إنقاذ اليونان يقسم حكومة ميركل

البنك المركزي الأوربي في فرانكفزرت . الجزيرة نت

ميركل تقاوم ضغوطا داخلية بشأن مساهمة برلين في إنقاذ اليونان (الجزيرة نت)


خالد شمت-برلين

 

يثير التعامل مع الأزمة المستفحلة لديون اليونان خلافات بين أحزاب الائتلاف الحاكم في ألمانيا، حيث عارضت المستشارة أنجيلا ميركل دعوة وزير ماليتها ورئيس الحزب الديمقراطي الحر فيليب روسلر إلى عدم استبعاد احتمال إفلاس اليونان.

 

وطالب الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري بطرد أي دولة ترفض مواصلة تنفيذ إجراءات التقشف والالتزام بمعايير إنقاذ اليورو، من دائرة الاتحاد الأوروبي.

 

وأشعل روسلر الذي يعد حزبه الشريك الثاني في حكومة ميركل جدلا حادا، بعد دعوته في مقال كتبه بصحيفة "دي فيلت" الألمانية إلى عدم استبعاد إمكانية اللجوء إلى إفلاس منظم لأثينا.

 

وقال روسلر -الذي يشغل أيضا منصب نائب المستشارة الألمانية- إن إعلان أثينا عن عجزها عن سداد الرواتب والمعاشات التقاعدية للمواطنين بنهاية أكتوبر/تشرين الأول القادم ينبئ باحتمال تخلف أثينا عن سداد ديونها.

 

وجاء حديث روسلر عن احتمال إفلاس اليونان بعد إعلان وزارة المالية الألمانية عن استعدادها لسيناريو عودة أثينا لعملتها القديمة (الدراخما)، مما تسبب في تراجع مؤشر داكس ببورصة فرانكفورت عن معدل 5000 نقطة لأول مرة منذ عامين.

 

حزب مشارك بحكومة ميركل دعا إلى إخراج الدول التي لا تنفذ إجراءات التقشف من الاتحاد الأوروبي (رويترز)
حزب مشارك بحكومة ميركل دعا إلى إخراج الدول التي لا تنفذ إجراءات التقشف من الاتحاد الأوروبي (رويترز)

تأييد بافاري

واعتبر الأمين العام للحزب الديمقراطي الحر كريستيان ليندر أن ما قاله زعيم حزبه روسلر يكسر حاجز جدار صمت فرضته حكومة ميركل حول الحديث عن إمكانية إفلاس اليونان.

 

وأيد رئيس وزراء ولاية بافاريا الجنوبية وزعيم الحزب المسيحي الاجتماعي هورست زيهوفر دعوة وزير روسلر إلى التحسب لسيناريو إفلاس اليونان، وقال زيهوفر -الذي يعتبر حزبه الشريك الثالث في الحكومة الألمانية- إن الدول غير الراغبة على المدى البعيد في مواصلة إجراءات التقشف والوفاء بمعايير استقرار وإنقاذ اليورو يجب إخراجها من منطقة اليورو.

 

ورأى رئيس الوزراء البافاري أن تحقيق مطلبه مهم لدفع الأخطار المحدقة باليورو وعدم تحول الاتحاد الأوروبي إلى ناد للمَدينين.

 

وفي محاولة لتهدئة الأسواق ردت ميركل على ما قاله شركاؤها في الحكومة، وشددت على عزم حكومتها وشركائها الأوروبيين على بذل كل ما يمكن لمساعدة أثينا على تجنب التخلف عن سداد ديونها والحيلولة دون إفلاسها.

 

وقال شتيفان زيبرت المتحدث باسم ميركل إن الاتفاقيات القانونية والسياسية لا تسمح بخروج أي دولة من منطقة اليورو، التي تضم 17 دولة أوروبية، ورأى رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض فرانك فالتر شتاينماير "أن حديث وزير المالية الألماني عن احتمال إفلاس اليونان يهدد مستقبل الاتحاد الأوروبي بأكمله ويؤشر على احتمال سقوط حكومة ميركل".

 

طيبي السعداوي: التراجع الخطير لاقتصاد أثينا سيؤدي لعجز المساعدات الأوروبية عن النهوض بميزانيتها (الجزيرة نت)
طيبي السعداوي: التراجع الخطير لاقتصاد أثينا سيؤدي لعجز المساعدات الأوروبية عن النهوض بميزانيتها (الجزيرة نت)

تداعيات الإفلاس

وتزامن الجدل السياسي الألماني حول أزمة الديون اليونانية مع توجه وفد الترويكا الدولية، المكون من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوربي، إلى اليونان لمراقبة تنفيذ حكومة جورج باباندريو للمزيد من إجراءات التقشف.

 

واعتبر محلل مالي ببورصة فرانكفورت للأوراق المالية أن استمرار التراجع الخطير لاقتصاد اليونان نتيجة تجاوز ديونها 340 مليار يورو (466 مليار دولار) ووصول نسبة فوائد الديون إلى 18% سيؤدي إلى عجز المساعدات الأوروبية عن تمكين أثينا من النهوض بميزانيتها العامة.

 

وأشار طيبي السعداوي في تصريح للجزيرة نت إلى أن تفاقم هذه الأوضاع سيرجح احتمال خروج اليونان طواعية من منطقة اليورو العام المقبل، مضيفا "خيار إفلاس أثينا سيكون الأقل تكلفة من الناحية الاقتصادية، غير أن تداعياته السياسية والاجتماعية ستكون كارثية على منطقة اليورو وعلى الاقتصاد العالمي".

 

"
استفادة الاقتصاد الألماني -القائم على التصدير- من استخدام اليورو تفرض على ميركل السعي لضخ المزيد من المساعدات لليونان
"

دافعو الضرائب

وأوضح السعداوي أن إفلاس اليونان سيكبد ألمانيا خسائر فادحة باعتبارها أحد أكبر دائني اليونان والضامنين لها بمليارات الدولارات في خطة الإنقاذ الأوروبية، ولفت إلى أن تحمل البنك المركزي الأوربي لقدر كبير من ديون اليونان عند إفلاسها سيعود بخسائر بالمليارات على دافعي الضرائب الألمان.

 

وخلص الخبير المالي إلى أن استفادة الاقتصاد الألماني، القائم على التصدير منذ سنوات، من استخدام  اليورو تفرض على حكومة ميركل العمل على ضخ مزيد من المساعدات الأوروبية لليونان، والمساعدة في جدولة ديونها.

المصدر : الجزيرة