تقشف أوروبا يضعف مقومات النمو

r_Protesters walk in between cars next to Madrid' Colon Square during a demonstration by private security guards, who are demanding better job conditions, in downtown Madrid March
متظاهرون إسبان يطالبون بتحسين ظروف الوظائف (رويترز–أرشيف)

تساءلت وول ستريت جورنال الأميركية عن مدى نجاح أوروبا في تحقيق نمو اقتصادي دائم رغم خطة الإنقاذ التي أعلنتها دول الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، في ظل إجراءات تقشف حكومية في إسبانيا ودول أخرى في جنوب أوروبا.

 
وقالت الصحيفة إن ما يثير قلق المستثمرين ما ورد من تقارير بأن أسعار السلع -باستثناء أسعار الطاقة والمواد الغذائية- انخفضت بصورة كبيرة لأول مرة على الإطلاق.
 
وأشارت إلى أن إسبانيا -رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو- التي تتحمل عبء ديون أكبر من اليونان، سيكون من الأصعب عليها تسديد ديونها.
 
وقد انخفضت أسعار السلع -باستثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة- في كل من البرتغال وإيرلندا.
 
ونقلت الصحيفة عن اقتصاديين أن الانكماش في أسعار السلع لن يكون خطرا إذا استمر فقط لبضعة أشهر. لكن إذا توقع المستهلكون استمرار هبوط الأسعار وأخّروا الإنفاق على أمل الحصول على أسعار أرخص، فإن الانكماش قد يمثل تهديدا اقتصاديا ويخفض بالتالي عائدات الحكومة من الضرائب. وقد يدفع ذلك الحكومات إلى إجراءات تقشف أخرى، الأمر الذي يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية وسياسية.
 
ومنذ الإعلان عن خطة الدعم الأوروبية وقوامها نحو تريليون دولار، تحول اهتمام الأسواق إلى سؤال أساسي وهو: كيف يمكن لاقتصادات أوروبا التي تعاني من مشكلات أن تنمو بالتزامن مع خطط التقشف القاسية؟ كما أن تقديم المساعدات سيؤثر على الاقتصادات القوية في ألمانيا وفرنسا.
 
ويقول محلل شؤون العملات في بنك يو.بي.أس السويسري بريان كيم إنه "حتى إذا سارت الأمور في الطريق الصحيح فإننا سنرى ضعفا في اليورو".
 
وتعهدت دول منطقة اليورو وإسبانيا والبرتغال وإيرلندا بخفض الإنفاق وزيادة الضرائب في السنوات القليلة القادمة، في مسعى يستهدف السيطرة على تفاقم عجوزاتها.
 
ويقول المحلل بمجموعة مورغان تشيز لورنس إيغلز إن خطط التقشف تخفض احتمال استمرار النمو الاقتصادي.
 
ويعني ذلك ضعف مقدرة الحكومات على تسديد ديونها، خاصة إذا استمر معدل التضخم في مستويات منخفضة.
 
ولفتت وول ستريت جورنال إلى أن دولا مثل إسبانيا وإيرلندا دفعت النمو الاقتصادي بمنطقة اليورو إلى الأمام لعدة سنوات، فعلى سبيل المثال ارتفع نمو الطلب المحلي في البلدين بمعدل بلغ ضعف المعدل في بقية دول منطقة اليورو في السنوات التي سبقت الركود عام 2008.
 
كما أشارت إلى أن اقتصاد منطقة اليورو لا يكاد يخرج من أعمق فترة ركود في عدة عقود، فقد نما الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بمعدل سنوي بلغ 0.8% في الربع الماضي من هذا العام، وهو أقل بكثير من معدل النمو في الولايات المتحدة.
 
آثار عكسية
ويخشى اقتصاديون انعكاس خطة التقشف في إسبانيا حيث أعلنت عن خفض الإنفاق وزيادة الضرائب يوم الخميس الماضي. وقد استطاع الاقتصاد الإسباني بصعوبة النمو في الربع الماضي بعد هبوط استمر لعام ونصف، كما بلغ معدل البطالة 20% وهو ضعف المعدل في منطقة اليورو.
 
وقالت مجموعة باركليز كابيتال في مذكرة لعملائها "إن اهتمام أسواق المال سيتحول عن أمور السيولة على المدى القريب إلى الآثار الاقتصادية لسياسات التقشف".
 
ومن غير المتوقع أن تستطيع الاقتصادات الضعيفة في منطقة اليورو الاستفادة من انخفاض سعر صرف اليورو، على عكس ألمانيا التي زادت من إنتاجيتها وتنافسيتها الصناعية في العقد الماضي.
 
ففي السنوات التي أعقبت إصدار اليورو كانت اقتصادات المنطقة الضعيفة تشهد فقاعة العقارات ونمو الاستهلاك الذي يعتمد المزيد من الديون، ولم تكن تعتمد على زيادة الصادرات.
 
ويقول ماركوس فاتر رئيس قسم الشؤون المالية بمؤسسة سيك أي.جي في دوسلدورف إن انخفاض اليورو يساعد ألمانيا على المنافسة التجارية مع آسيا والولايات المتحدة. لكن من الناحية الأخرى يقول توماس كيميريتش الذي يعمل كتاجر في ألمانيا إن الأزمة الأوروبية التي تسببت في انخفاض اليورو وآثارها التضخمية تنعكس بصورة سلبية على المستهلكين الألمان المقتصدين في الأصل.
 
كما تواجه اقتصادات ألمانيا وفرنسا وهولندا -التي تعتبر في وضع أفضل من اليونان- بعض المخاطر، فقد التزمت بتقديم القروض لليونان طبقا لخطة الإنقاذ. وإذا طلبت إسبانيا المساعدة طبقا للخطة فإن الاقتصادات القوية بمنطقة اليورو ستشهد ضغوطا أكبر على أسعار الفائدة على سنداتها.
المصدر : وول ستريت جورنال