خيارات أثينا بين الإصلاح والنمو الاقتصادي

Communist party affiliated protesters march under the rain during a demonstration against new austerity measures in front of the Greek parliament in Athens on February 22, 2012. Greek unions staged new protests as parliament prepares to debate a draft bill needed to secure an unprecedented eurozone bailout and debt swap.
undefined

قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إن تحذيرا أطلقه رئيس البنك المركزي اليوناني جورج بروفوبولوس -عضو مجلس المحافظين بالبنك المركزي الأوروبي- يوم الاثنين الماضي مثلت إشارة نادرة إلى احتمال انسحاب اليونان من منطقة العملة الأوروبية الموحدة والعودة إلى عملتها الوطنية.

وأضافت أن بروفوبولوس قال في خطاب له إن أي انحراف عن طريق أهداف التقشف بعد الانتخابات العامة التي ستجرى في 6 مايو/أيار القادم قد تضطر البلاد إلى الانسحاب من منطقة اليورو، رغم أن البنك المركزي اليوناني قال في وقت سابق إن الاقتصاد قد ينكمش بأكثر من 5% هذا العام.

وأضافت أن بروفوبولوس حذر بصورة لا تقبل الجدل بأن بلاده يجب أن تختار بين إصلاح الاقتصاد والحاجة لدفع النمو الاقتصادي. كما أكد بروفوبولوس أنه لا يوجد طريق سهل إلى خارج الأزمة وأنه يجب إجراء الإصلاحات بتصميم.

كما ذكر أن الخيار الموجود حاليا هو إما إصلاح الاقتصاد بصورة منظمة ولكنها قاسية بالتعاون مع منطقة اليورو، وإما التراجع الاقتصادي والاجتماعي الذي سوف يتسبب في تخلف البلاد إلى عقود سابقة، وقد ينتهي بها المطاف إلى الطرد من منطقة اليورو ومن الاتحاد الأوروبي.

وتكافح اليونان للعام الخامس على التوالي هذا العام من الركود الذي ضاعفته إجراءات التقشف المفروضة من قبل الجهات الدائنة بعد حزمتين للإنقاذ استهدفتا إخراجها من الأزمة المالية، فيما خفض البنك المركزي اليوناني تقديراته لانكماش الاقتصاد إلى 4.5% هذا العام من 6.9% في العام الماضي.

تحاشي ذكر الانسحاب
وقالت وول ستريت جورنال إن المسؤولين بالاتحاد الأوروبي يتحاشون التطرق إلى احتمال انسحاب أي دولة من دول اليورو من المنطقة خوفا من أن يدفع ذلك المستثمرين إلى التزاحم على سحب أموالهم من الدول الضعيفة الأخرى بالمنطقة مثل إسبانيا والبرتغال.

جورج بروفوبولوس: أثينا يجب أن تختار بين إصلاح الاقتصاد والحاجة لدفع النمو الاقتصادي (الأوروبية)
جورج بروفوبولوس: أثينا يجب أن تختار بين إصلاح الاقتصاد والحاجة لدفع النمو الاقتصادي (الأوروبية)

ووافق صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي في الشهر الماضي على الحزمة الثانية لإنقاذ اليونان وقوامها 130 مليار يورو (171 مليار دولار) لمساعدة أثينا حتى 201 أو 2015. لكن الشروط التي فرضها الدائنون تركت آثارا عميقة في النظام الاجتماعي لليونان مما جعل النقاش بشأن مسألة التقشف محورا أساسيا للانتخابات القادمة.

وأدت الأزمة الاقتصادية في البلاد إلى جعل أكثر من واحد من كل خمسة عمال في اليونان بلا عمل، بل وصلت البطالة بين الشباب دون سن الخامسة والعشرين إلى 50%, وزاد عدد المشردين وإفلاسات الأفراد وزادت معدلات الجريمة والانتحار، والوفيات التي سببها تدهور الخدمات الصحية، بينما هاجر المتعلمون للبحث عن فرص خارج البلاد.

