال إنقاذ.

ويجري حاليا اختبار النظرية أيضا في إسبانيا حيث يزداد العائد على السندات الحكومية والضغوط من المستثمرين كلما وعدت الحكومة بإجراءات تقشف أكثر تشددا.

محللون يتوقعون أن  تضطر الحكومة الإسبانية قريبا إلى إنقاذ بنوكها، وهو ما قد يستدعي طلبها لأموال خارجية تفوق بكثير الأموال التي طلبتها كل من اليونان والبرتغال وإيرلندا للإنقاذ

خطأ الإجراءات الإسبانية
وقالت نيويورك تايمز إن خفض مؤسسة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني لإسبانيا نهاية الأسبوع الماضي ثبت ما شعر به المستثمرون لعدة أشهر، وهو أنه سيكون من المستحيل على إسبانيا خفض عجز موازنتها بينما تعاني من أسوأ حالات الركود في منطقة اليورو.

ودعم هذا الرأي ارتفاع معدل البطالة إلى 24.4% الذي أعلن عنه أمس وهو الأعلى في أوروبا.

لكن هذه التقارير لم تفاجئ المستثمرين كما لم تفاجئ المحللين والاقتصاديين الذين يتوقعون أن تضطر الحكومة قريبا إلى إنقاذ بنوكها، وهو ما قد يستدعي طلبها لأموال خارجية تفوق بكثير الأموال التي طلبتها كل من اليونان والبرتغال وإيرلندا للإنقاذ.

وطبقا للمحلل ببنك كريديت أغريكول شوفرو في مدريد لإنيغو فيغا فإن نحو مائة مليار يورو (132 مليار دولار) قد هربت إلى خارج إسبانيا في العام الماضي، وكان معظمها من شركات التأمين وصناديق المعاشات والصناديق السيادية مما خفض استثماراتها في السندات الإسبانية.

وزادت تدفقات تلك الأموال في الأشهر الماضية.

وباع المستثمرون السندات للبنوك الإسبانية التي تمتلك السيولة بصورة مؤقتة بعد أن قام البنك المركزي الأوروبي بضخ رأس المال في هذه البنوك بفائدة متدنية لمساعدتها في الأزمة الحالية.

وقالت نيويورك تايمز إن تدفق الأموال إلى خارج إسبانيا يعني أن السياسات الحالية لأوروبا والتي تفرض على الدول ضرورة القيام بإجراءات لتحسين قدرتها على المنافسة عن طريق خفض الإنفاق وخفض المرتبات، لن تؤدي إلى زيادة في النمو الاقتصادي سواء في اليونان أو إيطاليا أو إسبانيا.

المستثمرون يتجهون للخارج
ويقول محلل شؤون الائتمان في سيتي غروب بلندن مات كنغ "مع ضعف النمو سيتجه المستثمرون إلى الخارج".

ويشير إلى هبوط شديد في الاحتياطيات الخارجية للسندات الإسبانية والإيطالية، ويقول إنها ستتقلص بصورة متزايدة مع خفض الجدارة الائتمانية لإسبانيا من قبل مؤسسات ائتمانية أخرى تضاف إلى ستاندرد آند بورز.

ويعني خفض الجدارة تحويل السندات للدولتين إلى "جنك أو خردة" لتدور في نفس الدورة التي حدثت لليونان وإيرلندا والبرتغال، مما اضطرها إلى طلب الإنقاذ.

132 مليار دولار هربت إلى خارج إسبانيا في العام الماضي، كان معظمها من شركات التأمين وصناديق المعاشات والصناديق السيادية

فقد اضطرت الدول الثلاث إلى طلب أموال الإنقاذ من أوروبا وصندوق النقد الدولي بعدما أخفقت في بيع السندات بسبب ارتفاع العائد عليها.

وقالت نيويورك تايمز إن الحكومة الإسبانية والمؤيدون لإجراءات الإصلاح الاقتصادي التي تقوم بها يقولون إن الإجراءات ستؤدي إلى تحسن سوق العمل وإلى خلق وظائف جديدة. لكن الصحيفة قالت إن تجربة اليونان وإيرلندا أظهرت أنه سيكون أمام إسبانيا وقت طويل جدا لتحقيق مثل هذا التغيير.

وعلى المدى المتوسط فإن خفض الإنفاق مع استمرار الركود سيؤدي فقط إلى فقدان المزيد من الوظائف وليس إلى العكس. ولهذا السبب يتوقع المحللون زيادة معدل البطالة إلى 30% قبل أن تبدأ في الهبوط.

وقالت الصحيفة إن أوروبا وإسبانيا ستستمران في التأكيد على أن هذا الطريق هو الأفضل حاليا، لكن ذلك سيدفع المزيد من المستثمرين إلى الهروب.

المصدر : نيويورك تايمز