تحذيرات من انهيار الاقتصاد اليمني

البنك المركزي اليمني يعاني من شح السيولة النقدية (الجزيرة نت )
البنك المركزي اليمني يعاني من شح السيولة النقدية (الجزيرة نت)

 
ألقت الاحتجاجات المستمرة في اليمن منذ شهرين بظلال قاتمة على الأوضاع المعيشية للناس حيث ارتفعت أسعار السلع والمواد التموينية بشكل ملحوظ.
 
وقد قفز سعر كيس السكر وزن خمسين كيلوغرام إلى 11 ألف ريال (50 دولارا) من  تسعة آلاف ريال قبل الأحداث في حين صعد سعر الدقيق إلى 5400 ريال مقابل 4500 كما زادت أسعار حليب الأطفال والسمن وغاز الطبخ بنسب متفاوتة.  
 
وقد أدى ارتفاع سعر صرف الدولار وتدافع الناس على شراء هذه السلع وتخزينها، بعد أن كشفت وزارة التجارة والصناعة أن المواد الغذائية المتوفرة في الأسواق اليمنية تكفي الاستهلاك لفترة تتراوح بين 4 و6 أشهر، إلى ارتفاع أسعار تلك السلع.

تفشي البطالة
كما ساهمت الأحداث الجارية في اتساع رقعة البطالة في قطاعات اقتصادية عديدة في مقدمتها البناء والتشييد الذي يعمل به نحو مليون عامل.

 
وقدرت إحصائية صدرت حديثا عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي ناتج القطاع  بـ1.4 مليار دولار في العام الماضي وبنسبة 5.6 من الناتج المحلي الإجمالي.
 
وأكد مدير مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر للجزيرة نت أن الكثير من عمال السياحة والنقل والإنشاءات فقدوا وظائفهم نتيجة تعثر المشاريع الحكومية وضعف الحركة التجارية. 
 
وحذر نصر من دخول اليمن في مرحلة انهيار اقتصادي كبير مطالبا القطاع الخاص بتطبيق الإضراب الشامل للضغط على الرئيس بالتنحي وإنهاء الأزمة التي تعصف باليمن فورا.
 


جبران توقع إقدام الحكومة على طبع عملة نقدية جديدة (الجزيرة نت)
جبران توقع إقدام الحكومة على طبع عملة نقدية جديدة (الجزيرة نت)

الإنفاق الجاري

توقعات المحللين الاقتصاديين تشير إلى أن نفقات الدولة وإقدام السلطة على تفريغ الخزينة لإنفاقها على المؤيدين للرئيس لعبت دورا جوهريا في تدهور الحالة الاقتصادية. 
 
وأظهرت وثيقة رسمية نشرتها أسبوعية التجمع أن الخزانة العامة تكبدت 19 مليون ريال تم صرفها في يوم واحد على الموالين في مديرية واحدة من مديريات أمانة العاصمة العشر. 
 
ووفقا للصحيفة فإن إجمالي المبالغ المنفقة شهريا في عموم محافظات الجمهورية بلغت 335 مليون دولار.
 
ويلفت الخبير الاقتصادي محمد جبران إلى أن مواجهة هذه النفقات فضلا عن  تطبيق  إستراتيجية التوظيف الجديدة والعلاوات والضمان الاجتماعي التي اعتمدتها الحكومة بداية الاحتجاجات سيكلف الخزينة العامة مبلغ 800 مليار ريال نحو (3.9 مليارات دولار).
 
وقال للجزيرة نت إن الحكومة أوقفت مدفوعات جميع المقاولين والأنشطة الاستثمارية بشكل كامل نظرا لعدم توفر سيولة في البنك المركزي اليمني.
 
وتوقع جبران إقدام الحكومة على طبع عملة نقدية جديدة خلال الأسابيع القليلة المقبلة -في حال استمرار الأزمة السياسية الراهنة- وسينتج عن ذلك تدهور أكبر في قيمة الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية.
 
انعدام السيولة
وكانت إحصائية رسمية حديثة صادرة عن البنك المركزي قد ذكرت أن إجمالي القروض التي حصلت عليها الحكومة من البنوك التجارية ومن صندوق التقاعد العسكري ومؤسسة الضمان الاجتماعي -على هيئة أذون خزانة– بلغت 1.484 تريليون ريال (7 مليارات دولار) بنهاية العام الماضي، مقارنة بـ150 مليار ريال في عام 2005.
 

"
خسائر الاقتصاد اليمني ارتفعت إلى نحو 1.3 مليار دولار خلال شهري فبراير/شباط ومارس/آذار الماضيين

"

وبحسب جبران فإن البنوك التجارية لا تمتلك حاليا السيولة الكافية التي تمكنها من إقراض الحكومة لتغطية نفقاتها اليومية والتزاماتها الشهرية في ظل تراجع الإيرادات الضريبية والجمركية وشح الإمكانات وتراجع إنتاج النفط وتدني احتياطيات النقد الأجنبي إلى 5.7 مليارات دولار.
 
وأكد أن إطالة الأزمة السياسية -وهي هدف تسعى إليه السلطة- سيدخل الاقتصاد اليمني في حالة انكماش مفزعة لا يستطيع معها أن يستعيد عافيته إلا بعد سنوات عديدة.
 
وفي قطاع النفط تحدثت تقارير اقتصادية عن  تأثر القطاع بشكل مباشر نتيجة توقف العديد من الشركات عن العمل ورحيل موظفيها فضلا عن تفجير قبائل مأرب لأنبوب نفط ومنع إعادة إصلاحه.
 
وجراء ذلك أشار الباحث الاقتصادي سعيد عبد المؤمن للجزيرة نت إلى أن خسائر الاقتصاد اليمني ارتفعت إلى نحو 1.3 مليار دولار خلال شهري فبراير/شباط ومارس/آذار الماضيين.
 
وعزا  هذه الخسائر إلى وقف إنتاج وتصدير النفط إلى جانب توقف إمدادات السوق المحلية بالغاز المنزلي وغاز السيارات ولجوء الحكومة إلى الاستيراد من الخارج لتغطية هذه الاحتياجات.
 
لكن جمال الحضرمي المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء نفى إقدام الحكومة على طبع عملة جديدة لمواجهة الإنفاق وأكد للجزيرة نت أن الوضع الاقتصادي ما زال متماسكا برغم الأحداث. 
المصدر : الجزيرة