وبعد عودته من اجتماعات الصندوق والبنك الدوليين من واشنطن في الأسبوع الماضي قال وزير المالية اليوناني فيليبوس ساشينيدس إنه قد يحصل تخفيف إجراءات التقشف المطبقة منذ عامين من أجل استعادة النمو الاقتصادي.

وقالت وول ستريت جورنال إن الانتخابات العامة التي ستجرى في اليونان في الشهر القادم لن تكون حاسمة وسوف تعيد التركيز إلى مخاوف المستثمرين من الوضع في أوروبا بالتزامن مع الوضع السياسي الحالي في فرنسا وهولندا والذي زاد من مواطن المشاكل في منطقة اليورو.

ففي فرنسا تغلب الاشتراكي فرانسوا هولاند -الذي يميل إلى تأييد سياسة النمو الاقتصادي- على الرئيس نيكولا ساركوزي في أول جولة للانتخابات الرئاسية قبل أيام. وفي هولندا انهارت الحكومة بعد انسحاب حزب صغير من التحالف الحاكم بعد رفضه إجراءات التقشف الجديدة.

وفي اليونان يطلب حاليا من المنتخبين اختيار خليفة لرئيس الوزراء لوكاس باباديموس، النائب السابق لرئيس البنك المركزي الأوروبي.

معارضة الإصلاحات
وتفيد استطلاعات الرأي بأن أكثر من نصف الأصوات ستذهب لصالح الأحزاب المعارضة للإصلاحات وقد يؤدي ذلك إلى برلمان مقسم.

وهناك مخاوف من أن الحكومة القادمة سيكون أمامها طريق صعب للحصول على الإجماع المطلوب لإقرار الإصلاحات الاقتصادية الجديدة، وهو برنامج أدى هذا العام إلى سلسلة من الإضرابات والاحتجاجات العنيفة في الشارع اليوناني.

يرى ثلثا اليونانيين أنه يجب على الحكومة القادمة إعادة المفاوضات فيما يتعلق ببرنامج التقشف

ويتقدم حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ على الأحزاب الأخرى في استطلاعات الرأي، ومن المتوقع أن يكون زعيمه أنتونيوس ساماراس رئيس الوزراء القادم لليونان. لكن ساماراس لن يحصل على المقاعد الكافية في البرلمان للحكم بمفرده، ولذلك قد يجدد تحالفه مع حزب باسوك الاشتراكي.

وستكون المهمة الأولى لرئيس الوزراء القادم تقديم تفاصيل خطة بنهاية يونيو/حزيران القادم لإجراء خفض في الإنفاق بمقدار 11 مليار يورو.

ويزداد عدد اليونانيين الذين يرون أن برنامج التقشف لم ينجح وأنه يجب إعادة النظر فيه. وطبقا لاستطلاع للرأي أجري مؤخرا يرى ثلثا اليونانيين أنه يجب على الحكومة القادمة إعادة المفاوضات فيما يتعلق ببرنامج التقشف.

وقبل ما يقل عن سنة واحدة كان معظم اليونانيين يعتقدون أن البرنامج غير عادل لكن لا يمكن تجنبه، بغض النظر عن من يحكم البلاد.

ويقول وزير المالية اليوناني فيليبوس ساشينيدس إن زعيما يختاره الشعب هو الوحيد الذي سوف يستطيع اتخاذ قرارات صعبة تحتاجها البلاد، مما يوحي باستبعاده احتمال إعادة انتخاب رئيس الوزراء الحالي لوكاس باباديموس.

ويضيف أنه يعتقد أن الذي يقود البلاد يجب أن يكون سياسيا راغبا وقادرا على اتخاذ القرارات التي تخرج البلاد من الأزمة، وأنه بالرغم من حالة عدم الرضا السائدة في الشارع اليوناني، فإن معظم اليونانيين يؤيدون استمرار عضوية بلادهم في منطقة اليورو.

المصدر : وول ستريت جورنال